عقول الغرب صنعت الحداثة، نعيم الهاشمي الخفاجي.
العرب يعيشون بالماضي، ولايمكن لهم مواكبة الأمم الاخرى بتطور الحياة المدنية، حسب قول الفيلسوف ابن خلدون العرب ضد العمران، ( إن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب)، كلام ابن خلدون صحيح مليون بالمائة، جميع الآثار القديمة بالشرق الاوسط لم يعملها العرب، وإنما أقوام آخرون من غير العرب، من السومريين والبابليين، والفرس، ربما العرب بنوا مدينة البتراء فقط، وسبب قيامهم ببناء مدينة البتراء يعود لاختلاطهم مع الرومان، طبيعة العرب تغلب عليهم التوحش والغلظة، وأصبح التوحش ثقافة للعرب ليومنا هذا، كنت في معتقل قاعدة تبوك الجوية، رأيت الرقيب العسكري يتعامل معي بخشونة، اثار انتباهي، كنت في مستشفى تبوك، أحد الأشخاص سألني، عرفني من العراق، قال تعلم هذا الكلب لماذا يتعامل معك بتكبر؟ قلت له لا اعلم، قال عرفك شيعي، ويعتبر التكبر عليك، يحصل عليه حسنات من الله عز وجل لكونك بحسب معتقده انت شيعي كافر عدو لله عز وجل.
طبيعة العرب، يتنقلون، كانوا يستعملون بيوت مصنوعة من الشعر، لذلك هم ضد العمران، بل وجود بيت مصنوع من الشعر يناقض فن العمران والبناء، العرب يقومون في اخذ حجارة البناء، لنصب الأثافي للقدور الطبخ، لذلك عندما يسيطر العرب على مدن مبنية في الاحجار والطابوق، كل الذي يفعله العربي يقومون في تحطيم المباني وينقلون أحجارها يخربونها لكي يضعونها اثافي لقدور الطبخ، بل عندما فتح العرب بلاد فارس، بأوامر من الخليفة عمر بن الخطاب أمر بحرق كل الكتب الثقافية والعلمية.
تُعَرف الحداثة باللغة الإنجليزية باسم (Modernity)، وتعني الشيء الجديد، والذي يعطي صورة معاكسة عن الشيء القديم، وتعرف أيضاً بأنها، الانتقال من حالة قديمة إلى حالة جديدة، وترك الماضي، والاستفادة من تجارب الماضي بالمستقبل بعدم تكرار أخطاء الأجداد، لذلك الحداثة، ساهمت في تطوّر العديد من المجالات الاقتصاديّة، والصناعية.
من مصاديق التطور البشري، ظهرت أجهزة إلكترونيّة لم تكن معروفة مسبقاً، ساعدت على توفير الوقت، عن طريق الاعتماد على وسائل الاتصال الحديثة، وسائل الاتصالات الحديثة، غيّرت الأفكار السائدة عند الناس.
لذلك تعتبر الأمور التراثيّة والتقليدية أشياء قديمة، لذلك حدث تغير كامل بطريقة العيش بالمجتمعات القديمة نحو مزيدا من التطور والحداثة، تم تطوير الحياة البشرية من خلال إيجاد المؤسسات والشركات العملاقة في التصنيع والتجارة والزراعة، وتم تطوير التعليم من خلال إيجاد مؤسسات تعليمية عن طريق تغيير مفهوم التعليم التقليديّ القديم، والاعتماد على التعليم الحديث.
العقلية العربية مبنية وفق قوالب ثابتة، ترفض التفكير والابداع، وإذا كان للعرب نهضة ثقافية وعلمية، فإن هذه النهضة في مجالات الطب والهندسة والرياضيات والفلسفة، فهي تعود إلى الشيعة وائمتهم وعلماؤهم، بعصر الدويلات بعد تصارع ابناء الخليفة العباسي هارون، الأمين والمأمون، وادى ذلك إلى ضعف سلطة بغداد عاصمة الدولة العباسية، ادى ذلك إلى ظهوردويلات كثيرة للشيعة الاسماعيليين الفاطميين والزيدية في الشام ومصر واليمن والجزيرة العربية وشمال افريقيا ودويلة البويهيين الإسماعيلية في إيران، يضاف لها دولة الحمدانيين الشيعية الجعفرية في الموصل وحلب.
