اخر الاخبار

علاقة الدين بالسياسة في القرآن الكريم (ح 7) (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين)‎

د. فاضل حسن شريف

النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي أرادت قريش قتله وجرحته في أحد عفا عنهم عند فتح مكة. فالدين بني على الاخلاق “لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” (الممتحنة8) وكما قال الإمام علي عليه السلام (الناس صنفان إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق). فمن هؤلاء أصحاب الخلق النبيل المعصومون يأخذ الدعاء. جاء في موقع لودكس بالعربية عن الاحتفال بالسنة الميلادية: الذين يجيزون الاحتفال باعياد غير المسلمين ومنها عيد رأس السنة الميلادية يشيرون الى الايات القرآنية التالية: 1 سورة الحجرات اية 13 “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” (الحجرات 13) 2 سورة الممتحنة اية 8 “لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” (الممتحنة 8) 3 سورة البقرة اية 83 “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ” (البقرة 83) 4 سورة النحل اية 90 “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” (النحل 90).

جاء في موقع دار العلوم عن تسامح الاسلام مع ابناء الديانات الاخرى للدكتور عبد الرحمن عميرة:  علاقة المسلمين بغيرهم علاقة تعارف وتعاون، وبر وعدل، يقول الله سبحانه وتعالى في التعارف المفضى إلى التعاون والتآلف والسماحة والمحبة: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا” (الحجرات 13). ويقول سبحانه في الوصايا بالبر والعدل: “لاَيَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الـمُقْسِطِينَ” (الممتحنة 8). ومن مقتضيات هذه العلاقة تبادل المصالح، وإطراد المنافع، وتقوية الصلات الإنسانية، والمعاشرة الجميلة، والمعاملة بالحسنى والتعاون على البر والتقوى، وهذا مما دعا ويدعو إليه الإسلام البشرية قاطبة. ومن سماحة الإسلام كفالة الحرية الدينية لغير المسلمين. ولهذا قرر الإسلام المساواة بين المسلمين وأهل الديانات الأخرى فلهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم وكفل لهم حريتهم الدينية فيما يأتي: أولاً: عدم إكراه أحد منهم على ترك دينه أو إكراهه على عقيدة معينة، يقول الله تعالى: “لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ” (البقرة 256) وفي هذا المبدأ من مبادئ الإسلام يتجلى تكريم الله للإنسان واحترام إرادته وفكره ومشاعره، وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه والتعبير هنا في هذه الآية يرد في صورة النهى المطلق “لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ”. ثانياً: من حق أهل الكتاب أن يمارسوا شعائر دينهم، فلا تهدم لهم كنيسة ولا يكسر لهم صليب، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اتركوهم وما يدينون) بل ومن حق زوجة المسلم (اليهودية والنصرانية) أن تذهب إلى المعبد أو الكنيسة ولا حق لزوجها في منعها من ذلك. ثالثاً: من سماحة الإسلام أنه أباح لهم ما أباحه لهم دينهم من الطعام وغيره، ما دام ذلك جائزًا عندهم ولا يتأذى به المسلمون. رابعاً: لهم الحرية في قضايا الزواج والطلاق والنفقة ولهم أن يتصرفوا كما يشاؤون فيها دون أن توضع لهم قيود أو حدود. خامساً: من سماحة الإسلام أن حمى لأهل الديانات الأخرى كرامتهم وصيانة حقوقهم، وجعل لهم الحرية في الجدل والمناقشة في حدود العقل والمنطق مع التزام الأدب والبُعد عن الخشونة والعنف، يقول الله تعالى: “وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” (العنكبوت 46) السماحة حتى في المجادلة والنقاش والتحدث لأن دعوة الله التي حملها نبي الله نوح u والرسل بعده، حتى وصلت إلى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم هي دعوة واحدة من عند إله واحد، ذات هدف واحد، هو رد البشرية إلى ربها وهدايتها إلى طرقه وتربيتها بمنهاجه، وأن المؤمنين بكل رسالة لإخوة المؤمنين بسائر الرسالات كلهم أمة واحدة، تعبد إلهاً واحدًا وأن البشرية قاطبة تسير في هذا الطريق. ويقول الإمام القرطبي: قال مجاهد هذه الآية محكمة وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالذي أُنزل إلينا وأُنزل إليكم). سادساً: من سماحة الإسلام أنه أحل الإسلام للمسلمين طعامهم والأكل من ذبائحهم والتزوج من نسائهم، يقول الله تعالى: “الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ” (المائدة 5). يقول القرطبي: “حِلٌّ لَكُم” يعني ذبيحة اليهودي والنصراني، وإن كان النصراني يقول عند الذبح: باسم المسيح، واليهودي يقول: باسم عزير وذلك لأنهم يذبحون على الملة، وقال عطاء كل من ذبيحة النصراني وإن قال باسم المسيح لأن الله عز وجل قد أباح ذبائحهم، وقد علم ما يقولون، “وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ”  (المائدة 5).

