تعقيباً على تصريحات رئيس النزاهة..المالكي يحذر من انهيار "النظام السياسي"
تستمر تداعيات تصريحات رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، والتي رمى فيها الاتهامات على القضاء في ما يخص قضية الأمانات الضريبية والمتهم نور زهير، مؤكدا “استضعاف” هيئته.
إذ عدَّ رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، اليوم الخميس، التجاوز على القضاء والحكومة والبرلمان عبر الإعلام، بداية خطيرة قد تكون تداعياتها “أخطر من الإرهاب”، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى “انهيار النظام السياسي”.
وقال المالكي في كلمة متلفزة بثها مكتبه الإعلامي، إن “حديثنا اليوم عن عطاءات الجهاد والدماء والشهداء التي أنتجت لنا هذه العملية السياسية الديمقراطية التي نعيش فصولها والتي تأسست على أساس الديمقراطية والفصل بين السلطات من اجل ادامة العمل السياسي وأن تحترم السلطات بعضها البعض الاخر والكل يأخذ مداه لأداء الأعمال كل حسب سلطته”.
وأضاف “عبرنا في وقت سابق وفي مناسبات عديدة خلال كتابة الدستور وما بعده من اي شئ يهدد الدولة من خلال اضطراب العلاقة بين السلطات الثلاث وحذرنا أن يحصل عدم سوء تفاهم وضرورة ان تسير الامور وفق الاتصالات والتفاهمات بينها حتى تستقر العملية السياسية ولا يمكن ان تكون سلطة معزولة عن باقي السلطات”.
وتابع أن “القضاء له كل الاحترام وهي السلطة التي نعود إليها بكل الازمات وثقتنا بها كاملة ونتمنى ان تستمر هذه الثقة والجهود في عملية ضبط جميع الأمور التي تحتاج الى قرار قضائي”، منوها “كما ان السلطة التشريعية لها احترامها في أداء دورها بالتشريع ومراقبة الجهات التنفيذية والمؤسسات وجميع القضايا التي تحتاج الوقوف عندها”.
ولفت الى ان “السلطة التنفيذية التي تتحمل ثقل المسؤولية في إدارة العملية التنفيذية في الإدارات والوزارات فلها احترامها”، مشددا على ان “كل طرف منهم يؤدي دوره بحال عمل وفقا لصلاحياته أما إذا حصل تجاوز على السلطات او على القضاء كما رأينا بالإعلام او حصل تجاوز على السلطة التشريعية أو التنفيذية فهذه بداية خطيرة ربما تكون اخطر من العمليات الإرهابية على اعتبار ان استهداف البنى التحتية وهي السلطات فهو يهدد أساسيات النظام الثلاثية كما حصل مع الأسف الآن وكما يحصل في بعض المناطق التي تشكو من تدخل في شؤون سلطة أخرى”.
واكد على “ضرورة احترام القضاء وما حصل من أحداث أخيرة لا نتكلم عنها بالسلب او الايجاب بل ننتظر قرار القضاء ولا نحتاج الى استباق الاحداث قبل انتهاء التحقيقات”، مستدركا بالقول “أما الجانب التشريعي محترم وعلى الجميع داخل قبة البرلمان التماسك لحماية السلطة التشريعية لأننا نسمع عن حالات عدم تماسك وخلافات بين النواب وعلى الجميع ان يتذكر الانتماء للسلطة التشريعية ونفس الحال يعود على السلطة التنفيذية المطالبة بالتعاون مع باقي السلطات”.
ودعا المالكي مسؤولي الأحزاب والقوى السياسية الى “احترام السلطات وعدم التجاوز عليها بعمل او اعلام لان هذا يضعف الحكومة والعملية السياسية وعلينا الارتقاء لان هكذا أمور لا يمكن معالجتها بالمصالحة او غيرها لانها أساسيات ودونها تنهار العملية السياسية التي ناضلنا من أجلها”.
