ما رأيناه خلال الشهر الأخير من حرب غزة ولبنان، من استخدام التكنولوجيا في عمليات الاغتيال والقتل المبرح للضحايا، وإن كانوا أطفال ونساء، كان بالحقيقة، يحير العقول، استهداف ممنهج، طالت قيادات من قيادات المقاومة الشيعية اللبنانية، وقبلها عملية اغتيال اسماعيل هنية وهو بغرفة نومه في أحد بيوت الضيافة إلى الحكومة الايرانية بطهران، حيث كان اسماعيل هنية ضيف لدى إيران، بوقتها، تم الحديث، أن هنية استخدم تليفونه، وتم رصده، وأطلق عليه مقذوف صغير من داخل العاصمة الإيرانية طهران، ودخل المقذوف الصاروخي عليه داخل غرفته، حيث قتل هنية وحارسه الشخصي.
خلال الأربعة الأسابيع الماضية، شاهدنا عمليات اغتيالات طالت قيادات من المقاومة الشيعية اللبنانية، وفي منطقة الضاحية الجنوبية، ومنها عملية الاغتيال التي طالت السيد حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، العملية نفذت بدقة، ومنذي عملية الاغتيال استعملوا ٨٥ صاروخ ووزن كل صاروخ طن من المتفجرات.
في علم البالستيقيات أي علم الصواريخ، سمعت كلام من الشهيد العقيد علي شاني البصري، وهو معلم معروف في الكلية العسكرية قسم المدفعية والصواريخ في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وكان يدرس مادة المشاغلة، قال، إذا كان وزن القذيفة أو الصاروخ عشرة كيلوغرام من مادة تي ن تي، ويطلق من مدفع أو منصة صاروخ، يكون كل كيلوا غرام يسقط على الأرض يعادل وزن طن، أي وزن القنبلة أو الصاروخ اذا كان عشرة كيلو جرام، يكون وزنه لدى السقوط على الأرض يعادل ثقل عشرة أطنان، وللأسف العقيد الشهيد علي شاني البصري، قام نظام البعث بإعدامه بصيف عام ١٩٩٣، مع مجموعة من أنصار القوى اليسارية، وكتبت النجاة للصديق وابن العم الأستاذ طالب هاشم الحمدان النجاة، انقذه عامل مصري، كان لدى الأستاذ طالب هاشم الحمدان شقة بمركز البصرة، العامل المصري شاهد مجموعة من الأشخاص أحضروا دريلات وكسروا باب الشقة ودخلوا للشقة، بإنتظار عودة طالب هاشم ابو مشتاق للشقة لكي يلقون القبض عليه، العامل المصري، عرف ان هؤلاء من عناصر الامن، ذهب إلى مكان يلتقي به ابو مشتاق، وأخبره بوجود عناصر أمن بشقته، لذلك استطاع الهرب للاهوار وإلى إيران ومن ثم إلى شمال العراق وانضم إلى حزب عزيز صالح العليان من أهالي الحلة في أربيل، وبزمن المعارضة أصدر صحيفة.
العقيد الشهيد علي شاني البصري لو كان في بلد آخر ليس العراق الذي يحكمه صدام جرذ العوجة، لتم الاستفادة من خبراته العلمية، لكن هذا هو حال شعب العراق، تحت ظل حكم صدام الجرذ الهالك، عمليات الاغتيالات بالضاحية الجنوبية متكررة حيث أعلن أن يوم أمس تم اغتيال قيادي آخر بالضاحية وهو الشيخ نبيل قاووق، حسب قناة الجزيرة الفضائية، ولا استبعد بتعاون بعض موظفي هذه القناة مع أجهزة المخابرات الدولية.
مانشاهده من عمليات اغتيالات دقيقة تطال قيادات مهمة، وفي وسط الأحياء السكنية، ولا يهم الطيارين الاسرائيليين قتل آلاف المواطنين الابرياء للوصول إلى هدفهم، هذه العمليات الدقيقة لم تكن عمل مفرد لاسرائيل، بل مع اسرائيل دول كثيرة من حلف الناتو، مضاف لهم عناصر من داخل لبنان من أنصار حزب الكتائب الذين تربطهم علاقات صداقة مع الاسرائيليين، يضاف لهم عناصر وهابية تكفيرية تعمل أيضا لصالح أجهزة المخابرات الدولية في استهداف قيادات شيعية، بظل تقاطع مصالح القتل التي تطال الشيعة، الدلائل تشير لوجود عمليات مسح وجمع معلومات من خلال تكنولوجيا حديثة مرتبطة مع أجهزة الاتصالات خلال سنوات، وأن عمليات المسح وجمع المعلومات منصبة بشكل كبير بمنطقة الضاحية، وهذا دليل أن الاغتيالات جميعها تحدث في الضاحية، لم تحدث عمليات اغتيالات في بيروت خارج منطقة الضاحية الجنوبية، حتى العارودي القيادي بحماس أيضا اغتيل بالضاحية الجنوبية، لبنان لا يملك إمكانية كشف الأجهزة التكنولوجية التي تراقب وترصد، وهذه تحتاج إمكانيات دول كبرى، قضية تفجير أجهزة البيجر وأجهزة اللاسلكي، وبالتاكيد خلال فترة استعمال هذه الاجهزة، أيضا ربما كانت إسرائيل ومن خلال التكنولوجيا الحديثة كانت تحدد الأماكن، حيث توجد برامج، تحدد حركة الأشخاص، وأين يتوقفون، عمليات الاغتيالات التي نفذت داخل ايران، احضروا سلاح خاص في عمليات اغتيال عالم نووي إيراني، لديهم إمكانيات كبيرة في عمليات التجسس والتنصت والاغتيال.