جاء في موقع شبكة فجر الثقافية عن مكانة الإنسان في نظام العلاقات الاجتماعية للسيد محمد باقر الحكيم: يمثّل نظام العلاقات الاجتماعية العامة أحد الأركان الأساسية والدعائم المهمة التي يقوم عليها المجتمع الإنساني في النظرية الإسلامية. ونريد بنظام العلاقات الاجتماعية مجموعة الحدود والموازين والضوابط التي يعبّر الإنسان من خلالها عن فهمه للحياة الاجتماعية الإنسانية، ومسؤوليته التضامنية تجاه الجماعة وتكاملها. وبذلك يمثل نظام العلاقات الاجتماعية القاعدة الأساس التي يُمكن أن تستقر عليها سائر الأنظمة التي تتولّد من العقود والالتزامات الخاصّة، كالزواج والعقود التجارية ونحوهما. ثم إنّ النظام الاجتماعي يعبّر عن رؤية أخلاقية للسلوك الاجتماعي، وفهم عقائدي للكون والحياة والإنسان والمبدأ والمعاد، ولعلّ هذا هو الذي يفسّر لنا تناول هذا الجانب من النظام في بحث الأخلاق والمصنّفات الأخلاقية. هذا وقد جعل الإسلام (الإيمان) إطاراً للعلاقة الاجتماعية بين المسلمين، لكنه لم يغفل، في الوقت نفسه، الجانب الإنساني العامّ في هذه العلاقة، أي علاقة الإنسان بنظيره الإنسان الآخر، وهو قد أخذها بنظر الاعتبار في مجمل تصوّره النظريّ، كما يُمكن أن يُفهم ذلك من قول أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام في عهده لمالك الأشتر: (وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ، والْمَحَبَّةَ لَهُمْ، واللُّطْفَ بِهِمْ، ولَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ). وهذا أمرٌ واضح من خلال ما ورد من الحثّ على حُسن الخلُق مع الناس جميعاً، ما يعني أنّ الأصل هو الاحتفاظ بالعلاقة الاجتماعيّة على المستوى الإنساني ما لم تطرأ أوضاع استثنائيّة تفرض موقفاً آخر كالبراءة أو القطيعة. ويؤكّد ذلك موقف الإسلام من الكفّار، حيث فصل القرآن الكريم في العلاقة العامّة بين الكفّار الأعداء الذين يتّخذون موقفاً سياسياً أو عسكرياً عدوانياً ضدّ المسلمين، وبين الكفّار العاديّين الذين لا موقف عدائياً لهم، حيث نهى القرآن عن ولاء القِسم الأوّل ومودّته، وأجاز البرّ والقسط للقسم الثاني بقوله عزّ وجلّ: “لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” (الممتحنة 8-9). ويشير إلى ذلك أيضاً ما ورد من تأكيد أهميّة الدعوة إلى الله تعالى بالأسلوب الذي يتّسم بالعقلانية والمحافظة على العلاقة الإنسانية الاجتماعية العامة، من خلال الحكمة والموعظة الحسنة مع الكفّار، أو الآخرين من غير المسلمين، أو الناس عامة من دون فرق بين المسلم وغيره. وكذلك ما ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف من النهي عن سبّ الكفّار، وذلك من أجل تجنّب التصعيد وتشديد الموقف السلبي من قِبلهم، حيث إنّهم سوف يردّون السبّ بمثله بطبيعة الحال. وعندما يضع الإسلام (الأخوّة) بوصفها محتوىً لطبيعة العلاقة الاجتماعية في المجتمع الإسلامي، يريد من ذلك أن يضعها من حيث محتواها الإنساني إلى صفّ علاقة الأخوّة النسبيّة التي يمتزج فيها الولاء والنصرة والحقوق الاجتماعية بالحبّ والودّ والمشاعر والعواطف الإنسانيّة.

