نسمع كثيرا في الإعلام العربي، الحديث عن الملك والرئيس والحاكم والأمير الوطني العربي، وفي الحقيقة غالبية الملوك والرؤوساء والحكام العرب، تم انتخابهم من قبل مخابرات دول الاستعمار، ومن خلال جيوش دول الاحتلال، تم دعم عملاء الاستعمار، ليكونوا ملوك ورؤساء وقادة على الشعوب العربية.
لذلك غالبية الأنظمة العربية صناعة اجنبية، فلايمكن ان يتم اتهامهم بالقول أنهم غير وطنيين، هؤلاء تم تنصيبهم من دول الاستعمار، ولم يصلوا إلى السلطة عن طريق انتخابات شعبية حرة ونزيهة.
غالبية الحكام العرب لم يأتوا إلى السلطة أصلاً بطريقة وطنية، فليست هناك ديمقراطية ولا انتخابات ولا حرية، ولامؤسسات دستورية حاكمة، انا شخصيا عشت تحت سلطة ثلاثة أنظمة حكم مختلفة، التجربة الأولى ولدت وعشت بالعراق ورأيت المسرحيات الديمقراطية التي كان يمارسها صدام جرذ العوجة بحق أبناء الشعب العراقي، شاهدت الكثير من جرائم نظام البعث بحق أبناء الشعب وبشكل خاص ضد الشيعة والاكراد، اعدامات بالجملة وبدون أي ذنب سوى الانتماء الديني والمذهبي والقومي، حتى بعض الشرفاء،من الذين خدموا مع صدام أمثال الأستاذ مازن جزراوي مؤلف كتاب عشر سنوات بقصور صدام، دون في كتابه الذي يتكون من ثلاثمائة صفحة عشرات جرائم القتل والتعذيب، التي طالت حتى خدم صدام من حاشيته، وسرد قصة إعدام السيدة حنية المسيحية بسبب خطأ بنتها بشرى التي أخذت بالخطأ كاسيت قرآن ظننا منها أنه كاسيت اغاني يعود اليها، من مزرعة عائدة إلى صدام، المسكينة طلبت من السائق تشغيل الكاسيت واذا به قران، اعتذرت، لكن السائق اوصل الخبر ان بشرى اخذت كاسيت من كاسيتات صدام الرئاسية، النتيجة تم إعدام والدتها وسجن بشرى ستة اشهر، يقص قصة اخرى عن القذر عبد حمود، عنده فلاح في مزرعته في تكريت، الفلاح كان معه ابنه اضطر أن يقطف تفاحة إلى ابنه، شاهده الضابط المسؤول اوصل ذلك إلى عبد حمود، النتيجة اودعه في سجن انضباطي وتم تعذيبه لمدة عام لأجل تفاحة واحدة.
انا شخصيا رأيت تجلي الطائفية في الجيش في حقبة نظام حكم صدام، قائد فرقة مشاة العشرين داود سلمان الجبوري كان يشتم الشيعة بالعلن أمام الضباط والجنود، كان آمر سرية مقر الفرقة ضابط دراجي رتبته رائد اسمه عدنان ابو عمر، كان يعتقد دراجي من سامراء أو الانبار ويكنى في ابو عمر، لكن عندما أحس به أنه شيعي، في اليوم التالي نقله إلى فوج متقدم وجلب بمكانه ضابط من ديالى سني المذهب، وبقي منصب آمر سرية مقر الفرقة للضباط السنة في فرقة المشاة العشرين دون غيرهم.
شاهدت تشكيل مجالس تحقيقة بالجيش باطلة وتم الحكم على جنود أبرياء بالتقصير المتعمد بشكل ظالم والنتيجة تم إعدامهم ، كان ممكن لرئيس لجنة التحقيق والضباط الذين معه، كتابة فقرة إهمال غير متعمد، أتمنى يتم فتح المجالس التحقيقية التي شكلت بالجيش السابق ليطلع عليها أبناء الشعب العراقي.
تصوروا كنت طالب في الاعدادية تم اعتقال المهندس محسن جسام الشمري مدرسنا في مادة العلوم الصناعية، باليوم التالي سيارات أمن الكوت، جائت إلى اعدادية صناعة واسط وتم اعتقال أكثر من عشرين طالب وكانت اعمار الطلاب مابين سن ١٥ سنة الى ١٨ سنة تم إعدام غالبيتهم، يوميا يأتون في مدير جديد إلى الاعدادية، ملاك المدير مهندس مدني، اقسم بالله جلبوا لنا معلمين بعثيين يُدرسون مدارس ابتدائية منهم شخص اسمه جليل كان بيده مسدس بيوم رفعت العلم يا ويل الطالب الذي يأتي متأخرا، يشبع شتائم وضرب….إلخ.
