بقلم : عبود مزهر الكرخي
لقد كان خلاف بين علماء الشيعة والعامة وعلى مر التاريخ حول السبب في وفاة الرسول الأعظم محمد(ص) والذي كان في الثامن والعشرين من شهر صفر الخير في آخر العام العاشر الهجري وقبل بداية العام الحادي عشر الذي يصوِّر فيه المخالفون بأن وفاة نبينا الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) كانت في العام الحادي عشر بناءً على القاعدة الخاطئة التي سنَّها لهم عمر بن الخطاب بأن بداية العام الهجري هو شهر محرَّم الحرام وليس ربيع الأول، مع العلم ان هجرة النبي الأكرم محمد(ص)كانت في اليوم الأول من ربيع الأول وقد أبات على فراشه مولانا أمير المؤمنين عليّ عليه السلام. ولو دققنا في أمر معين فنجد أن علماء العامة قد ثبتوا وأرخّوا تاريخ الولادة الميمونة للرسول ولكن لا نجد في مناسباتهم تاريخ وفاة الرسول عندهم كما هم يذكرون في أن الرسول قد توفى بعكس الكثير من علماء السنة وعلماء الشيعة كلهم يؤكدون انه استشهد بأيادي خفية والمثير للسخرية أن بعض علماء السنة والجماعة يؤرخون وفاة النبي كما هم يدعون بأنه توفى طبيعياً في نفس يوم ولادته، وهذا ما يثير الاستغراب في أنه كيف الاحتفال بوفاة النبي الأكرم محمد(صل الله عليه وآله)في يوم ولادته وتقام الأفراح ومظاهر، وهذا له تفسير عندي وبقناعاتي الشخصية، أنه يتوافق مع ما يدعون من المخالفين من النواصب من كتاب وعلماء في أن يوم عاشوراء يوم فرح وسرور والذي فيه استشهد فيه سيدي ومولاي الإمام الحسين(عليه السلام)وهو ما يتوافق مع أهواء الأمويين والعباسيين ومن لف لفهم من النواصب الذين موجودين في كل مكان وزمان.
فالمشهور بين العامة والخاصة وعند كل المحققين ان وفاة الرسول محمد(ص) كان قد مات مسموماً ولكن السواد الأعظم من علماء الفريقين يجهلون التحقيق في السبب العلمي للوفاة بل هم أقرب للتقليد حالهم حال السواد العام من الناس…ولهذا فإن الوفاة هي الحاصلة المحصلة بين المحققين والتي لا خلاف عليها ” الخلاف وقع بمسبَب السُّم أي الداس للسمّ في دواء أو طعام تناوله النبيّ الأعظم :هل هو إمرأةٌ يهودية كما ادعى جمهور العامة على ذلك، ام أن المسبّب هو بعض أزواج النبي (صلَّى الله عليه وآله) كما هو شائع ومشهور بين محققي الأمامية القدامى والجدد، ولا عبرة بقول الشواذ منهم ممن لا تحصيل عنده… “ (1).
وفي شهر ربيع الأول تمر علينا مناسبة عزيزة وهي ولادة الرسول الأعظم محمد(ص) الذي هو مبعوث رحمة للعالمين وليس لمذهب أو دين معين أي ديننا الإسلامي الحنيف وهذا ما ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه حين قال {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(2).
ومن هنا فان الله جل وعلا قد ارسل الأنبياء والرسل تترا والى كل الأمم والشعوب واغلبهم كانوا يكفرون ما انزل به الأنبياء وهذا ما حصل مع قوم عاد وثمود ونوح وإبراهيم… ليصل الى بنو إسرائيل الذين كانوا لهم مواقف مشهودة في معصية الله مع نبيهم موسى (ع) وقتلهم الأنبياء وارتكاب المحارم والمأثم كلها ليصفهم القرآن العظيم ويقول { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا }(3).
وليكونوا أقوام معروفة بالغدر والخيانة. وفي حديث القرآن عن اليهود يتبين لقارئه: أنهم جنس متميز في الشر والغدر، فهم أئمة في الضلال والكفر! وقد تكرر في القرآن ورود قتل بني إسرائيل أنبياءهم بغير حق، مثل قول الله تعالى: { أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}(4). وقوله تعالى: { وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ }(5)، وقوله تعالى: { وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ}(6).
