اخر الاخبار

الشعائر الحسينية.. ما أهمية إحيائها والتمسك بها؟

 من أبرز آثار الشعائر الحسينية، أنها تسلط الضوء على حقيقة الصراع الأبدي بين الحق والباطل وتظهر بشكل واضح الزيف الذي يعيشه الطغاة.

تعد الشعائر الحسينية إحدى أهم المفاهيم الإسلامية التي رسخت قيمة الثبات على الحق ونصرة الإنسانية والتصدي للظلم والفساد والاستبداد مهما كان الثمن والنتائج، لأنها إحدى اهم روافد استمرار الارتباط البشري بقضية أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله) وهي القضية الحسينية التي أبكتهم دماء وأسالت على التاريخ أنهار الدموع.

فالشعائر تسلط الضوء على حقيقة الصراع الأبدي بين الحق والباطل وتظهر بشكل واضح الزيف الذي يعيشه الطغاة، لذلك يخاف الظالمون من الشعائر الحسينية أشد الخوف ويحاربونها بكل طاقاتهم.

من الضروري التمسك بمراسم التعزية والالتزام بها وعدم تركها وإلا فإن جهود الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) ستسحق بسرعة البرق الأمر الذي يؤدي إلى تلاشي واندثار جهود ومساعي رسول الله التي بذلت لوضع أسس الاسلام ودعائمه، ومن أهم أوجه الإدامة والصيانة لتلك المفاهيم هو التمسك بالشعائر (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).

اجتماع كل الفئات والشرائح 

وعلى هذا الأساس يجب أن نتعلم من هذه المجالس والمواكب التي تجمع الموالين من الرجال الكهول والنساء والأطفال إلى بعضهم بعضاً ؛ بمجرد أن يحصل أمر يستدعي التجمع والتجمهر، وليس في مدينة أو محافظة او مكان واحد بل في كل أنحاء البلاد.. إنها تجمع كل الفئات والشرائح وتضم جموع المعزين لسيد الشهداء (عليه السلام) دُون الحاجة إلى بذل جهود كبرى وإعلام واسع النطاق، لأنهم يجتمعون بكلمة واحدة خرجت من فم الامام الحسين (عليه السلام) الذي قال بصوت عال (لا) كرمز لرفض الظلم.

فيجب أن تستمر حالة الرفض وأن تبقى هذه الشعائر الحسينية وتدوم في كل زمان ومكان.

نور على مر السنين

يقول صاحب أحد المواكب أبو علي: إننا نحيي ذكرى عاشوراء من خلال الشعائر الحسينية لتكون نورًا لنا على مر السنين، ولتكون بطولات الحسين (عليه السلام) نبراسا مضيئا، ولتكون حياتنا ومشاكلنا طريقا لفهم نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) ولولاه لما قامت هذه النهضة الإسلامية الحديثة ولما انتصرت، فالحسين (عليه السلام) حاضر في كل مكان وآثار نهضته مشهودة (كل أرض كربلاء) وكل المنابر محل لذكر سيد الشهداء (عليه السلام)، وكل محراب مصدره سيد الشهداء (عليه السلام)، ولذا تشكل الشعائر الحسينية هوية الامة وتعطيها ذلك الانتماء الحقيقي لمدرسة الاسلام الناصعة كونها امتدادا لذلك النضال الذي سار عليه ائمة اهل البيت (ع) من خلال تهيئة انفسنا لتطبيق الدين الحنيف مع القائم من آل محمد (ص) وكل واحد منا يدعوا الله تعالى ان يكون مع الإمام (عليه السلام) للانتقام من أعداء الله الظالمين .

وأضاف امير عباس الطالب في المرحلة الرابعة ـ كلية التربية الاساسية : يجب علينا نحن الشباب ان نحافظ على مبادئ نهضة الإمام الحسين عليه السلام وامتدادها الحقيقي، كونها أمانة كبرى امتحننا الله تعالى بها ، فكما إنّ أجدادنا وأسلافنا حافَظوا عليها بالأضاحي والقرابين الكثيرة حتى تناقلتها أجيالاًٌ فأجيال إلى أنْ وصلَتْ الينا ، فيجب علينا أنْ نحافظ عليها بكلّ ما أوتينا من قوّة لإبقاء الشعائر الحسينية مستمرة ومتواصلة من خلال اقامة العزاء في عاشوراء وحث أتباع اهل البيت (عليهم السلام) على ذلك، فعلى رغم فداحة الفاجعة الكبرى إلا أنها تعطي فوائد وثماراً عظيمة يجنيها المؤمنون من خلال الكثير من المعارف والعلوم والثقافات والفوائد، وما نمتلكه اليوم من المعارف والأخلاق والسلوكيات والآداب كله ببركة هذه المجالس الحسينية.

فوائد المجالس الحسينية

من جانبه اكد ابو نور الذي يقيم مجالس العزاء في داره: إن الاستمرار في إقامة مجالس العزاء هو التعبير العملي عن أن الهدف الذي حمله الإمام الحسين عليه السلام وهو (الإصلاح) ما زال غير متحقق في كل أرجاء المعمورة، وأن على المؤمنين والتابعين لخط الإمام الحسين والمهدي‏ عليهما السلام أن يعملوا بكل طاقتهم وقوتهم من أجل تقريب الظهور من خلال الانجازات الإيجابية كالتي تحققت في المدة الأخيرة لأنها تعطي الأمل الكبير بتحقيق الشعار الحسيني الخالد وهو (الإصلاح) الذي إن لم نحققه كاملاً بجهودنا المدة لسوف يتحقق بالكامل في زمن المهدي عليه السلام بعد خروجه وظهوره المبارك.

