اخر الاخبار

كتاب السيدة سكينة بنت الحسين للسيد المقرم والقرآن الكريم (ح 4)‎

د. فاضل حسن شريف

جاء في کتاب السيدة سكينة ابنة الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين عليه السلام للسيد عبد الرزاق المقرّم: عاشت السيدة سكينة في بيت أخيها السجاد عليه السلام الذي لم يزل ليله ونهاره باكي العين على سيد شباب أهل الجنة وكان جوابه لمن يطلب منه التخفيف لئلا تذهب عيناه: اني ما نظرت إلى عماتي وأخواتي إلا تذكرت فرارهن من خيمة الى خيمة وكان هذا دأبه في البكاء على (قتيل العبرة) إلى أن استشهد صلوات الله عليه سنة 95 وإذا كان عميد البيت لا يفتر عن النياحة مدة حياته فما ظنك بمن حواه البيت من النساء ومن شأنهن الرقة والجزع والسيدة سكينة تأوي هذا البيت المفعم بالحزن والشقاء وفي مسامعها نشيج أخيها الحجة وتبصر تساقط دموعه على خديه فتشاركه في الزفرة وتجاوبه بالعبرة ولا تبارح فاكرتها الهياكل المضرجة بالدماء وقد شاهدتهم صرعى مقطعين الأوصال. قد غير الطعن منهم كل جارحة * الا المكارم في أمن من الغير. فهل تبقى لها لفتة الى لوازم الحياة فضلاً عن عقد مجالس الأنس والفرح بلى كانت السيدة العفيفة مدة حياة اخيها الامام وبعده باكية نادبة على أبيها المظلوم الممنوع من الورود وابوعبدالله حياة الكون وري الوجود (والماء يصدر عنه الوحش ريانا). ولكن آل الزبير تحدثوا وافتعلوا واكثروا “فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون” (الزخرف 3).

وعن الغناء تحت الحكم يقول السيد المقرم في كتابه: لا ريب في حرمة الغناء في الشريعة الاسلامية وهو الصوت المشتمل على الترجيع والطرب سواء انضمت اليه آلاته أو كان مجرد الصوت المهيج ولا فرق بين أن يقع بالشعر أو غيره وكما يحرم فعله يحرم استماعه وقد دل على حرمته الذاتية وان لم يقترن بمحرم الكتاب والسنة وإجماع المسلمين وفي الكتاب آيات ثلاث فسرتها السنة بذم الغناء وحرمته وتبكيت فاعله ففي الحج / 30 “واجتنبوا قول الزور” (الحج 30) وفي لقمان / 6 “من يشتري لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله” (لقمان 6) وفي الفرقان / 72 “والذين لا يشهدون الزور” (الفرقان 72) واتفقت تفاسير الشيعة الحاكية قول أبي عبدالله الصادق عليه السلام على أن المراد من الزور ولهو الحديث هو الغناء ولم يتباعد عنه المفسرون من أهل السنة ففي تفسير الآلوسي روح المعاني ج 19 ص 51 و ج 21 ص 67 وتفسير ابن كثير ج 3 ص 328 وتفسير الخازن ج 5 ص 91 وأسباب النزول للواحدي ص 260 ان لهو الحديث والزور هو الغناء وقال الآلوسي لهو الحديث ذم للغناء بأعلى صوت. وأما السنة ففي مفتاح الكرامة في المكاسب المحرمة عند ذكر حرمة الغناء قال وردت خمسة وعشرون رواية صحيحة وفي الجواهر انها متواترة عن السجاد والباقر والصادق عليه السلام دالة على حرمة الغناء مطلقاً، وإن لم يقترن بمحرم ولفظها الغناء عش النفاق ومن الكبائر والبيت الذي يغني فيه لا يؤمن من الفجيعة ولا يجاب فيه الدعاء ولا يدخله الملك ولا ينظر الله بالرحمة الى من اجتمع في مجلس الغناء وينزع الله الحياء عن المغني فلا يبالي بمقاربة اهله الرجال والمستمع للغناء شريك مع المغني في الإثم والمغنية ملعونة وكسبها حرام. وبمثله وردت أحاديث أهل السنة المروية في مسند أحمد ج 5 ص 264 وص 268 وفي كنز العمال ج 7 ص 337.

ويستطرد السيد عبد الرزاق المقرم عن الغناء تحت الحكم قائلا: ويتحدث الكليني في الكافي باب الغناء ان رجلاً قال لأبي عبدالله الصادق إني أدخل الكنيف ولي جيران عندهم جوار يتغنين ويضربن بالدف فربما أطلت الجلوس لاستماعهن فقال: لا تفعل قال الرجل إنما هو سماع باذني قال ابو عبدالله عليه السلام أما سمعت قول الله عزوجل “إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا” (الإسراء 36) قال بلى قال استغفر الله وأغتسل وصل ما بدا لك لأنك كنت على أمر عظيم ما أسوء حالك لو مت على هذا فاسأل الله التوبة من كل ما يكره فانه لا يكره إلا كل قبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل شيء أهلا ومن هنا أجمع الامامية على حرمته كما في الحدايق والمستند وفي الجواهر أنها من ضروريات المذهب. وأما فقهاء السنة فحكى الآلوسي تضافر الآثار وكلمات كثير من العلماء على حرمة الغناء لا في مقام دون مقام وعن التتار خانية حرمته في جميع الأديان وحكى عن أبي حنيفة حرمته ونقل صاحب الذخيرة تحريمه عن جمع من الحنابلة وقال شيخ الاسلام المرغيناني، الحنفي نهى رسول الله عن الصوتين الأحمقين النائحة والمغنية ولا تقبل شهادة المغنية وقال الكاساني الحنفي مجرد الغناء واستماعه معصية والتغنية صفة محظورة لكونها لهواً وشرطها يوجب فساد البيع والغناء في الجواري عيب وحكى ابن تيمية عن ابن المنذر انه نقل الاتفاق على حرمة الغناء مطلقاً وابطال اجارة المغنية وقال ابن مفلح الحنبلي حرم جماعة الغناء وحكى القاضي عياض الاجماع على كفر مستحله وقال ابن قدامة الحنبلي حرمه بعض الحنابلة وقال أحمد إنه ينبت النفاق فلا يعجبني واختار الشيخ احمد الرملي حرمته مطلقاً ونقل السهروردي عن الأئمة الاربعة انهم حرموا الغناء وكرهه مالك.