جاء في جريدة القبس عن الاسلام دين التسامح و المحبة و السلام: الاسلام دين التسامح والمحبة والسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت بالحنفية السمحة. وللتسامح قيمة كبرى في الإسلام، فهو نابع من السماحة بكل ما تعنيه الكلمة من حرية ومساواة ومن غير تفوق جنسي أو تمييز عنصري. والإسلام يدعو إلى الاعتقاد بجميع الدينات، قال الله تعالى: “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ” (البقرة 285). والتسامح يعني الاعتراف بالآخر. ويعني في ما يعني الاحترام المتبادل والاعتراف بالحقوق والحريات الأساسية للآخرين، قيل لرسول الله: يا نبي الله، أي العمل أفضل؟ قال: (الايمان بالله والتصديق به والجهاد في سبيله). قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله. قال: (السماحة والصبر). وروح السماحة التي تبدو في حُسن المعاشرة، ولطف المعاملة، ورعاية الجوار، وسعة المشاعر الإنسانية والبر والرحمة والإحسان، من الأمور التي تحتاج إليها الحياة اليومية، ولا يغني فيها قانون ولا قضاء. وفي ترغيب القرآن في البر والإقساط إلى المخالفين الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين: “لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ” (الممتحنة 8). وفي قول القرآن يصف الأبرار من عباد الله: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا” (الإنسان 8). ولم يكن الأسير حين نزلت الآية إلا من المشركين. وقد روى محمد بن الحسن (صاحب أبي حنيفة ومدوِّن مذهبه): أن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعث إلى أهل مكة مالاً لما قحطوا، ليوزَّع على فقرائهم. هذا على الرغم مما قاساه من أهل مكة من العنت والأذى هو وأصحابه. وقالت أسماء بنت أبي بكر: قدمت أمي وهي مشركة، في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصِلُها؟ قال: نعم، صِلي أمك.

جاء في موقع موضوع عن تعامل الرسول مع غير المسلمين للكاتبة سناء الدويكات: تعامل الرسول اقتصاديّاً واجتماعيّاً وعِلميّاً مع غير المسلمين: تعامل رسول الله مع غير المسلمين في حياته في شتّى المناحي، فقد تعامل مع اليهود بالشراء، والبيع، وتهادى مع غير المسلمين، وقَبِل هدية المقوقس، وهديّة كسرى. كما كان النبيّ عظيماً في تعامله مع جيرانه من المسلمين، وغيرهم، ومثال ذلك ما ورد سابقاً في قصّة زيارته للغلام اليهوديّ، إلى جانب أنّه أذن في تلقّي العلم عن غير المسلمين، والانتفاع به، كعلوم الطبّ، والزراعة، وغيرهما، وزارع يهود خيبر مقابل النصف من الناتج. مبادئ الإسلام في التعامل مع غير المسلمين الإسلام دين التسامح، وهو أساس العلاقة في التّعامل مع المسالمين من غير المسلمين، انطلاقاً من قول الله تعالى: “َّلا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” (الممتحنة 8) أي أنّ معاملتهم قائمةٌ على البِرّ، والقِسط، والحوار بالحُسنى. كما أباح الإسلام الأكل من ذبائحهم، وإقامة علاقات المصاهرة معهم، إلى جانب وجوب حمايتهم من أيّ عُدوان أو ظلمٍ يقع عليهم وهم في عهدِ ذمّة مع المسلمين. وصايا الرسول بأهل الذمّة والمعاهدين تجدرُ الإشارة إلى أنّ المواقف المشرقة في تعامل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مع أهل الذّمة، والتي سبق الإشارة إلى بعضها تنبعُ من الثابت الرّاسخ في الإسلام: أنّ الاختلاف بين عقائد البشر تُشكّلُ فرصةً للتّحاور وصولاً إلى كلمة سواء، بعيداً عن العنف والاعتداء دون وجه حقّ، ومن مُنطلق الفهم لسنّة الاختلاف بين البشر أباح الإسلام طعام وهدايا أهل الكتاب، وأحلَّ الزواج من نسائهم. ولا يخفى ما عهد به النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل نجران، أنَّ لهم جوار الله وذمَّة رسول الله على أموالهم وملَّتهم، وكان من سنّة النبيّ -عليه السلام- احترام مشهد جنائز موتاهم، ففي الحديث الصحيح: (إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّتْ به جِنَازَةٌ فَقَامَ، فقِيلَ له: إنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقالَ: أَليسَتْ نَفْسًا). وقد أوصى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمُعاهدين، فقال: (ألَا مَن ظلَم مُعاهَدًا أو انتقَصه أو كلَّفه فوق طاقتِهِ أو أخَذ منه شيئًا بغَيرِ طِيبِ نَفْسٍ، فأنا حَجيجُهُ يومَ القِيامةِ).) ومن أعظم ما يُشار إليه في هذا الباب ما ثبت بالصحيح أنّ النبيّ عليه الصلاة والسّلام توعّد من قتل مُعاهداً من أهل الذّمة وعيداً شديداً، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري ورواه عبد الله بن عمرو أنّ رسول الله قال: (مَن قَتَلَ مُعاهَدًا لَمْ يَرِحْ رائِحَةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رِيحَها تُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عامًا).