وحتى عندما بعث اليهم نبي الله عيسى(ع)أرادوا ان يقتلوه بصلبه على الصليب الذي كان يقتلون به الموحدين من قبل إسرائيل ففي الانجيل ” يقول (كما كان آباؤكم كذلك انتم هذا يسوع أنتم الآن مسلميه وقاتليه). والقرآن المقدس عندما اشار إلى ذلك فهو يُريد ان يُنبه نبيّه ويُنبه المسلمون على أن هؤلاء اليهود لم يتبدلوا ولم يتغيروا وانهم سوف يتآمرون على قتل هذا النبي الجديد محذرا المسلمين من أحابيلهم وخداعهم ومكرهم. وصرخة يسوع المسيح المؤلمة في آخر النص (يا أورشليم ، يا أورشليم!) تدلنا على عظيم جرم هذه الأرض ــ فلسطين ــ فمنها سوف يخرج البلاء الذي سيعم المعمورة ومنها الفتن والقلاقل. من هذه النصوص يتبين لنا صدق القرآن المقدس عندما يصف نفسه بأنه الحارس والمهيمن على ما سبقه من الكتب “(7).
وهذه المقدمة ليس هو عداء للسامية كما سوف يقول الكثير من مدعي الثقافة والعلمانية او عداء للإنسانية بل هي الحقيقة الثابتة والتي اقرها ديننا الحنيف وحتى الدين المسيحي وهو ليس تطرف او غلو بل بالعكس نحن نجد التطرف والغلو في الدين اليهودي وما يحصل الآن في فلسطين وما تقوم به إسرائيل من مخططات باسم التطبيع وما قامت به باسم الربيع العربي وتدمير الشعوب وفي الأخير تطبيع العلاقات مع الحكام العروبيين هو خير دليل على ما نقوله.
ومن هنا جاءت الرسالة المحمدية والرسول الأعظم لتوحد البشرية تحت الدين الإسلامي لأنه خاتم الديانات والرسول هو خاتم الأنبياء وليوحد الشعوب بمختلف الوانها واطيافها تحت خيمة الدين المحمدي السامي والخالد ومن خلال تأكيد الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}(8).
فكان تأكيد ديننا على توحد العالم والبشرية تحت خيمة واحدة وهي خيمة الإسلام وليبعث من يبلغ هذه الرسالة بأحب الخلق إليه وهو سيد الأولين والآخرين محمد(ص) والذي أوصل وأبلغه كل الكمالات الأخلاقية السامية ليكون أعظم خلق الله وسيدهم هذا ما قاله في حديثه الشريف {الخبر العاشر : ادعوا لي سيد العرب عليا فقالت عائشة : ألست سيد العرب فقال أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب (9).
والسلام عليكم ورحمة الله بركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ موقع مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث. الموقع الرسمي لآية الله المحقق محمد جميل حمود العاملي. لقسم الرئيسي : الفقه . القسم الفرعي : استفتاءات وأجوبة. الموضوع : بماذا مات الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم .
2 ـ [الأنبياء : 107].
3 ـ [النساء : 155].
4 ـ [ البقرة: 87].
5 ـ [ آل عمران :21 ].
6 ـ [ البقرة:61].
7 ـ من مقال بعنوان (وقتلهم الانبياء . هل فعل اليهود ذلك ؟ أربعة ذكرها القرآن في اليهود أين نجدها ؟ ) للكاتبة إيزابيل بنيامين ماما اشوري في باب مقالات من موقع كتابات في الميزان.
8 ـ [الأنبياء : 92].
8 ـ بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٤٠ – الصفحة ٥٩. رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء. مـسـند
9 ـ الإمام علي (عليه السلام) (الجزء الثامن). تأليف السيد حسن القبانچي تحقيق الشيخ طاهر السلامي. باب { في فضله وعدالته وإمامته (عليه السلام) } ص 291. منشورات المكتبة العقائدية.