د. فاضل حسن شريف
جاء في موقع الامم المتحدة عن اليوم الدولي للتضامن الإنساني 20 كانون الأول/ديسمبر: اليوم العالمي للتضامن الإنساني هو: يوم للاحتفاء بوحدتنا في إطار التنوع. يوم لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزاماتها في الاتفاقيات الدولية. يوم لرفع مستوى الوعي العام بأهمية التضامن. يوم لتشجيع النقاش بشأن سبل تعزيز التضامن لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، بما في ذلك القضاء على الفقر. يوم للعمل على تشجيع على مبادرات جديدة للقضاء على الفقر. معلومات أساسية: يُعرّف التضامن في إعلان الألفية بأنه أحد القيم الأساسية للعلاقات الدولية في القرن 21، حيث يستحق الذين يعانون (ومن لم يستفيدون كثيرا من العولمة) المساعدة والعون ممن استفادوا كثيرا منها. وبناء على ذلك، يغدو تعزيز التضامن الدولي، في سياق العولمة وتحدي تزايد التفاوت، أمرا لا غنى عنه. ولذا أعلنت الجمعية العامة يوم 20 كانون الأول/ديسمبر، بوصفه اليوم الدولي للتضامن الإنساني، إيمانا منها بأن تعزيز ثقافة التضامن وروح المشاكرة هو أمر ذو أهمية لمكافحة الفقر. وعزز مفهوم التضامن، من خلال مبادرات من قبيل إنشاء صندوق تضامن عالمي للقضاء على الفقر وإعلان اليوم الدولي للتضامن الإنساني، بوصفه عنصرا حاسما في القضاء مكافحة الفقر وإشراك جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة. التضامن في إطار عمل الأمم المتحدة. حدد مفهوم التضامن عمل الأمم المتحدة منذ إنشائها. فقد جمع إنشاء المنظمة شعوب العالم وأممه على تعزيز السلام، وحقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد تأسست المنظمة على فرضية أساسية للوحدة والانسجام بين أعضائها، كما عُبّر عن ذلك في مفهوم الأمن الجماعي الذي يستند إلى التضامن بين أعضائها للاتحاد ’’ لصون السلم والأمن الدوليين‘‘. وتستند المنظمة على روح التضامن هذه في ’’تحقيق التعاون الدولي لحل المشاكل الدولية ذات الطابع الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الإنساني‘‘. وحددت الجمعية العامة، في قرارها 209/60 المؤرخ في 17 آذار/مارس 2006، التضامن باعتباره أحد القيم الأساسية والعالمية التي ينبغي أن تقوم عليها العلاقات بين الشعوب في القرن الحادي والعشرين، وتقرر، في هذا الصدد، أن تعلن 20 كانون الأول/ديسمبر من كل عام يوما دوليا للتضامن الإنساني. وأنشأت الجمعية العامة في شباط/فبراير 2003، بموجب قرارها 265/57، صندوق التضامن العالمي بوصفه صندوقا استئمانيا تابعا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويتمثل الهدف منه في القضاء على الفقر وتعزيز التنمية البشرية والاجتماعية في البلدان النامية، ولا سيما بين القطاعات الأكثر فقرا من سكانها.
عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز من قائل “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (المائدة 2) خطاب مجدد للمؤمنين يفيد شدة العناية بحرمات الله تعالى. والإحلال هو الإباحة الملازمة لعدم المبالاة بالحرمة والمنزلة، ويتعين معناه بحسب ما أضيف إليه: فإحلال شعائر الله عدم احترامها وتركها، وإحلال الشهر الحرام عدم حفظ حرمته والقتال فيه، وهكذا. والشعائر جمع شعيرة وهي العلامة، وكان المراد بها أعلام الحج ومناسكه. والشهر الحرام ما حرمه الله من شهور السنة القمرية وهي: المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة. والهدي ما يساق للحج من الغنم والبقر والإبل. والقلائد جمع قلادة، وهي ما يقلد به الهدي في عنقه من نعل ونحوه ليعلم أنه هدي للحج فلا يتعرض له. والآمين جمع آم اسم فاعل من أم إذا قصد، والمراد به القاصدون لزيارة البيت الحرام. وقوله “يَبْتَغُونَ فَضْلاً”، حال من “آمِّينَ” والفضل هو المال، أو الربح المالي فقد أطلق عليه في قوله تعالى “فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ” (آل عمران 174) وغير ذلك أو هو الأجر الأخروي أو الأعم من المال والأجر. وقد اختلفوا في تفسير الشعائر والقلائد وغيرهما من مفردات الآية على أقوال شتى، والذي آثرنا ذكره هو الأنسب لسياق الآية، ولا جدوى في التعرض لتفاصيل الأقوال. قوله تعالى: “وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا” أمر واقع بعد الحظر لا يدل على أزيد من الإباحة بمعنى عدم المنع، والحل والإحلال ـ مجردا ومزيدا فيه ـ بمعنى وهو الخروج من الإحرام. قوله تعالى: “وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا” يقال: جرمه يجرمه أي حمله، ومنه الجريمة للمعصية لأنها محمولة من حيث وبالها، وللعقوبة المالية وغيرها لأنها محمولة على المجرم. وذكر الراغب أن الأصل في معناها القطع. والشنآن العداوة والبغض. وقوله “أَنْ صَدُّوكُمْ” أي منعوكم بدل أو عطف بيان من الشنآن، ومحصل معنى الآية: ولا يحملنكم عداوة قوم وهو أن منعوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا عليهم بعد ما أظهركم الله عليهم. قوله تعالى: “وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ” المعنى واضح، وهذا أساس السنة الإسلامية، وقد فسر الله سبحانه البر في كلامه بالإيمان والإحسان في العبادات والمعاملات، كما مر في قوله تعالى: “وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ” (البقرة 177) وقد تقدم الكلام فيه. والتقوى مراقبة أمر الله ونهيه، فيعود معنى التعاون على البر والتقوى إلى الاجتماع على الإيمان والعمل الصالح على أساس تقوى الله، وهو الصلاح والتقوى الاجتماعيان، ويقابله التعاون على الإثم الذي هو العمل السيئ المستتبع للتأخر في أمور الحياة السعيدة، وعلى العدوان وهو التعدي على حقوق الناس الحقة بسلب الأمن من نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم وقد مر شطر من الكلام في هذا المعنى في ذيل قوله تعالى: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا” (آل عمران 200) في الجزء الرابع من هذا الكتاب. ثم أكد سبحانه نهيه عن الاجتماع على الإثم والعدوان بقوله: “وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ” وهو في الحقيقة تأكيد على تأكيد.
جاء في التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قوله تعالى “صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ” ﴿المائدة 2﴾ إن وقع صد مثل ذلك الصد الذي وقع عام الحديبية فلا تعتدوا. قال بعضهم: وهذا لا يمنع من الجزاء على الاعتداء بالمثل، لأن النهى عن استئناف الاعتداء على سبيل الانتقام، فإن من يحمله البغض والعداوة على الاعتداء على من يبغضه يكون منتصرا لنفسه لا للحق. وحينئذ لا يراعى المماثلة ولا يقف عند حدود العدل. ثم أمر الله تعالى عباده بالتعاون على فعل الخيرات وعلى ترك المنكرات فقال: “وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ” (المائدة 2). والبر معناه: التوسع في فعل الخير، وإسداء المعروف إلى الناس. والتقوى تصفية النفس وتطهيرها وإبعادها عن كل ما نهى الله عنه. قال القرطبي: قال الماوردي: ندب الله تعالى إلى التعاون بالبر، وقرنه بالتقوى له، لأن في التقوى رضا الله، وفي البر رضا الناس. ومن جمع بين رضا الله ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته. والإثم كما يقول الراغب اسم للأفعال المبطئة عن الثواب وجمعه