جاء في موقع الانسانية الحديثة عن نزاعات الشريعة الإسلامية وقواعد الحرب: هل يمكن استهداف المدنيين؟ حدد النبي الكريم والخلفاء الأوائل (حكام المجتمع الإسلامي) محظورات محددة على أساليب الحرب في وصاياهم للمحاربين المسلمين عند ذهابهم إلى المعركة. وقال الخليفة أبو بكر لجنوده قبل مغادرتهم لغزو بلاد الشام أن عليهم أن يتصرفوا كما ينبغي للمسلمين الصالحين عندما يلتقون أعداءهم في المعركة. مع ذلك، وكما هو مذكور أعلاه، اختلف العلماء حول ما إذا كان يجوز قتل الكفار لمجرد كفرهم أو في حالة كونهم يشكلون خطراً على المسلمين. وقد برر أتباع المدرسة الفكرية الأولى قتل حتى النساء والأطفال الكفار الذين رفضوا إما اعتناق الإسلام أو العيش تحت حكم الإسلام ودفع الجزية، مستشهدين بآية من القرآن الكريم: “فَإِذَا انسَلَخَ الأَشهُرُ الحُرُمُ فَاقتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُموهُم” (التوبة 5). وذكروا أيضاً أن النبي قال: (أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله). لكن عبد الحميد كشك، أحد أبرز شيوخ الصوفية، قال خلال الهجمات الجهادية على الملاهي الليلية والحانات في مصر في أواخر ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي أن عقلية (قتل الكافر) لا أساس لها في المنطق الإسلامي. وأوضح للسلفيين في ذلك الوقت أن الشيطان وعد الله أنه إذا أمهله وأبقاه على قيد الحياة، سيرسل آدم، أول نبي، إلى جهنم. وكان هدف الإسلام هو أن يبين للناس نور الحق، لأن السلفيين بقتلهم لمن يسمونهم (كفاراً) وإرسالهم إلى الجحيم، لا يساعدون الله، بل يعينون الشيطان. وأفاد أبو الفضل أنه بحلول القرن العاشر، كان الرأي السائد هو عدم جواز قتل غير المسلمين، إلا أولئك الذين يقاتلون المسلمين. وفي هذا يقول القرآن الكريم: “لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ” (الممتحنة 8). “ولا تُفسِدوا فِي الأَرضِ بَعدَ إِصلاحِها” (الأعراف 56).

