حقل نفطي يعيد إلى الواجهة “التجاوزات الكويتية على السيادة العراقية”
أعلنت شركة نفط الكويت، اكتشاف كميات ضخمة من النفط والغاز في حقل النوخذة البحري، مما أثار جدلًا بين العراق والكويت حول ملكية الحقل.
ومؤخرًا، أعلنت شركة البترول الكويتية، أنها “اكتشفت خزينًا نفطيًا ضخمًا في حقل النوخذة شرقي جزيرة فيلكا الكويتية، باحتياطي يُقدر بنحو 3.2 مليارات بِرْمِيل من المكافئ النفطي”، مشيرة إلى أن “احتياطيات الاكتشاف الجديد تعادل إجمالي إنتاج البلاد في ثلاث سنوات”.
ويشهد الخلاف البحري الذي يظهر بين فترة وأخرى، تصاعدًا بين الكويت والعراق، والذي تعود جذوره إلى سنوات طويلة مضت لتعلقه بشكل أساسي بجزئية “المياه الإقليمية” الواقعة بعد النقطة 162 التي تعدّ بحرًا إقليميًا لكونها ما تزال غير مُرسمة بشكل واضح.
تجاوز كويتي جديد
ومن وجهة نظر عراقية، يقول عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، النائب غسان العيداني، إنّ “هذا التجاوز الكويتي هو الثاني بعد حقل الدرة، ويمثل تجاوزًا واضحًا على المنطقة الاقتصادية العراقية”.
موضحًا أنّ “الكويت تنفذ أعمال الحفر وفقًا لقرار أميري صادر لديها في عام 2014 أتاح لشركة البترول القيام الاستكشافات بهذه المنطقة بينما لا تزال المنطقة الحدودية غير مرسمة بالكامل بين البلدين”.
وأكد العيداني، في حديث لمنصة “الجبال“، أنّ “هذه التجاوزات من الجانب الكويتي على مصالح العراق لن تتوقف ما لم يوجد تحركات جدية لوضع حد لها وهو ما شرع به مجلس النواب عبر تشكيله لجنة للنظر بهذا الملف الحساس والمهم”.
البصرة تطالب بإجراءات فورية
وفي مؤتمر صحفي عقد بمحافظة البصرة، أعرب عدد من شيوخ عشائر المحافظة عن قلقهم الشديد إزاء الانتهاكات المتواصلة من قبل الكويت على الأراضي والمياه الإقليمية والحقول النفطية العراقية، فيما حذروا من تفاقم الأوضاع إذا استمرت هذه التجاوزات، كما طالبوا بإجراءات فورية لوقف الانتهاكات الكويتية على سيادة العراق.
ولم تعلق وزارة النفط، على الموضوع لغاية كتابة هذا التقرير، بالرغْم من توجيه عدة أسئلة صحفية للمتحدث باسمها عاصم جهاد، لأهمية دور الوزارة والمطالبات التي توجهت إليها لوقف التصرفات الكويتية.
وتعتبر “النوخذة” كلمة ذات أصول فارسية مشتقة من كلمة “ناخودا” التي تطلق على ربان السفينة الخشبية، وتستخدم في مواني الخليج العربي والعراق عمومًا.
الحقول المشترك
من جانبه قال الخبير القانوني علي التميمي إن لدى العراق حقولاً مشتركة مع دول الجوار ومنها الكويت، ومشاركة بغداد في استثمار هذه الحقول هي مشاركة حتمية تتم وفق اتفاقيات مشتركة وبضمانات دولية.
وبيّن التميمي لـ”العربي الجديد“، أن الحدود المشتركة بين العراق والكويت تم تحديدها بموجب قرارات مجلس الأمن رقم 670 لسنة 1991 حين وضع العراق تحت طائلة البند السابع. وأكد التميمي ضرورة وجود اتفاق ثنائي بين الكويت والعراق من أجل حل هذه الإشكالية، وإذا لم تفلح محاولات العراق في فك الاعتراضات الكويتية، يصبح من حقه اتخاذ عدة اتجاهات.
