بقلم: د. بلال الخليفة – حسنين تحسين
معادلة قوة الدول تتناسب طرديًا مع الاكتفاء الذاتي، فكلما قلة حاجتها لاستيراد السلع الأساسية زادت قوتها، و اهم حاجة لقوة الدول هي الطاقة، لذا تسعى الدول إلى عدم ربط مصير حاجتها الأساسية من الطاقة بدولة اخرى و إذا فعلت ذلك تُصبح تابعة لا اراديًا إلى تلك الدول التي تستورد منها الطاقة ((الغاز و النفط)).
وهذا واضح من تحركات أوروبا وبالخصوص المانيا لايجاد بديل عن الطاقة الروسية (النفط والغاز) من قطر وامريكا وغيرها حتى لا تكون تابعة او خاضعة لارادتها وتكون ضعيفة امام تهديداتها.
كما ان عقوبات أوروبا و امريكا على روسيا وخصوصا على القطاع النفطي والغازي والمالي و فرضها العقوبات غير المنطقية على التعريفات الجمركية على الصين رغم حجم التبادل الكبير بين الطرفين، جعل الصين المؤثر الأساسي الان بسعر النفط، حيث جعل الصين تبحث عن طرق لتخفيف اعتمادها على الطاقة من الخارج، لذا انطلقت كالصاروخ بصناعة السيارات والقطارات الكهربائية!! و كذلك بسبب اقتصادي معروف للاقتصاديين ان خلال الربع الأخير من العام 2024 هناك شبه كشوفات حساب للشركات تبين مدى النمو و التضخم و غيرها من المحددات الاقتصادية، اذ أظهرت المعطيات منذ شهرين ان هناك تباطأ بالنمو في الصين مما افرز مخاوف كبيرة للمستثمرين ان ذلك سيؤثر على سوق الانتاج الصيني فأدى إلى ضعف الاستيراد من النفط، فانخفض سعر النفط خلال ايام اكثر من 10 دولارات اي فقد النفط اكثر من 10% من سعره.
وبالتالي توجد علاقة سببية كبيرة بين معدل النمو الصيني وسعر خام النفط، وبالتالي ان انخفاض اسعار النفط بسبب تباطأ النمو في الصين، وان تلميحات “اوبك بلس” الأخيرة والتي تخص احتمالية زيادة الانتاج، و كذلك بسبب وجود النفط الإيراني و الروسي و العراقي المهرب (المباع خارج سلطة اوبك بلس).
إضافة إلى الأسباب انفة الذكر، قامت وزيرة الخزانة الأمريكية سابقًا بحركة ذكية ومؤثرة في ظاهرها تقويض استفادة روسيا من بيع نفطها و لكن الحقيقة كانت تخفيض اسعار النفط دون 90 دولار، حيث قامت وزير الخزانة الأمريكية باقتراح على مجموعة السبع بوضع سقف للنفط الروسي المُباع عالميًا، الأمر الذي ساعد كثيرًا في خفض اسعار النفط.
في الربع الاخير من هذه السنة المالية، انخفضت اسعار الطاقة بسبب وجود مخاوف ركود وضعف النمو في الصين وهذا يعني صعوبة ارتفاع اسعار النفط حتى تأذن الصين مع العلم ان امريكا يروقها اسعار طاقة منخفضة. هذا كله قبل حتى مجيء ترامب لحكم امريكا الذي سيهوي باسعار النفط على اقل تقدير دون 60 دولار.
العراق على موعد مع قرارات باهظة على المواطنين إذا استمر هذا الانخفاض بالأسعار ومع مجيء ترامب خلال نصف عام من الان.