بقلم: ساره كمال مصطفى – ماجستير قانون دولي عام
تمثل الاتفاقيات الدولية بشكل عام جزءا حيويا من منظومة العلاقات الدولية اذ تشكل هذه الاليات القانونية اساسا للتفاهم والتعاون بين الدول والمؤسسات، اذ تشكل الية الاتفاقيات وسيلة اساسية لتحديد الحقوق والواجبات وتوفير اطار قانوني يضمن استقرار العلاقات الدولية وتشتمل الاتفاقيات الدولية على عدة انواع وما يهمنا منها الان الاتفاقيات القضائية اذ تعتبر الاتفاقيات القضائية احد الادوات المهمة لتسوية النزاعات وتحقيق العدالة وحماية حقوق الافراد وبما ان هذا النوع من الاتفاقيات يحمل جانب قضائيا لذلك يثار التساؤل عن الجهة التي تملك صلاحية ابرامها لا سيما ان الدستور العراقي لسنة 2005 يقوم على اساس مبدا الفصل بين السلطات والقائم على أساس تحديد اختصاص كل سلطة وبالرجوع الى دستور 2005 نجد انه حدد صلاحية كل سلطة في مواده فقد نصت المادة 80 من الدستور سادسا والخاصة بتحديد الاختصاصات الحصرية للسلطة التنفيذية على:
(يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الاتية:
سادسا: التفاوض بشان المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتوقيع عليها او من يخوله)
وبذلك نجد ان الدستور قد أورد صلاحية عقد المعاهدات ضمن اختصاصات السلطة التنفيذية والمتمثلة بمجلس الوزراء كذلك فان المادة 91 من الدستور العراقي لسنة 2005 قد أوردت اختصاصات السلطة القضائية وسكتت عن اذا ما كان لهذه السلطة صلاحية ابرام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بجانب القضاء ام لا ، وعلى ذلك فقد اغفل الدستور 2005 عن مسالة الجهة المختصة بأبرام الاتفاقيات المنظمة لأوضاع لا تكون من صميم عمل السلطة القضائية ومنها الاتفاقيات القضائية ، هذا من ناحية من ناحية أخرى نجد ان قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45 لسنة 2017 قد سلك طريقا اكثر نجاعة وذلك حينما اعطى لمجلس القضاء سلطة ابرام الاتفاقيات القضائية اذ ذهبت المادة الثالثة فقرة حادي عشر الى (يتولى مجلس القضاء الأعلى المهام الاتية: حادي عشر : عقد الاتفاقيات القضائية ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع وزارة العدل) وعلى ذلك فقد اعطى القانون لمجلس القضاء صلاحية ابرام الاتفاقيات القضائية ، وان هذه الصلاحية التي نص عليها القانون لا تتعارض مع الصلاحيات التي أوردها الدستور ولا على مبدا الفصل بين السلطات وذلك من ناحيتين الناحية الأولى هو ان القانون حينما اعطى للسلطة القضائية صلاحية ابرام المعاهدات القضائية قيد ذلك بشرط ان تكون بالتنسيق مع السلطة التنفيذية والمتمثلة بوزارة العدل وذلك لضمان القيام بالاعمال التي تدخل في حيز هذه السلطة والمتعلقة بالالتزامات الدولية والمالية ، اما الجانب الاخر فان مجلس القضاء هو صاحب الاختصاص والدراية الكاملة بشان طبيعة وتنفيذ لاتفاقيات القضائية التي تبرم مع الجهات القضائية الاخرى وهو الامر الذي اكدته المحكمة الاتحادية العليا.
وفي الختام فان ابرام الاتفاقيات القضائية لا بد ان يكون من قبل السلطة القضائية وبالتنسيق مع السلطة التنفيذية وذلك لضمان فاعلية هذه الاتفاقيات وتحقيقاً لمبدأ الفصل بين ألسلطات اذ بخلاف ذلك نكون امام تدخل في شؤون القضاء اذ تعد الاتفاقيات القضائية اداة حيوية لتحقيق العدالة وحماية الحقوق وانعكاسا للالتزام الدولي في تعزيز قيم العدالة.