وكشف رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، من أربيل أمس الأربعاء، في مؤتمر صحفي غلب عليه التوتر والصراخ، صدور مذكرة قبض بحقه على خلفية التحقيق في “سرقة القرن”، مؤكدا أن نور زهير، “قام بتزوير 114 صكاً مالياً، وعليه أن يعاقب بـ114 حكماً”، وكشف عن أنه “سرق 720 دونماً في شط العرب” جنوب العراق.
كما قال القاضي، بصوت مرتفع: “القاضي ضياء جعفر (الذي يحاكم زهير) يلاحقني، وأصدر أمر إلقاء قبض بحقي، مع العلم بأن القضية كانت في البصرة، ونقلت إلى بغداد لدى القاضي جعفر؛ لكن الملفات اختفت عنده”، لافتا إلى أن “نور زهير عبارة عن العربة التي حملت فيها الأموال”.
وكان المحلل السياسي مجاشع التميمي، أكد في تقرير سابق، أن “ما حصل في أربيل الأربعاء سيكون أمرا فاصلا في عمليات مكافحة الفساد والمشهد السياسي لأن ما جرى وما صرح به القاضي حيدر حنون لن يمر دون أن تكون هناك مراجعة ومحاسبة من قبل القضاء والحكومة والبرلمان”.
وأضاف “من الواضح أن القاضي حنون يتعرض إلى ضغوط سياسية، لكن ردة الفعل كانت سلبية، كما أن الإدلاء بهذه التصريحات في أربيل قرار غير موفق، وكان الأجدر به أن يدلي بهذه التصريحات في مجلس النواب أو في هيئة النزهة أو يذهب إلى ميسان ومن هناك يرد على الاتهامات بشأن استيلائه على أراضي في المحافظة”.
وكان القاضي جعفر قد صرح الشهر الماضي بأنه هو من أصدر قرار الإفراج عن زهير بكفالة قانونية، ليتسنى له تسديد ما بذمته من أموال.
يشار إلى أن الإطار التنسيقي ناقش، أمس الأربعاء، ما تم تداوله من خروق بعض موظفي مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مستمعا إلى ملخص من السوداني، الذي أكد أهمية “محاسبة كل من يثبت تقصيره” معبراً عن دعمه للقضاء في تحقيقاته وإجراءاته.
وهزت قضية “سرقة القرن” الأوساط السياسية في البلاد، لاسيما بعد الإعلان عن متهمه الرئيسي نور زهير، ثم خروجه من البلاد بالرغم من قرار منعه من السفر للمثول أمام المحكمة، ثم ظهوره في لبنان وقبلها على فضائيات يهدد “بالتحدث عن أسماء والكشف عن كل شيء”، في حال تمت محاكمته علنياً.
وأصدر القضاء العراقي، في 27 آب الماضي، مذكرتي قبض بحق المتهم الأول نور زهير والمتهم الثاني هيثم الجبوري، على خلفية اتهامه بالاشتراك في سرقة الأمانات الضريبية.
يذكر أن الكشف عن سرقة القرن، يعود إلى عهد وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار، عام 2022، حيث كشف خلال إعلانه استقالته من منصب وزير المالية وكالة، عن سرقة 2.5 مليار دولار (3.7 ترليون دينار) من أموال الضريبة في مصرف الرافدين الحكومي.
وفي منتصف تموز الماضي، عدّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، موضوع سرقة الأمانات الضريبية المعروفة باسم “سرقة القرن”، نقطة سوداء في تاريخ الدولة العراقية، وأشار الى أنها نُفذت بغطاء رسمي، وكشف عن تهريب نصف أموالها الى خارج البلد.
وكانت القوات الأمنية اعتقلت المتهم الأبرز بسرقة القرن، نور زهير، في 24 تشرين الأول من 2022، قبيل فراره لخارج العراق بطائرة خاصة من مطار بغداد الدولي، حيث جرى منع الطائرة من الإقلاع بعد صعوده على متنها واعتقاله.
وأثارت القضية سخطا شديدا في العراق الذي شهد في السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد، حيث باتت حديث الشارع العراقي والأوساط السياسية وغيرها حتى انتقل صداها إلى خارج العراق لتتناولها وسائل إعلام عربية وغربية.