عن موقع ضفة ثالثة الإسلام السياسي في الميزان: حالة المغرب للكاتب نجيب مبارك: لقد تطوّرت علاقة الدين بالسياسة في المغرب منذ عهد الحماية إلى اليوم. بدأ “استحداث التقاليد” بعد الاستقلال، مع وصول الملك الحسن الثاني إلى العرش، باستنساخ تجربة “الجنرال ليوطي” الذي انتبه مبكراً إلى أهمية خلق بنية مزدوجة: بنية تقليدية تخضع لإيقاع التقاليد أو “القاعدة” بالمصطلح المخزني، وبنية عصرية سماها بالمخزن الشريف العصري. فحسب المؤرخ البريطاني إيريك هوبسون، عملية “استحداث التقاليد” ظاهرة مرتبطة بالمجتمعات المعاصرة، تروم وضع قواعد تحيل على الماضي من أجل ترسيخ مؤسسة أو سلطة، وتثبيتها من خلال التاريخ، سعياً للمشروعية. وهو ما حصل في فترة حكم الملك الحسن الثاني، باعتباره “أمير المؤمنين”، حسب دساتير المملكة، من خلال ترسيم عدد من القواعد والطقوس وإحياء مراسيم قديمة ذات بعد ديني، من أجل إضفاء الشرعية على الحكم وترسيخه من جهة، ودرء التوجّهات الحداثية واليسارية التي كانت تهدّد عرشه، من جهة ثانية. خلال أواسط عقد السبعينيات، ظهرت بعض التنظيمات في البلاد تُحيل على الإسلام، ومنها تنظيم “جماعة العدل والإحسان” المُستلهم لكتابات مؤسّسها ومنظّرها عبد السلام ياسين، الذي يمكن اعتباره امتداداً لفكر سيد قطب وعلي شريعتي. فبعد أن وجّه رسالة غير مسبوقة إلى الملك الحسن الثاني بعنوان “الإسلام أو الطوفان” سنة 1974، هي عبارة عن تعزير ذي نفحة سياسية أكثر منها تحليلاً أو حجاجاً كلامياً، سيتّجه إلى الجماهير بعد نجاح الثورة الإيرانية رغم الحظر الرسمي لأنشطة جماعته وخضوعه هو نفسه للإقامة الجبرية سنوات طويلة. وخلال هذه الفترة، لم يتوقف الرجل عن التأليف والتنظير، وقد طرح مثلاً تصوّره لـ”أسلمة الحداثة”، في كتاب يحمل هذا العنوان بالفرنسية، صدر نهاية التسعينيات، وفيه يحضر هاجس امتلاك الحداثة التي لا ينبغي أن تخلط بالتغريب، لكن بهدف ثوري يرفض كلا من الديمقراطية والعلمانية. في مقابل هذا التنظيم، الذي رفض التطبيع مع السلطة، وما يزال حتى الآن، نجح تيارٌ إسلامي آخر في الخروج من السرّية إلى العلنية ثمّ الاندماج التدريجي في اللعبة السياسية، بعد قبول شروطها وإكراهاتها طبعاً، وهو ما تمثّله تجربة حزب “العدالة والتنمية”، الذي وصل إلى قيادة الحكومة المغربية في مناسبتين متتاليتين، الأولى بعد انتخابات 2011 في أوج فورة الربيع العربي الذي اجتاح المنطقة، والثانية بعد تصدره نتائج انتخابات 5 سبتمبر/أيلول الماضي، ويُرتقب الإعلان عن حكومته الجديدة خلال أيّام قليلة فقط. لا جدال أن مصدر قوة حزب العدالة والتنمية تأتي من ايديولوجيته المطابقة للثقافة السائدة، وتنظيمه، وشبكته، وانضباطه، وبراغماتيته، وديمقراطيته الداخلية. مع ذلك، فإن النتائج الإيجابية التي حقّقها لا تفند أطروحة “مأزق” الإسلام السياسي السالفة الذكر. إذ رغم أن الحزب يظلّ آلة حزبية فريدة، إلّا أنه استفاد في الواقع من حالة الوهن التي توجد فيه الأحزاب الأخرى. وليست المُثل الإسلامية إلّا مطيّة، فقد أخذت المرجعية إلى الإسلام تتراجع وتتوارى، ويعمد الحزب بهذا السلوك، وفقا لما قال به الفيلسوف “كوشي”، إلى خروج الدين عن الساحة العامة. والخلاصة أن الحزب كان في بدايته قريباً من تنظيم الإخوان المسلمين، لكنه صار اليوم أكثر قرباً من حزب العدالة والتنمية التركي.