عملية اغتيال السيد حسن نصر الله وبقية القيادات الأخرى، بالتأكيد يحل محلهم قادة آخرين ربما أكثر تشدد، خلال العشرين سنة الماضية ومشاركة حزب الله في الحياة السياسية، كان السيد حسن نصرالله لديه علاقات طيبة مع الكثير من قادة المكون المسيحي والمكون السني والمكون الدرزي، حسب اعتقادي أن السيد حسن نصرالله لم يتخذ قرارات متسرعة بسرعة الرد، وربما الشخص الذي يخلفه يكون متشدد أكثر.
عمليات القصف المكثف على مدن الشيعة في لبنان جعل نسبة عالية من أبناء المخيمات الفلسطينية ومن القوى المسيحية المعتدلة ومن أبناء المكون السني والمكون الدرزي يقفون مع المواطنين الشيعة ويستقبلوهم في بيوتهم.
وجهة نظري القوى المسيحية والسنية المعادية إلى سلاح المقاومة يرتكبون خطأ كبير، لولا سلاح المقاومة الشيعية لما تم ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، وكانت الجهود منصبة لترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل لولا غزوة منظمة حماس في السابع من أكتوبر بالعام الماضي والتي فتحت الأبواب للصراع إلى لبنان والبحر الأحمر…….إلخ.
عمليات الاغتيال والقتل الجارية في غزة ولبنان لم تقضي على القوى المقاومة، بظل وجود رفض إسرائيلي حتى لفكرة حل الدولتين، دولة إسرائيلية ودولة فلسطينية، الأنظمة العربية المطبعة لم تستطع إقناع قادة إسرائيل بالقبول بحل الدولتين لكي فعلا يتم إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويعم السلام والأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي والعيش الكريم، لو كان حل الدولتين موجود لما وقعت كل هذه الحروب.
دخول القوى المقاومة الشيعية بحرب غزة كان بسبب عمليات القتل المبرح لشعب غزة العربي المسلم السني، وليس لإزالة دولة إسرائيل، الدول العربية اتخذوا قرار التطبيع المجاني، ورفضوا التوسط لدى الإدارة الأمريكية ولدى صديقهم نتنياهو في إيقاف الحرب المدمرة، نتنياهو في خطابه بالأمم المتحدة، عرض خارطة إلى أعدائه، وخارطة أخرى لأصدقاء إسرائيل وهم المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والسودان، يفترض بهذه الأنظمة العربية تتوسط لدى نتنياهو لإيقاف الحرب الدائرة، ويتم إعطاء الفلسطينيين أرضهم حتى لو على مساحة صغيرة ولتكن قضاء من الضفة الغربية وقرية من قطاع غزة، مساحة الأرض تخص الفلسطينيين والعرب بشكل خاص.
في الختام على القوى الشيعية التفكير بمصلحة أبنائهم واذا يوجد عار بعدم وقف حرب غزة تتحملة الدول العربية السنية أصدقاء نتنياهو وإسرائيل.
الدستور اللبناني يضمن حقوق كل المكونات، لذلك لا يوجد خوف على شيعة لبنان، بتهميشهم، بل حقوقهم مضمونة وفق الدستور، مضاف لذلك وجود علاقات جيدة بين قادة الشيعة اللبنانيين مع اخوانهم اللبنانيين من السنة والمسيح والدروز، لا يوجد سبب مقنع لدخول القوى المقاومة الشيعية بصراع من أجل العربان، اعلموا أيها الشيعة، العربان أمة منكوحة فمن الأفضل ترك هؤلاء المهتوكين الأراذل والتفكير في توفير العيش الكريم لابنائكم والف طز بالعربان الأراذل خونة الأوطان وعملاء الاستعمار.
أشاهد الآن قناة الميادين وفي بلدة زبود بجنوب لبنان، تم عرض صور قصف بيت بقصف جوي إسرائيلي أدى إلى استشهاد ١٧ شخص من عائلة واحدة، وتم نقل سبعة آخرين جرحى، يعني عائلة ابيدت بشكل كامل،وحسب قول مراسل الميادين أيضا تم قصف بيت آخر بنفس المنطقة أصاب عائلة استشهدوا جميعا وعددهم عشرة أفراد، رحم الله الشهداء، نختم مقالنا هذا بقول إلى المفكر نعوم تشومسكي، (
لا يوجد شيء اسمه بلد فقير يوجد فقط نظام فاشل في إدارة موارد البلد).
مع خالص التحية والتقدير.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.