بتلك الحقبة ظهرت مدرسة أصحاب الصفا الفلسفية والتي تضم فلاسفة من الشيعة الإسماعيلية والزيدية والجعفرية، وكان لهذه المدرسة العظيمة، دور فعال في نشر العلوم الفلسفية والعقلية، جابر بن حيان شيعي مؤسس علم الرياضيات الجبر، وسمي الجبر نسبة إلى اسم جابر بن حيان، ويكفي أن عالم الرياضيات الشيعي يدرس الجبرا بمدارس أوروبا، أما الطبيب ابن سينا وهو أيضا شيعي اسماعيلي فلا زال ليومنا هذا يدرس قانونه في الطب لكل طلاب كليات الطب بدول العالم.
علماء وهابية معاصرين طعنوا في وجود جابر بن حيان منهم الشيخ الوهابي الكويتي عثمان الخميس انكر وجود جابر بن حيان، وأنكر قيام الإمام جعفر الصادق ع بتعليم طلابه علوم الرياضيات والكيمياء، بينما الأمم الأخرى تفتخر بعلمائها ومفكريها.
عندما تعاون صلاح الدين الأيوبي مع الصليبيين بالقضاء على الشيعة الفاطميين وتوقيع اتفاقيات تعاون في تسليم بيت المقدس إلى الصليبيين واليهود، عودة اليهود للقدس تمت بزمن صلاح الدين الايوبي، نموذج تعاون صلاح الدين مع الصليبيين، استساغة الخليفة العباسي في بغداد، لذلك تعاون مع التتار ليقوم التتار بالقضاء على دولة الشيعية البويهية الإسماعيلية في إيران، بعدها قويت شوكة الخلافة العباسية في بغداد وتم تكفير علماء الفلسفة والفلك والرياضيات واعتبروا الفلسفة كفر وزندقة، وتم القضاء على الدولة المزيدية الأسدية في الحيرة والكوفة، بعد أن اخذ بني أسد الإمارة من قبيلة خفاجة بعام ٤٩٩ هجري، عندما قوت سلطة الخليفة العباسي، استعان في سنة البصرة للقضاء على دولة اخوالنا بني اسد، بعد أن قوت شوكة الخليفة العباسي، انتهى عصر المعرفة والتنوير لدى المسلمين، كل ماحدث من ازدهار في العلوم والمعرفة، تم بحقبة الدويلات الشيعية بالقرن الثالث والرابع والخامس الهجري، وبسقوط الدويلات الشيعية، عاد عصور الظلام والتخلف للتحكم بعقول العرب والمسلمين.
الأتراك وصلوا إلى البلاط العباسي بخلافة المأمون وازداد نفوذهم، واصبحوا هم من يتحكم بالدولة والسلطة وتعين الخليفة العباسي، التتار عسكروا في مدينة مندلي العراقية مدة ١٢٠ سنة وهم من ينصبون الخليفة العباسي، وكان الخليفة العباسي يدفع إليهم الأموال رغم أنفه بكل عام، اخر خليفة عباسي سرح جيش الخلافة، وأعطى مبلغ متواضع إلى هولاكو ولم ياخذ الخليفة العباسي في رأي الوزير محب الدين الأسدي ابن العلقمي واخذ في مشورة المفتي التركي الدويتار، الذي قال للخليفة العباسي اعطهم مبلغ قليل، النتيجة التتار اقتحموا بغداد وقتلوا الخليفة وكان بحضنه غلام وترقص بمجلسه راقصة ترتدي ملابس سوداء، ولم يتم قتل الملايين وحرق الكتب كما يزعم الكذابين، كانت عملية دخول بغداد، عملية سهلة سلسة، الخليفة العباسي قام بتسريح الجيش، قوات التتار دخلوا بنزهة بشوارع بغداد، رموا سهم واحد قتلوا به الخليفة وطموا عاره، اكبر كذبة روجوها، أن التتار القوا الكتب في نهر دجلة، وعبرت عليه عربات تجرها خيول التتار، الآن في بغداد توجد عشرات ملايين الكتب والمجلات والصحف، ومياه دجلة جدا قليل، لو رمينا كل الكتب والصحف اليوم بنهر دجلة، لم تستطيع الكتب سد نهر دجلة، أكاذيب المؤرخين العرب ليست جديدة، بالأمس القريب شاهدنا كيف صدام جرذ العوجة سلم بغداد لدبابتين امريكيتين وهرب لحفرة الجرذان.
