المسيحيون في لبنان مكون أساسي ومحترم من مكونات الشعب اللبناني، لعبت فرنسا العلمانية التي فصلت الدين المسيحي عن العمل السياسي بعد الثورة الفرنسية، دورا مهما في حماية الوجود المسيحي في لبنان من الابادة والاستئصال على أيدي جنود دولة الخلافة العثمانية الإسلامية السُنية، حيث اجتاحت السفن الحربية الفرنسية الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط مقابل جبل عامل، وإقامة منطقة مسيحية محمية من قبل القوات الفرنسية.
الخليفة العثمانية أباد الوجود الشيعي بالاناضول وحلب وطرابلس الشمال، وتم استئصال الوجود الدرزي، وانتقل دور الابادة ليطال المسيحيين، هنا تدخلت الجيوش الفرنسية واحتلت جبل عامل ومعظم أراضي لبنان الحالية، وبفضل الوجود الفرنسي تم حماية ماتبقى من المسيحيين والشيعة الجعفرية والعلويين والدروز، وقامت فرنسا في دعم إقامة إقليم جبل عامل للمكون المسيحي، وتم إصدار الصحف والمجلات، ودخلت آلات الطباعة، لذلك أقدم إصدار الصحف بالعالم العربي هي الصحف اللبنانية والصحف المصرية بسبب غزو نابليون إلى مصر، واحضر معه أجهزة الطباعة لطباعة الصحف والمجلات والكتب.
الحرب الأهلية اللبنانية، فجرها التيار الكتائبي الماروني بدعم من البطريك البير جميل وابنائه، وبسبب تعصبه الديني، استغلت إسرائيل ودول الناتو ذلك لاشعال حرب أهلية خلفت مئات آلاف الضحايا والهدف منها إخراج ياسر عرفات وميليشياته من منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان إلى تونس، لحرمان عرفات من دعم المقاومة الفلسطينية في داخل فلسطين.
ميشال عون وبسبب بعثيته للبعث العراقي حاول الوقوف ضد القوى الكتائبية المسيحية الانعزالية، لكن مشكلة ميشال عون تعارضت مع الوجود السوري في لبنان، حيث دعمت القوات السورية حزب البعث السوري في لبنان، القوات السورية الغازية دخلت إلى لبنان، بسبب قيام العقيد عزيز الاحدب والعقيد الخطيب في تدبير انقلاب عسكري مدعوم من القوى الفلسطينية المسلحة، اطاحت في الرئيس اللبناني سليمان فرنجية، والذي إعادته القوات السورية لقصر بعبدا، التي دخلت لبنان، وسميت بقوات الردع العربية رغم أنف الجامعة العربية، التدخل السوري العسكري ضمن عدم وقوع لبنان ضمن نفوذ حزب البعث العراقي.
بعد مساعدة حزب الكتائب للقوات الإسرائيلية لاحتلال الجنوب وبيروت الشرقية، عام ١٩٨٢، وظهور المقاومة الشيعية المسلحة في لبنان، أصرت القوى اللبنانية الشيعية ومعهم الدروز وجزا مسيحي وجزأ سني على عدم التجديد إلى العميل أمين الجميل الذي نصبه الجنرال الإسرائيلي شارون رئيسا إلى لبنان، لذلك انتهت فترة رئاسة العميل اميل بن الخائن البير الجميل، وأصبح قائد الجيش هو من يتولى منصب قيادة لبنان بظل عدم وجود رئيس جمهورية، لذلك امين الجميل سلم القيادة إلى الجنرال ميشال عون ودخل الجنرال الحالم قصر بعبدا في شهر أيلول عام 1988، مهمة عون انتخاب رئيس للجمهوريّة خلفا لأمين الجميّل، قام نظام صدام الجرذ في إرسال بواخر من ميناء ام مقصر العراقي، محملة في العتاد والاسلحة المتوسطة وراجمات الصواريخ، الى بيروت الشرقية، وأصبح عون بموقف معادي إلى الرئيس السوري حافظ الاسد، لذلك يبقى قصر بعبدا، يقع تحت أنظار الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، اعلن الجنرال عون وقوفه مع صدام جرذ العوجة، فتح صدام الجرذ، ميزانية الشعب العراقي لتمويل حروب الوكالة في لبنان بين البعثيين العراقيين والسوريين.