وأشار الحاج مكي شريف المشارك في مجلس العزاء إلى أنه: من الضروري أن نتخذ من الشعائر الحسينية فضلى وسيلة للرفض والتحدي والمقاومة وجسراً للتعبير عن الذات والدفاع عنها وحمايتها مستمدين من هذه النهضة المباركة القوة والاستبسال كما هو الحال اليوم وما يقوم به الشباب المجاهد في الدفاع عن أرض العراق ومقدساته ضد القوى الارهابية المتمثلة بداعش وقوى الشر، لذا فالشعائر الحسينية هي النبع الصافي الذي تستقي منه الثورات على طول التاريخ رفضها للظلم والاستبداد لتوكد ان كل زمان ومكان يحملان حسيناً ويزيد وهما في صراع أزلي بين الحق والباطل.

دروس من مجالس الحسين

وللمرأة ايضا حضور في إحياء الشعائر الحسينية وإقامة مجالس التعزية مواساة لمولاتنا فاطمة الزهراء والسير على نهج عقيلة بني هاشم الحوراء زينب (صلوات الله عليهما).

قالت الملة (ام عقيل ) البالغة من العمر(75)سنة نحن بدورنا نحيي الشعائر الحسينية من خلال مجالس التعزية التي تأخذ منها الاخوات اعظم الدروس في المحافظة على القيم الإسلامية والإلتزام بالعفاف والحجاب، كما فعلت نساء آل البيت (عليهم السلام) من منع العيون المريضة والنفوس العليلة من النظر لهن على الرغم من الوضع المأساوي الذي – عانت منه نساء – أهل البيت، وعلى الرغم من كونهن في أصعب الظروف وهو الأسر، ولكن ذلك لم يمنعهن من التأكيد وبصورة مستمرة على رعاية الحجاب وحفظ العفاف والتركيز على جوانب العظمة والجهاد والتضحية في النساء اللواتي عشن محنة كربلاء ومدى ارتباطهن بالله وانقطاعهن إليه سبحانه وتعالى، ونبين هذه الامور من خلال المجالس التي تقيمها المعزيات لكي يستفاد منها.

ومن جانبها اضافت الاخت المبلغة ليلى محمد: علينا أن نحيي ذكرى عاشوراء التي انتصر فيها الدم على السيف وان نخلدها ما دمنا أحياء نرزق وذلك من خلال الشعائر ومجالس الحسينية لأنها دعوة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) إلى عقد هذه المجالس والحضور فيها والتفاعل معها وإظهار الحزن والبكاء على مصاب أبي عبد الله (عليه السلام) مع ما لذلك من الفضل والثواب والأجر الجزيل و إنّ في الدمعة التي تذرف على الحسين تجديد بيعة وولاء له ولأهل بيته صلوات الله عليهم، والمحافظة على نار هذا الحزن في اعماق القلب ضمانا للتمسّك بنهج الحسين، وتربية النفس تربية كربلائية، فلقتل الحسين كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام) (حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً).

طرائق متنوعة وأساليب متعددة للمجالس

وأضافت المدرسة منى فائز وهي احدى الحاضرات في مجلس العزاء المدرسة: ان المجالس الحسينية تؤدي وظيفة سياسية بالإضافة إلى الوظيفة الأخلاقية والعاطفية، فالمجالس التي أقامها أهل البيت (عليهم السلام) في عام61 للهجرة وما تلاها كانت لها وظيفة سياسية وجهادية وتربوية كونها مجالس الثورة على الطغاة والمستكبرين والجائرين ومجالس الوعي والعلم والمعرفة، إضافة إلى وظيفة حياتية حيث تهدف إلى تربية كوادر جهادية تملك روحية الجهاد والاستشهاد في سبيل الله وتصنع للناس حياة عزيزة، وإننا حينما نخلّد واقعة كربلاء وأبطالها ومجاهديها وشهداءها، فإنما نخلّد قيم الإسلام ومفاهيم القرآن ومنهج رسول الله صلى الله عليه وآله، من مظهر إيماني وروحي وأخلاقي وجهادي رفيع المستوى..

وأخيرا يمكن أن نقول إن مجالس العزاء الحسيني التي تنتشر في شرق الأرض وغربها، في البلدان الإسلامية وفي المغتربات، بلغاتٍ شتى، وطرائق متنوعة، وأساليب متعددة، فإنما هي تنهج نهج القرآن في محاولة الاستفادة من الأحداث الكبرى التي مرّت بالأمة الإسلامية، وكيفية استخلاص الدروس والعبر منها، لفهم حاضرها والتخطيط لمستقبلها كون ملحمة كربلاء هي درس الله الأعظم في الفداء والإباء وهي ملحمة تعلم أمتنا كيف تواصل طريق الحق مهما كانت الصعوبات، وتعلمنا كيف نواصل مسيرة الإيمان مهما كانت التضحيات.

وهذا ما لمسناه من المجلس الحسيني حيث غدا مؤسسة ثقافية اجتماعية سياسية تبث العلم والمعرفة والوعي الديني والاجتماعي والسياسي والجهادي والتاريخي، وتعالج مختلف القضايا المعاصرة، بحيث أصبح الناس يشعرون بالاستفادة من هذه المجالس، فصاروا يرتادونها بشكل واسع، لأنها تقوم بدور كبير في تربية الأمة على رفض الظلم وعدم الخنوع للضيم، وترك الخضوع للطغاة، فإن الذي يعيش أحداث المسيرة الحسينية ويتأمل مواقف شهداء كربلاء الخالدة، ويتشبع بأنفاس الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته التي عقمت الدنيا أن تجد لها مثيلاً، لا شك أنه يتربى على معاني العزّة والإباء والشَّمم وحب الجهاد والتضحية ثم الشهادة في سبيل الله تعالى.

ابتهال ابوصيبع/موقع الولاية