اخر الاخبار

العراق يتنفّس بالأحزاب ..

العراق يتنفّس بالأحزاب ..

ألتحزب و التكتل و التحالفات و و التمذهب و العشائريات و المؤآمرات؛ ديدن السياسة و الساسة في العراق .. ذلك هو الواقع السياسي الذي عرفناه منذ تأسيس الدولة العراقية بل و قبل ذلك زمن الجاهلية و حتى قبلها, لأنّ الدولة كانت تتشكل بإسم العشيرة التي تحكم المنطقة كآلمناذرة و الغساسنة و الحميرية و النصيرية و السعودية و الفاطمية ووو…إلخ, لأنّ المفكر و آلفيلسوف و المثقف و نظرياتهم, لا قيمة ولا مكانة لها بين القبائل و الحكام و الاحزاب و عامة الناس طبعاً لأنهم على دين حُكامهم و ملوكهم, بل يتمّ نبذهم و حصرهم و خنقهم حتى الموت بقطع أرزاقهم أو تشريدهم و إبعادهم ليبقى الناس يعيشون الجهل بغيابهم فيسهل تسلطهم عليهم, لأنه – المفكر و الفيلسوف و الفقيه – هو الوحيد الذي يُؤشر للحقّ و للمنهج الكونيّ الأمثل و لمواطن الخلل و الضعف و الفساد فيتحرز الناس من الفاسدين و رؤوساء الأحزاب و السّاسة الذين لو لم يفعلوا ذلك فإنهم سيخسرون ولا يستطيعون الإغتناء بسرقة الفقراء بسرعة و يُسر.

من جانب آخر نرى إن المجتمع العراقي, و معظم – إن لم نقل – كل المجتمعات – حتى انصاف المثقفين فيها؛ لا ينتصرون للمثقف و المفكر و الفيلسوف لأنهم قد يكونوا تكنوقراطيين لكنهم ليسوا بآلضرورة مثقفين و أصحاب هدف و قضية!

و إذا أقام مفكر أو فيلسوف مركزاً أو منتدىً للفكر؛ أو أقدم على مشروع ثقافيّ و أدبي؛ فأن الناس و النظام عموماً ليس فقط لا يعيرون أهمية لذلك .. بل سيُحاربونهم و يتّهمونهم .. لأعتقادهم بأنّ الفكر و الثقافة و الفلسفة لا تغني ولا تفيد واقعهم .. و من هنا بدأت المحنة و تكرسّـ المآسي و تشعّبت المصائب و المظالم لعدم معرفتهم بدور و كيفية إيصال الثقافة و الفكر للمجتمع, فيستلمهم السياسيون – الأحزاب و الأجندات – ليسرقوهم لأنّهم – أي الناس – لا يعلمون أحابيلهم و نواياهم و خططهم في سرقة الأموال و التسلط و كما حدث في العراق, خصوصاً و أنهم يتستّرون بشعارات الدين و الدعوة و الإسلام و الديمقراطية, و بذلك يذبحون الفقراء و يهملون كل نشاط فكري و ثقافي و هذا واضح حتى في الجامعات و المراكز التعليمية و الأعلامية التي تخطط لها الساسة و الحكومات, فقد أرسلت قبل فترة بياناً على شكل مقال أعلنتُ فيه تأسيس مركز ثقافي جديد, لكن لا أحد من المواقع أو الصحف أو حتى الأذاعات نشرت ذلك أو حتى أعلنت عنه, بينما لو ترسل لهم إعلانا بشأن تأسيس حزب أو منظمة سياسية أو مطربة و عاهرة؛ ترى الجميع يهتمون بذلك و ينشرونه, بينما لا تعد سوى دعم لزيادة الفساد و أعباء الفقراء و نشر التيه بين الناس و كما فعلت جميع الأحزاب التي  شاركت في العملية السياسية للآن.