بعد دخول التتار إلى بغداد، بقي الأتراك يسيطرون على على الموصل والأناضول، بل حتى زعامة السنة في بغداد للمشايخ سنة اتراك، وفي نهاية المطاف، الأتراك حركوا قواتهم العسكرية من الأناضول بغزو دولة المماليك في مصر والشام وأخذ البيعة من بقايا العباسيين الذين هربوا من بغداد إلى مصر، بعد دخول التتار بغداد هرب بني العباس إلى القاهرة، والمماليك بايعوهم على الخلافة، لذلك الزعيم التركي هاجم القاهرة وفتحها، وأخذ الزعيم التركي بيعة بني العباس له بالخلافة بالقاهرة، بعدها سارت جيوش الأتراك إلى بغداد وضموها إليهم، وأعلنوا عن دولة الخلافة العثمانية.
بحقبة الخلافة العثمانية ساد الجهل والخرافة، وقام الخليفة العثماني بدعم حركات التصوف لابعاد المتصوفيين بالطمع في كرسي الحكم، لذلك أصبح عصر التخلف والخرافة بالدولة العثمانية، عصر ذهبي، الخليفة العثماني الذي يهمه، الحصول على جباية الزكاة، وينشر في كل ولاية حامية عسكرية ينتشر بها الوالي التركي والعسكر المحيطين به فقط، ولم يقوم الخلفاء العثمانيين في نشر التعليم والمعرفة، عملوا على تتريك الشعوب العربية، من خلال صناعة تحالفات قبلية من خلال دمج عشائر عربية وغير عربية مع بعض، ويتم دعم شيخ أو أمير أصوله تركية ليتسلط على أبناء القبائل العربية ويصبح عليهم أمير وعليهم السمع والطاعة وتقبيل أيدي المحفوظ، ينادونه بالمحفوظ، مثل السيد الرئيس حفظه الله ورعاه.
الشعوب العربية والإسلامية السُنية جمدوا عقولهم واقفلوا حتى الاجتهاد، لذلك تبقى البيئات العربية السُنية أشبه في مياه راكدة، على عكس شعوب الصين واليابان والفرس والاوروبيين، شعوب حية، لديهم حركات ثقافية وفلسفية، من خلال المتغيرات التي حدثت في مجتمعاتهم، صنعوا الحداثة، بالقرون الأربعة الاخيرة، انشغل الأوروبيين في دعم التكنولوجيا، قبل وبعد الثورة الصناعية في أوروبا، لولا التغيرات لما حدثت الثورة الفرنسية، وتم تطبيق أنظمة حكم ديمقراطية، ولما عاش العالم في ثورات وسائل الاتصالات الحديثة، و التي غيرت العالم وطبيعة وتفكير الإنسان، الثورات المعرفية والعلمية التي حدثت في أوروبا كانت ما بين القرن السادس عشر والقرن العشرين، حدثت تغيرات كبيرة في مجال الطباعة والاتصالات والاكتشافات العلمية في مجالات الطب والهندسة والرياضيات وعلوم الفضاء، بالاخير كل هذه التطورات أنتجت لنا عالم يعيش في وسائل حديثة بكل مجالات الحياة.
العرب حاليا يستخدمون الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتليفونات، لكن العقلية العربية طورت نفسها في اتباع أساليب الكذب وفبركة الاخبار الكاذبة، من خلال استخدام تقنية الفوتوشوب بعمل مقاطع فيديو وصور للافتراء والكذب على الآخرين، الجماهير العربية في مواقع التواصل الاجتماعي يجيدون لغة الكذب، حتى أن رجل أعمال بريطاني قام بصنع شركة متخصصة لصناعة الكذب، وتم استجوابه من قبل الديمقراطيين بسبب دعمه حملة ترامب بعام ٢٠١٦ وعند استجوابه، اعترف انه أسس شركة صناعة الكذب، بعد أن اطلع على أكاذيب العرب في شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، قام بتجميعها وصنع بها شركة للكذب.
التليفون الجوال، عندما وصل للعرب، قاموا في استخدامه في تفجير العجلات المفخخة، عقليات العرب محترفة في القتل والخراب والدمار، العقول الوهابية السعودية، خطفوا طائرات مدنية وقتلوا آلاف البشر في غزوة الحادي عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١.
الشعوب المبدعة في أوروبا بالقرون الثلاثة السابقة، استخدموا العلوم، على سبيل المثال، هولندا قامت بتطوير نمط الحياة ونشر المعرفة، وايجاد طرق جديدة بالتجارة البحرية ودعمها بشكل قوي، وبعدها في نهاية القرن الثامن عشر، حدثت الفرنسية والتي كان لها ارتدادات بكل القارة الأوروبية.