عشت من حياتي ٢٥ سنة بالعراق رأيت الويل، بعدها هربت وسجنت بالسعودية اربع سنوات رأيت أشكال الوان العذاب، اسواها كنت مصاب بقرحة بالمعدة تصوروا منعوا عني العلاج وعشت بالقدرة، وفد دنماركي انقذني من موت محقق، زار معتقلات السعودية، تصوروا رفاقي الاعزاء ، كان طولي ١٨٦ سم وكان وزني ٥٥ كيلوغرام، كنت عبارة عن هيكل عظمي، بعدها وصلت الى الدنمارك قبل أكثر من ثلاثين سنة، وعشت في بلد يحكم بالقانون والدستور وعن طريق الانتخابات الديمقراطية، يتم تشكيل الحكومات، بل حتى أنا انتميت إلى حزب يساري وجربت ارشح نفسي إلى احدى الانتخابات البلدية وتم وضع صوري في أماكن كثيرة في كوبنهاكن، موجود اسمي في الغوغل عضو بحزب يساري ومرشح سابق في الانتخابات البلدية الدنماركية.
عندما نتكلم عن الظلم وعن الدكتاتورية وعن الديمقراطية فأنا عشت تحت سلطة ثلاثة أنظمة حكم مختلفة في حياتي، عشت تحت سلطة نظام صدام القذر الطائفي الشوفيني، وعشت تحت سلطة نظام ال سعود الوهابي التكفيري البدوي، وعشت تحت نظام ديمقراطي مصنف من أفضل الدول الديمقراطية في العالم وهي الدنمارك.
لايوجد نظام وطني بالدول العربية لأن الأنظمة العربية صناعة استعمارية، بحقبة نظام صدام القمعي كان يعمل مسرحيات للضحك على الذقون، في عمل انتخابات وتكون نتائج الانتخابات مقررة قبل أشهر من إجرائها، وكان يحصل صدام على نسبة ٩٩،٩،٩% من نتيجة التصويت والمشاركة بنسبة ١٠٠% وياويل الذي لايذهب إلى المدرسة الابتدائية لكي يدلي بصوته، ورغم أنف المعلمين والمدرسين ينظمون الانتخابات وبشكل مجاني، وحتى الطعام على المعلمين والمدرسين، هذا واقع العراق المرير تحت ظل حكم صدام المجرم وعصابته من أبناء العوجة الأراذل.
يفترض في الحكومة العراقية الحالية، تقوم في توزيع الكتب التي ألفها الكثير من العراقيين الذين فضحوا جرائم صدام بحق أبناء الشعب العراقي، وبشكل مجاني لكي يطلع أبناء الشعب من مواليد ما بعد حقبة حكم صدام على جرائمه المروعة.
انا عشت بالدنمارك أكثر حياتي اقسم بالله لم اسمع مفردة وطني في الإعلام الدنماركي والسويدي، في الحملات الانتخابية لم نسمع مصطلح انتخبوا المرشح أو المرشحة الوطنية الفلانية،
لأن أنظمة الحكم الديمقراطية لا تقوم أصلاً على المشاعر الوطنية، بل الديمقراطية مبنية على دستور حاكم ومؤسسات دستورية والشعب ينتخب ويختار افضل البرامج الانتخابية المقدمة من قبل المرشحين.
لذلك يعيش العرب خرافة اسمها خرافة الحاكم الوطني، تغنى العرب بالقيم الوطنية وفي الزعيم الوطني لكن معظم من يُسموّن بالحكام الوطنيين في البلدان العربية هم صناعة اجنبية، لم يجلبوا سوى الفقر والقهر وكل انواع الذل والخراب والدمار، احد الأبواق الإعلامية المرتبطة بدول الاستعمار كتب تغريدة يشتم بها العرب وهدفه الإساءة إلى القوى المقاومة، يقول ان ( أفضل حقبة عاشتها مصر في تاريخها الإسلامي كانت تحت الحكم الفاطمي الأجنبي وليس الحكم الوطني المحلي، وأن المصريين والعرب يحنون لحكم الاستعمار)، تصوروا حجم السقوط الأخلاقي لدى هذا المعتوه، كتب الكثير من الكتاب المصريين أن مصر أصبحت عربية ومسلمة بعهد الحكم الفاطمي الشيعي الاسماعيلي وأن الإسماعيلية هم من بنوا جامعة الأزهر ويأتي هذا المنحط ليقول أنهم ليسوا مصريين وليسوا عرب وليسوا مسلمين.
هذا التافه يتعمد إلى الخلط بين الوطنية والحكم الصالح، والغاية من ذلك يريد يقول إن دول الاستعمار رحيمة، ويتناسى هذا المنحط أن من صنع أنظمة دول العرب هم دول الاستعمار، ولايمكن لأي شريف أن يترحم على الاستعمار أو استبدال الطغاة بأجنبي، فالوطنية ليست خرافة بل مسؤولية وعندما تسقط الأوطان في يد الحكام الفاسدين، يكون العيب في الأنظمة لا في مفهوم الوطن نفسه، والكرامة ليست هبة من مستعمر أو دكتاتور، بل هي حق يُنتزع بإرادة الشعوب وحكم عادل.