تم انتخاب رئيس لبناني جديد اسمه رنيه معوض، تم قتله بتفجير مقره بنفس اليوم، جلس الجنرال عون بقصر بعبدا بدار رئاسة الجمهورية اللبنانية بين أيلول عام ١٩٨٨ الى تشرين الثاني عام ١٩٩٠، حدثت تغيرات كبيرة، صدام الجرذ احتل الكويت واعتبرها محافظة عراقية، خاض الجنرال عون حروب دموية مع قوات سمير جعجع، عندما أرادت السعودية تشكيل قوات عربية لتكون مظلة لقوات الناتو في حرب تحرير الكويت، جاء وقت البيع والشراء، حافظ الأسد وجه رسالة الى صدام الجرذ بسحب قواته من دولة الكويت، صدام رفض، باليوم التالي أعلنت سوريا الأسد مشاركتها بحرب تحرير الكويت، ارسلت ثلاثين ألف عسكري لحفر الباطن، مقابل إطلاق يد الأسد في لبنان، بدأت الحشود السورية تتجه نحو بيروت، الجنرال عون رفض الاستسلام، بيومها كنت في وادي حفر الباطن كان واضعين معي فصيل استطلاع عميق جهاز امني استخباراتي، يحسبون علينا حتى انفاسنا، كان ضابط الاستطلاع العميق اسمه إياد أو عماد الجنابي سني من شمال قضاء المسيب، بعثي طائفي قذر للقشر، كان عندي راديو اسمع اخبار مونتكارلو، وتم الإعلان أن اسراب من نسور الجو بالجيش السوري قد دكو قصر بعبدا وهرب الجنرال عون بعد أن القى خطاب الاستسلام وهرب للسفارة الفرنسية، وبقي بالسفارة الفرنسية سنوات عديدة بعدها تم نقله إلى باريس.
عندما تم الإعلان عن هزيمة الجنرال عون سألني ضابط الاستخبارات الجنابي من الاستطلاع العميق وهم مرتبطين مع جهاز المخابرات العراقية، عن رئيي بما حدث، قلت له هذه نتيجة من يتحدى العالم، يكون مصيره الهزيمة، التفت لي قال لي يعني قصدك السيد الرئيس حفظه الله ورعاه متحدي للعالم، قلت له انت سألتني عن وضع لبنان فلاتدخلنا في أمور اخرى، كفاني الله شره وصمت، وإلا هذه الكلمة توصلني للاعدام بحقبة نظام صدام جرذ العوجة الهالك وعارها.
احد مرتزقة الفيالق الإعلامية البدوية، يمتهن مهنة تزييف الحقائق حيث كتب( ليس ما يدعو إلى التوقف طويلا عند الخدمات التي أداها ميشال عون للنظام السوري في أثناء وجوده في قصر بعبدا بين 1988 و1990، خصوصا عندما دمّر الوجود المسيحي في لبنان وعجز عن قراءة التغيرات الإقليمية).
العجيب أن الجنرال عون كان موقفه ضد سوريا فكيف أصبح مع سوريا، يعتبر هزيمة عصابات سمير جعجع وغلق مقرات حزب الكتائب في تضرر المكون المسيحي اللبناني.
بعد سقوط نظام صدام الجرذ، عاد الجنرال عون إلى لبنان، وكان يعتنق البعث كفكر وعقيدة، وبسبب اغتيال رفيق الحريري من قبل قوى دولية من خلال عصابات القاعدة، اغتيال الحريري، كان بسبب وقوف رفيق الحريري مع عملية إسقاط نظام صدام الجرذ، ثمن عملية اغتيال رفيق الحريري، تم إنهاء الوجود السوري العسكري في لبنان، وقف الجنرال عون مع سوريا بعد عودته إلى بيروت.