قرأت اليوم إعلاناً عن تشكيل (حزب جديد) في العراق ليضاف إلى مئات الأحزاب الأخرى التي تشكلت قبل و بعد السقوط للحصول على المال و المناصب طبعا و كما شهدنا و نشهد ذلك, وآلمشكلة أن لا أحد كتب بحثاً أو حتى تحليلاً على هدف هذا الحزب سوى التالي :

[أعلن أنور ندى اللهيبي مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون المحافظات المحررة، تأسيسه حزباً باسم “وحدة أبناء العراق”، مؤكداً أن الغاية من تأسيس الحزب, هو الحفاظ على النظام الدّيمقراطي في البلاد] ولا نُعلّق, فحقيقة وهدف آلديمقراطية العراقية معلومة الهدف!

والمقصود من مصطلح المحافظات المحررة هي تلك المحافظات ذات الغالبية السنية في البلاد، والتي فرض تنظيم داعش سيطرته عليها في أواسط العام 2014 قبل أن تتمكن القوات الأمنية العراقية مسنودة بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من استعادتها في عمليات عسكرية كبيرة دامت حوالي ثلاث سنوات.

وأضاف اللهيبي في بيان اليوم، إنه [انطلاقًا من مبدأ إنشاء دولة المواطنة القائمة على المؤسسات وتطبيق القانون، والداعية إلى نهضة اقتصادية وعلمية وثقافية وحضارية واجتماعية، شرعنا بتسجيل حزب (وحدة أبناء العراق)، واحداً من الأحزاب العراقية المجازة والمسجلة وفقا لقانون الأحزاب السياسية النافذ], ونشير: وماذا حصل العراق من حزب الدعوة”الإسلامية” حتى يحصل من هذا الحزب!؟

وأردف بالقول إنَّ [الغاية من تأسيس حزبنا هو الحفاظ على النظام الديمقراطي وحمايته، وتعزيز العمل السياسي وتقويته، وفقا لمبادئنا الأساسية القائمة على الإيمان بحب العراق ووحدته], وماذا خلّفت الديمقراطية سوى الفساد و المجرمين, لأنها مدعومة بآلمال الحرام.

كما أشار اللهيبي الى [الانفتاح على القوى الوطنية العراقية والعمل معها بما يخدم المواطن العراقي، فضلاً عن دعم السياسة الخارجية للدولة، بما يعزز سيادته ومكانته بين الدول، ووضع مصالح العراق اولاً وأخيرًا].

ووفقا للبيان، فإن من [أهداف هذا الحزب العمل بروح الفريق الواحد بين أبناء البلد بكل دياناته ومذاهبه وقومياته وأطيافه والدعوة إلى التلاحم الوطني والاجتماعي، ومواجهة التحديات وتذليل الصعاب، والسعي إلى ترسيخ أسس الحرية والمساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين أينما كانوا وحيثما حلّوا في أرض العراق] وبمقارنة بسيطة بين راتب الرئيس والموظف ينكشف لك تلك المُدّعيات.

يشار الى أن دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية قد أعلنت تسجيلها 33 حزباً جديداً في آخر إحصائية لها للأحزاب المجازة في ممارسة العمل السياسي في العراق منذ التأسيس ولغاية شهر شباط2024م, حيث وصل عددها لـ 450 حزباً, و أضاف موقع (صوت العراق) و غيرها تفاصيل كثيرة عن هذا الحزب كما عن الأحزاب الأخرى الحاكمة التي تنشر لها يومياً, مختلف الأخبار خصوصا عن الرؤوساء!
بينما يتحذرون من نشر مجرد خبر عن نشاط فكري أو ثقافي أو حتى عرض نظرية أو حكمة من حكم الفلاسفة و العرفاء!؟

لذلك فأن الوضع في العراق سيستمر مع الفساد ما لم يغيير الناس بجهود الطبقة المثقفة و الأعلامية عبر نهجهم و تعاملهم مع الفكر و المفكرين بكونهم الواسطة لنقل تراثهم, و إلا لا يستطيع العراق العيش بدون تلك الأحزاب الشكلية و التافهة لأنه يتنفس بهم ويا ليت العراق يحكمه حزب عادل همه الأول والأخير هي العدالة التي بها يُقوّم المجتمع ويسود السلام و الامان و الرفاه و تبنى بها البلدان!؟

عزيز حميد مجيد