ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، في عددها الصادر صباح اليوم الأربعاء، أن العديد من الوفود الأوروبية المشاركة في قمة زعماء حلف شمال الأطلسي “الناتو” المنعقدة حاليًا في واشنطن عقدوا اجتماعات مع شركاء دونالد ترامب (الرئيس الأمريكي السابق والمرشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة أمام الرئيس جو بايدن) في السياسة الخارجية، وهو ما يُشير إلى ترقب العواصم الأوروبية واستعدادها لاحتمالية عودته قريبًا إلى البيت الأبيض.
وقالت الصحيفة – في مقال تحليلي نشرته حول هذا الشأن – إن التحركات الأوروبية الأخيرة تظهر القلق المتزايد بين حلفاء الولايات المتحدة بشأن احتمالات إعادة انتخاب بايدن، خاصة في ضوء تأخر بايدن في استطلاعات الرأي الأخيرة وتعرضه لضغوط شديدة للانسحاب من السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بعد أداء وصفه البعض بـ”الكارثي”، في مناظرة أجراها الشهر الماضي ضد ترامب، وهو ما أثار مخاوف عميقة في حزبه بشأن تقدم عمره وملاءمته للمنصب.
ونقلت “فاينانشيال تايمز” عن أشخاص مطلعين على المحادثات – اشترطوا عدم الإفصاح عن هوياتهم – قولهم إن العديد من القادة والوزراء وكبار المسئولين من حكومات أوروبية متعددة، خاصة من حكومات أوروبا الشرقية ودول الشمال، رتبوا اجتماعات هذا الأسبوع مع شخصيات مرتبطة بترامب مثل كيث كيلوج، رئيس الأركان السابق في مجلس الأمن القومي ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو.
ومن المنتظر أن تُعقد هذه الاجتماعات على هامش قمة الناتو خلال الأيام المقبلة، والتي وُصفت في البداية بأنها فرصة لبايدن من أجل تقديم نفسه على رأس تحالف غربي موحد، وذلك قبل أن تطغى عليها الآن دعوات من قبل أعضاء حزبه الديمقراطي بالتخلي عن حملة إعادة انتخابه.
كذلك، تركز السفارات الأجنبية في واشنطن – حسبما كشفت الصحيفة – بشكل متزايد على بناء اتصالات داخل إدارة ترامب المستقبلية المحتملة مع احتدام السباق داخل الدورة الانتخابية حيث يشعر الدبلوماسيون بالقلق من الوقوع مجددًا في موقف محرج بعد أن فوجئوا بفوزه الانتخابي في عام 2016.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن ترامب – وهو منتقد صريح للناتو – أثار بالفعل ذعر العديد من العواصم الأوروبية بتصريحات تشير إلى أنه إذا فاز بالبيت الأبيض مجددًا في نوفمبر المقبل، فإن الولايات المتحدة قد لا تدافع عن جميع حلفائها في الناتو.. كما أثار إمكانية تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا إذا رفضت كييف محادثات السلام مع موسكو.. وطالب ترامب أمس الثلاثاء الدول الأوروبية بالمساهمة بنحو 100 مليار دولار لأوكرانيا من أجل “مساواة” الدعم الأمريكي لكييف.
واعتبر ترامب،في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به، أن الفضل في القوة الحالية لحلف الناتو يرجع إلى “مليارات الدولارات” التي تدفقت على التحالف بعد أن حث الأعضاء على المساهمة بشكل أكبر خلال فترة رئاسته الأولى.. وقال إن “الحلفاء في الناتو لا يمارسون ثقلهم المطلوب تجاه أوكرانيا وأن الولايات المتحدة تدفع معظم الأموال لمساعدة أوكرانيا في محاربة روسيا.. يجب على أوروبا أن تتساوى على الأقل! إنهم مدينون بأكثر من 100 مليار للقيام بذلك”.. مشيرا إلى أن بايدن لم يطلب مطلقًا القيام بذلك.
مع ذلك، أبرزت “فاينانشيال تايمز” أن الدول الأوروبية التزمت مجتمعة بما لا يقل عن 102 مليار يورو لأوكرانيا منذ عام 2022، أي أكثر من مخصصات الولايات المتحدة البالغة 74 مليار يورو، وفقًا لمعهد كيل للاقتصاد العالمي، كما وافق الاتحاد الأوروبي في فبراير الماضي على حزمة دعم إضافية بقيمة 50 مليار يورو.