لذلك الوطنيه هى وطنيه الأفكار والقيم لا الأشخاص، كم من وطنى عربي كذاب دجال رفع لواء الكرامه وهو قزم من اقزام الاستعمار، ممن ادعوا الوطنية من الأنظمة العربية ورفعوا شعار ( أنا أو لا أحد والدولة أنا وأنا الدولة) أو حسب قول صدام الهالك( من يريد العراق عليه يستلم العراق أرض بلا انسان) الوطن شيء وكذبة الأنظمة الوطنية شيء آخر، الوطنية لدى العرب كذبة، لأن أنظمة العرب صناعة استعمارية،
الوطن لا يبنى إلا بمؤسساته، ومؤسسة الحكم هي جزء من تلك المؤسسات.
الغريب أنهم واعني الأنظمة العربية الفاشستية، يوهمون شعوبهم بالشعارات الوطنية الكاذبة، وهناك حقيقة مؤلمة، بالرغم من التقدم المعرفي للإنسان إلا أن كثيرا من المجتمعات وخاصة لدى غالبية أبناء الشعوب العربية، نظرتهم للحاكم الفرد نظرة ابهار وانبهار ومبالغة تتعدى حدود الوصف.
الشعوب العربية معتادة العيش تحت ظل سلطة أنظمة قمعية، لذلك معظم الشعوب العربية معتادين على حكم دولة مركزية قوية، لأن ترك الخيار لأبناء المحافظات والمناطق العربية لحكم انفسهم، تعم الفوضى، بحيث كل من هب ودب يصبح شيخ عشيرة وهو بحياته ما صارف من جيبه ولا فلس واحد، لذلك الإصلاح من أجل دولة القانون والحريات والعدالة الاجتماعية يكون تدريجيا، اول الخطوات إيجاد حلول إلى الصراعات القومية والمذهبية، والتثقيف للثقافة المعتدلة في العيش المشترك وضمان العدالة والمساواة.
ماحدث عندما أنشئت دول الاستعمار دولنا العربية ، بعد الحرب العالمية الأولى، أن دول الاستعمار استبدلت مندوبها السامي بالحكام العرب الحاليين.
لذلك الوطنية لدى الأنظمة العربية، كانت شعارات بإدارة محلية ووصاية أجنبية لإبقاء الأمة في حالة ضعف ونهب الثروات، وهذا استمرار للاستعمار بطريقة غير مباشرة وأقل تكلفة، ومنذ عشرات السنين لم يكن عندنا نظام سياسي يمثل شعوب الأمة وثقافتها وهويتها إنما مجموعة عملاء وظّتفهم دول الاستعمار، ولهذا أنظمة الحكم العربية أسوأ من الاستعمار.
في الختام إذا اردت ان تواجه اي عدو، يجب ان تبني نظاماً يحترم شعبه ويؤمن له حياة كريمة ويحفظ حقوقه، فعندما يتعرض الشعب لأي عدوان من الخارج فيقف وقفة رجل واحد مدافعاً عن بلده، لأنه يدافع هنا عن المكتسبات التي حققها له النظام والوطن.
أما عندما لا توفر للشعب لا حرية ولا كرامة ولا حياة كريمة، فعن ماذا سيدافع الشعب اذا تعرض البلد لعدوان خارجي، هل سيدافع عن حريته وكرامته المسلوبة وحقوقه المسحوقة، نعم تجد الشيعة فقط دون غيرهم يدافعون عن الأوطان التي قتلتهم و اضطهدتهم، لذلك الشيعة يدافعون عن الأوطان بدون أي مقابل، حتى لو كان النظام ألد أعداء الشيعة، أما غير الشيعة ومن العرب السنة في بلاد المشرق العربي بشكل خاص هؤلاء بغالبيتهم خونة، على عكسهم العرب في شمال افريقيا لهم تاريخ في مقاومة الاستعمار، هل لكون غالبيتهم أمازيق، بكل الاحوال عرب شمال افريقيا، يختلفون عن العرب بالمشرق العربي، قادة العرب السنة بالشرق العربي، خونة مستعدين ان يعملوا بوظائف مكتوب عليها وظيفة عميل حتى للشيطان في اسم الدفاع عن مكونهم، لنقرأ كتابات كتاب البعث بصحيفتنا صوت العراق نجدهم جاهزين لتنفيذ مخططات الدول الاستعمارية التي تريد احتلال العراق وهناك من هم مستبشرين في ترامب لعله يسلم لهم حكم العراق هههههههه ياله من عار وسقوط أخلاقي.
مع تحيات
نعيم عاتي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.