تم انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية لشغل منصب الرئيس عن الطائفة اللبنانية المسيحية المارونية، مواقف الجنرال عون كانت ضد مؤامرة الربيع العربي.
حاليا تعيش المنطقة مثل سوريا ولبنان وفلسطين واليمن والعراق وليبيا أوضاع غير مستقرة، لذلك الوضع اللبناني تعرض لانشقاقات واضحة، انشق المكون المسيحي إلى عدة قوى، وكذلك المكون الإسلامي السني انشق إلى عدة قوى، وقفت قوى مسيحية لبنانية مع المقاومة الشيعية، ووقفت قوى سنية لبنانية مقاومة مثل حركة الشيخ سعيد شعبان مع المقاومة الشيعية اللبنانية، لذلك هناك قوى مسيحية وسنية وطنية وقفت مع المقاومة اللبنانية الشيعية، هذا الموقف يحزن الفيالق الإعلامية البدوية، لذلك احد الحثالات الطائفية المرتبط مع مشاريع الاستعمار يقول( ما يحدث من تفكّك داخل ما يسمّى التيار العوني، أمر أكثر من طبيعي يعبّر أفضل تعبير عن مأساة المسيحيين في لبنان الذين ساروا بأعداد كبيرة في مرحلة معيّنة خلف رجل يجمع بين الجهل والانتهازية بأفضل صورهما).
ويضيف هذا الكذاب الاشر القول التالي( هذا دور أداه التيّار ومؤسسة في محطات عدة صبّت كلّها في تهجير أكبر عدد من اللبنانيين، خصوصا المسيحيين من البلد وتحويله إلى مزرعة للنظام السوري … …).
كاتب للأسف يمتهن مهنة الكذب والارتزاق، ويضيف هذا المفتري( لم يكن السقوط المسيحي وليد البارحة. ولد هذا السقوط من رحم اتفاق القاهرة في العام 1969، وهو اتفاق أيده في حينه الزعماء المسيحيون، باستثناء ريمون إده. لم ينبس الشارع المسيحي ببنت شفة. على العكس من ذلك، ذهب الشارع المسيحي إلى اتفاق القاهرة ثم ذهب إلى محاربة ظاهرة الشهابية التي كانت ضمانة لمستقبل المسيحيين الذين اختاروا في العام 1970 سليمان فرنجيّة رئيسا للجمهوريّة بدل إلياس سركيس. أسس ذلك لحرب أهلية بدأت في العام 1975. لا يزال لبنان يدفع إلى اليوم ثمن وصول سليمان فرنجيّة الجدّ إلى موقع رئيس الجمهوريّة).
لمن لايعرف اتفاق القاهرة لعام ١٩٦٩ نضع لقراء مقالي نص اتفاق القاهرة المعقود ما بين السلطات اللبنانية والمنظمات الفدائية الفلسطينية
القاهرة، 3/ 11/ 1969
في يوم الاثنين 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 1969، اجتمع في القاهرة الوفد اللبناني، برئاسة عماد الجيش إميل البستاني، ووفد منظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة السيد ياسر عرفات رئيس المنظمة، وحضر من الجمهورية العربية المتحدة السيد محمود رياض، وزير الخارجية، والسيد الفريق أول محمد فوزي، وزير الحربية.
انطلاقا من روابط الأخوة والمصير المشترك، فإن علاقات لبنان والثورة الفلسطينية لا بد وأن تتسم دوما بالثقة والصراحة والتعاون الإيجابي لما فيه مصلحة لبنان والثورة الفلسطينية، وذلك ضمن سيادة لبنان وسلامته. واتفق الوفدان على المبادئ والإجراءات التالية:
الوجود الفلسطيني:
تم الاتفاق على إعادة تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان على أساس:
1 – حق العمل والإقامة والتنقل للفلسطينيين المقيمين حاليا في لبنان.
2 – إنشاء لجان محلية من فلسطينيين في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية، وضمن نطاق السيادة اللبنانية.