وأفاد بأن الاتجاه الأول يتضمن اللجوء إلى الأمم المتحدة عن طريق ممثلهِ الدائم لديها بموجب المادة 102 من الميثاق الدولي الذي تُحفظ بموجبه الوثائق والاتفاقيات والمعاهدات والخرائط الموجودة لدى الأمم المتحدة.
أما الاتجاه الثاني وفقًا للتميمي، فإنه في حال أصرت الكويت على عدم مشاركة العراق في استثمار الحقل النفطي، فيمكن اللجوء الى محكمة العدل الدولية التي يمكن بواسطتها مقاضاة الكويت التي هي ملزمة قانونًا بتطبيق وتنفيذ قرارها.
بدوره، قال عضو نقابة البحريين العراقيين، علي العقابي، تعليقًا على اكتشاف الكويت لحقل النوخذة، بأنه لا يوجد شيء اسمه حقل النوخذة، وأن الجانب الكويتي كرر ما فعله مع حقل جمال طوينة حيث أطلقوا عليه اسمًا جديدًا هو “حقل الدرة”.
وأفاد بأن موقع حقل النوخذة هو ضمن خرائط العراق قبل عام 1994، وما تقوم به الكويت من إعلان لاكتشافات نفطية في هذا الموقع مخالفة قانونية بحتة.
وطالب العقابي، وزارة الخارجية العراقية بتقديم الطعون القانونية وفقًا للدبلوماسية الدولية ردًا على هذه التجاوزات حسب تعبيره، وأن تقدمها للمحاكم الدولية والأمم المتحدة واللجوء إلى الطرق السلمية لحل الموضوع وفق القانون الدولي.
تحرك برلماني
واستكمالًا لما يجري من تصعيد، يتجه مجلس النواب لاستجواب وزير النفط حيان عبد الغني عبر سؤال شفاهي وجهه النائب عن حركة حقوق، سعود الساعدي، لمعرفة إجراءات الوزارة في إثبات أحقية العراق بالاكتشافات النفطية في مياهه الإقليمية وبضمنها حقل النوخذة، معتبرًا أن “الكويت قد صادرت هذه المناطق الاقتصادية للعراق من جانب واحد بعد القرار الأميري (317) عام 2014”.
كما دعا النائب “وزير النفط إلى بيان عائدية حقل جمال طوينة النفطي (الدرة) الواقع في المياه الإقليمية ضمن الحدود البحرية المشتركة وهل أن هذا الحقل يعود إلى العراق أم إلى الكويت؟”، ليصبح الجدل حول حقلين بعدما كان الأول هو الأبرز.
يذكر أن آخر المحاولات لنزع فتيل الخلاف بين العراق والكويت حول ترسيم الحدود كان في عام 2012 حيث أبرمت اتفاقية بينهما لتنظيم الملاحة في خور عبدالله ليتم جعله ممرًا للملاحة بدلًا من أن يكون تابعًا للعراق، مع إعطاء الكويت الحقّ في الإدارة وتسيير دوريات الزوارق فيه.
لكن تلك الاتفاقية ورغم التفاؤل بها في ذلك الوقت كجانب عراقي، لم تثمر عن ترسيم للحدود يرضي البلدين، لأن الكويت عدت تحول خور عبد الله كممر ملاحي خطوة أساسية لحماية سيادتها وتطوير منطقتها الشمالية، في وقت ينظر إليه العراق كمنفذ بحري ذو منفعة اقتصادية أسوة ببقية الممرات.
رشاوي لمسؤولين
ومن الجديد بالذكر أنه قبل نحو 3 أشهر، قالت عضو مجلس النواب عالية نصيف في لقاء متلفز، إن “الكويت بدأت صفحة ثانية من الرشاوي لمسؤولين عراقيين، لافتة إلى أن وزارة الخارجية لديها إخفاق كامل بالملفات الوطنية”.
وذلك في وقت هاجم فيه النائب عن كتلة صادقون عدي عواد الصمت الحكومي إزاء قيام الكويت بحفر بئر جديد بدرجة (صفر) عن الأراضي العراقية.