آثام، والآثم هو المتحمل للإثم. ثم أطلق على كل ذنب ومعصية. والعدوان: تجاوز الحدود التي أمر الشارع الناس بالوقوف عندها. أى: وتعاونوا أيها المؤمنون على كل ما هو خير وبر وطاعة لله تعالى، ولا تتعاونوا على ارتكاب الآثام ولا على الاعتداء على حدوده، فإن التعاون على الطاعات والخيرات يؤدى إلى السعادة، أما التعاون على ما يغضب الله تعالى فيؤدى إلى الشقاء. قال الآلوسى: والجملة عطف على قوله”وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ” من حيث المعنى، فكأنه قيل: لا تعتدوا على قاصدي المسجد الحرام لأجل أن صدوكم عنه، وتعاونوا على العفو والإغضاء. وقال بعضهم: هو استئناف، والوقف على”أَنْ تَعْتَدُوا” (المائدة 2) لازم. قوله تعالى “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” (المائدة 87) يا أيها الذين آمنوا بالله إيمانا حقا، لا تحرموا على أنفسكم شيئا من الطيبات التي أحلها الله لكم، فإنه سبحانه ما أحلها لكم إلا لما فيها من منافع وفوائد تعينكم على شئون دينكم ودنياكم. وقوله: وَلا تَعْتَدُوا تأكيد للنهى السابق. والتعدي معناه: تجاوز الحدود التي شرعها الله تعالى عن طريق الإسراف أو عن طريق التقتير. أو عن طريق الاعتداء على حق الغير أو عن أى طريق يخالف ما شرعه الله تعالى. وقوله: “إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” (المائدة 87) في موضع التعليل لما قبله. أى: لا تحرموا أيها المؤمنون على أنفسكم ما أحله الله لكم من طيبات ولا تتجاوزوا حدوده بالإسراف. أو بالتقتير أو بتناول ما حرمه عليكم فإنه سبحانه لا يحب الذين يتجاوزون حدود شريعته، وسنن فطرته. وهدى نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (المائدة 2) عن الامام ابي حسن الواحدي في اسباب نزول القران تحقيق كمال زغلول قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الْحُطَمِ وَاسْمُهُ شُرَيْحُ بْنُ ضُبَيْعَةَ الْكِنْدِيُّ أتى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم، مِنَ الْيَمَامَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَخَلَّفَ خَيْلَهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، وَدَخَلَ وَحْدَهُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السلام، فَقَالَ: إِلَامَ تَدْعُو النَّاسَ؟ قَالَ: إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ. فَقَالَ:حَسَنٌ، إِلَّا أَنَّ لِي أُمَرَاءَ لَا أَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُمْ، وَلَعَلِّي أُسْلِمُ وَآتِي بِهِمْ. وَقَدْ كان النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ شَيْطَانٍ. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السلام: (لَقَدْ دَخَلَ بِوَجْهِ كَافِرٍ، وَخَرَجَ بِعَقِبَيْ غَادِرٍ، وَمَا الرَّجُلُ بِمُسْلِمٍ). فَمَرَّ بِسَرْحِ الْمَدِينَةِ فَاسْتَقَاهُ، فَطَلَبُوهُ فَعَجَزُوا عَنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عَامَ الْقَضِيَّةِ، سَمِعَ تَلْبِيَةَ حُجَّاجِ الْيَمَامَةِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَذَا الْحُطَمُ وَأَصْحَابُهُ. وَكَانَ قَدْ قَلَّدَ مَا نَهَبَ مِنْ سَرْحِ الْمَدِينَةِ وَأَهْدَاهُ إِلَى الْكَعْبَةِ. فَلَمَّا تَوَجَّهُوا فِي طَلَبِهِ، أَنْزَلَ اللَّه تعالى:يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ يُرِيدُ مَا أُشْعِرَ للَّه، وإِن كانوا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ.)
جاء في كتاب مصباح الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: أقول: استدلوا على حرمة الاعانة على الاثم بوجوه: 1 – قوله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة 2)، فان ظاهرها حرمة المعاونة على الاثم والعدوان مطلقا. وفيه: ان التعاون عبارة عن اجتماع عدة من الاشخاص لايجاد امر من الخير أو الشر ليكون صادرا من جميعهم، كنهب الأموال وقتل النفوس، وبناء المساجد والقناطر، وهذا بخلاف الاعانة، فانها من الافعال وهي عبارة عن تهيئة مقدمات فعل الغير مع استقلال ذلك الغير في فعله. وعليه فالنهي عن المعاونة على الإثم لا يستلزم النهي عن الاعانة على الاثم، فلو عصى أحد فاعانه الاخر فانه لا يصدق عليه التعاون بوجه، فان باب التفاعل يقتضي صدور المادة من كلا الشخصين، ومن الظاهر عدم تحقق ذلك في محل الكلام. نعم قد عرفت فيما سبق حرمة التسبيب الى الحرام وجعل الداعي إليه، لكن حرمة ذلك لا تستلزم الحرمة في المقام.