وبعدها ذلك، تألقت بريطانيا وأمريكا في دعم الصناعات وجعل دول العالم في المستعمرات البريطانية أسواق لتصريف بضائع منتجات الشركات الغربية الصناعية، أوروبا دعمت الصناعة وقامت في بناء أساطيل بحرية جابت السفن آسيا واكتشفوا ممرات البحار بالعالم ووصلوا إلى الأمريكيتين والهند والصين وطيلة أربعة قرون، من القرن السادس عشر إلى القرن العشرين كان عصر تطور أوروبا وعصر تخلف العرب والأفارقة والهنود……الخ، دول الاستعمار الغربي طورت اسلحتها البحرية واكتسحوا اربع قارات من قارات دول العالم.
عندما قرر الاوروبيين إسقاط الدولة العثمانية وتقسيم دول الشرق الاوسط إلى دول ونصبوا علملاؤهم ملوك وحكام، اضطر الأوروبيين لاقامة بنى تحتية في هذه الدول العربية الجديدة الناشئة، عندما تم نصب اعمدة اتصال للتليفون بالسعودية، ثار مشايخ الوهابية على عبدالعزيز ال سعود وقالوا له هذا الشيطان الذي يتكلم، دخل التلفزيون أيضا وقفوا ضده، دخل الإنترنت قاموا بتحريمه، ما زال ليومنا هذا غالبية الطبقات العربية المثقفة تؤمن في استعمال أبوال البعير والحمير لعلاج الأمراض المستعصية، في العام الماضي كتبت تغريدة رديت بها على شخص وهابي، أثار موضوع طائفي، قلت له عندكم بول البعير، دكتور جزائري صديقي ثار ضدي قال أن حديث التداوي في بول البعير ثابت وصحيح وغير قابل للطعن اتقي الله يارجل هههههه.
بسبب معارضتي لنظام البعث عشت آخر ما يقارب الأربعة العقود الأخيرة بحياتي اي ٣٤ سنة منها ثلاثين سنة بالغرب رأيت وواكبت عمليات التغير ، والتطورات الكبيرة في وسائل الاتصال، واكتشافات الأجهزة الإلكترونية والتقنيات في مجالات الطب والعلم والمعرفة، اكتشافات يومية من دون انقطاع، خلال أقل من ست أشهر يصبح الجديد قديم.
لذلك الدول الكبرى تحكمها مصالح، يتصارعون على أماكن النفوذ، لكن الأصل في الصراع ليس لنشر الديمقراطية والعدالة، وإنما أصل الصراع على الموارد والنفوذ الاقتصادي، التنافس الدولي بين الدول العظمى موجود وواضح، جزء من الدول العظمى لا تسمح بوجود نظام عالمي جديد يعطي قوة عظمى أخرى نفوذ أكثر مامسموح لهم، لذلك ما نشاهده من أحداث وجود تنافس بين الدول الكبرى، وتوجد حروب بالوكالة هنا وهناك.
مانراه من حروب على مناطق النفوذ واذكاء صراعات هنا وهناك الغاية من ذلك، التمهيد ليجلس الخمسة الكبار بجلسة مودة بينهم، يتفقون على تقاسم النفوذ، والعرب لامكان لهم سوى مزيدا من الذل والمهانة والخسران، والانبطاح، والظلم، وعدم المساواة، والفقر رغم كثرة ثرواتهم.
العرب أمة محكومة وليست حاكمة، ربما إذا أصبح العرب ضمن نفوذ الصين، وفق العقيدة الفلسفية الصينية يحسنون التعامل مع العرب من خلال التعاون معهم في المجالات الاقتصادية، وتعمل الصين على إنهاء أماكن بؤر الصراع والحروب، ربما يأتي اليوم نشاهد الزعيم الصيني يعمل مبادرة لإنهاء الصراع الشيعي السني والذي عجز العربان عن إيجاد حلول لهذا الصراع طيلة أكثر من أربعة عشر قرن من الزمان.
في الختام، بصفتي كشخص عراقي عاصر وعاش وشاهد واشترك بصراعات كبيرة، اقول لرفاق دربي، مسك الختام، اقول ان سبب فقدان الساسة بيئتهم الحاضنة يعود لأسباب كثيرة منها،
سأل شخص منتصر، بقايا دولة سقطت وأصبحوا شراذم، وبعد أن تم أسر القادة، سألهم الطرف المنتصر، ماسبب سقوط دولتكم.
كان جوابهم، كالتالي
قربنا العدو طمعاً في كسب وده، وبعّدنا الصديق ضامنين ولاءه،
فنالنا غدر الأول،
وخسرنا انتماء الثاني، اقول لساسة أحزاب شيعة العراق الله الله في رفاق دربكم السابقين الشرفاء، بالقليل استفيدوا من تجاربهم.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب صحفي عراقي مستقل.
15/7/2024