3 – وجود نقاط الكفاح الفلسطيني المسلح داخل المخيمات تتعاون مع اللجان المحلية لتأمين حسن العلاقات مع السلطة، وتتولى هذه النقاط موضوع تنظيم وجود الأسلحة وتحديدها في المخيمات، وذلك ضمن نطاق الأمن اللبناني ومصلحة الثورة الفلسطينية.
4 – السماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالمشاركة في الثورة الفلسطينية من خلال الكفاح المسلح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلامته.
العمل الفدائي:
تم الاتفاق على تسهيل العمل الفدائي، وذلك عن طريق:
1 – تسهيل المرور للفدائيين وتحديد نقاط مرور واستطلاع في مناطق الحدود.
2 – تأمين الطريق إلى منطقة العرقوب.
3 – تقوم قيادة الكفاح المسلح بضبط تصرفات كافة أفراد منظماتها وعدم تدخلهم في الشؤون اللبنانية.
4 – إيجاد انضباط مشترك بين الكفاح المسلح والجيش اللبناني.
5 – إيقاف الحملات الإعلامية من الجانبين.
6 – القيام بإحصاء عدد عناصر الكفاح المسلح الموجودة في لبنان بواسطة قيادتها.
7 – تعيين ممثلين عن الكفاح المسلح في الأركان اللبنانية يشتركون بحل جميع الأمور الطارئة.
8 – دراسة توزيع أماكن التمركز المناسبة في مناطق الحدود والتي يتم الاتفاق عليها مع الأركان اللبنانية.
9 – تنظيم الدخول والخروج والتجول لعناصر الكفاح المسلح.
10 – إلغاء قاعدة جيرون.
11 – يسهل الجيش اللبناني أعمال مراكز الطبابة والإخلاء والتموين للعمل الفدائي.
12 – الإفراج عن المعتقلين والأسلحة المصادرة.
13 – ومن المسلم به أن السلطات اللبنانية من مدنية وعسكرية تستمر في ممارسة صلاحياتها ومسؤولياتها كاملة في جميع المناطق اللبنانية وفي جميع الظروف.
14 – يؤكد الوفدان أن الكفاح المسلح الفلسطيني عمل يعود لمصلحة لبنان، كما هو لمصلحة الثورة الفلسطينية والعرب جميعهم.
15 – يبقى هذا الاتفاق سريا للغاية، ولا يجوز الاطلاع عليه إلا من قبل القيادات فقط.
رئيس الوفد اللبناني
الإمضاء: إميل بستاني
رئيس الوفد الفلسطيني
الإمضاء: ياسر عرفات
3 تشرين ثاني (نوفمبر) 1969.
المصدر: “الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969.
فما علاقة المكون المسيحي مع الاتفاق، الاتفاق كان لبناني برعاية عبد الناصر لفتح جبهة لبنان بسبب هزيمة حزيران عام ١٩٦٧، من الخسة والنذالة يتم الكذب والتدليس للتغطية على الحقائق،
في رئاسة ميشال عون، ووقوفه ضد مؤامرة الربيع العربي تم تدمير لبنان اقتصاديا من خلال ضرب القطاع المصرفي وضرب قطاع الخدمات، وتحريك قوى لبنانية لخلق مشاكل وصراعات داخلية ومحاولة إشعال حرب أهلية لبنانية جديدة تحمل نفس شعارات الحرب الاهلية السابقة التي أنهت الوجود الفلسطيني المسلح، بحيث اي حادث عرضي يقع يتم استغلاله بشكل بشع لتصفية الحسابات.
في الختام تخيلوا معي كيف يعرف شباب الأمة من مواليد نهاية الألفية وبداية الألفية الجديدة حقائق ماحدث في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، اضطر أن اجهد نفسي لكتابة مقالات مطولة لكي اذكر الحقائق المغيبة عن القراء العرب، لا اريد منهم لا جزاء ولاشكورا، بقدر اني اذكر الحقائق من منطلق إنساني واخلاقي، بظل أصبح غالبية الكتاب والصحفيين والاعلاميين العرب مرتزقة يتبعون أساليب قذرة لتغطية الحقيقة.
نعيم عاتي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
17/8/2024