د. فاضل حسن شريف
جاء في کتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب للشيخ عبد الله الحسن: ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجلٌ آخر، يقال له: تميم بن الحصين الفزاري، فنادى: يا حسين ويا أصحاب الحسين، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيّات، والله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعاً. قال الحسين عليه السلام: مَن الرجل؟ فقيل: تميم بن حُصين. فقال الحسين عليه السلام: هذا وأبوه من أهل النار، أللهم اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم. قال: فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه، فوطأته الخيل بسنابكها فمات. ثم أقبل آخر من عسكر عمر بن سعد، يقال له محمد بن أشعث بن قيس الكندي، فقال: يا حسين بن فاطمة، أيةُ حرمة لك من رسول الله صلى الله عليه وآله ليست لغيرك؟ قال الحسين عليه السلام: هذه الآية “إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً ” (آل عمران 33-34). ثم قال: والله إنَّ محمداً لَمن آل إبراهيم وإن العترة الهادية لمن آل محمد، مَن الرَجل؟ فقيل: محمد بن أشعث بن قيس الكندي. فرفع الحسين عليه السلام رأسه إلى السماء فقال: أللهم أرِ محمدَ بن الأشعث ذُلاًّ في هذا اليوم لا تعزّه بعد هذا اليوم أبداً، فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز فسلّط الله عليه عقرباً فلذعه فمات باديَ العورة. فبلغ العطش من الحسين عليه السلام وأصحابه، فدخل عليه رجل من شيعته يقال له: يزيد بن الحصين الهمداني. فقال: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله أتأذن لي فأخرج إليهم فآمُلُهم، فأذن له.
وعن الصلوات الواردة في ليلة عاشوراء يقول الشيخ الحسن: 1 ـ ما روي عن محمد بن أبي بكر المديني الحافظ من كتاب دستور المذكّرين بإسناده المتصل عن وهب بن منبه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مَنْ صلّى ليلة عاشوراء أربع رَكَعَات من آخر اللّيل، يقرأ في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي عشر مرّات، و “قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ” عشر مرّات، و “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ” عشر مرّات، و “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ” عشر مرّات، فإذا سلّم قرأ “قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ” مائة مرّة، بَنَى الله تعالىٰ له في الجنّة مائة ألف ألف مدينة من نور، في كلّ مدينة ألف ألف قصر، في كل قصر ألف ألف بيت في كلّ بيت ألف ألف سرير، في كل سرير ألف ألف فراش، في كل فراش زوجة من الحور العين، في كلّ بيت ألف ألف مائدة، في كلّ مائدة ألف ألف قصعة، في كلِّ قصعة مائة ألف ألف لون، ومن الخدم علىٰ كلّ مائدة ألف ألف وصيف، ومائة ألف ألف وصيفة، علىٰ عاتق كلّ وصيف ووصيفة منديل، قال وهب بن منبّه: صمّت أذناي إن لم أكن سمعت هذا من ابن عباس. 2 ـ ما روي أيضاً عن كتاب دستور المذكرين بإسناده المتصل عن أبي أُمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلىٰ ليلة عاشوراء مائة ركعة بالحمد مرة و “قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ” ثلاث مرّات، ويسلّم بين كلّ ركعتين فإذا فرغ من جميع صلاته قال: سُبحانَ الله والحمْدُ للهِ ولا إله إِلا اللهُ والله أكبرُ ولا حوْلَ ولا قُوّةَ إلا باللهِ العليِّ العظيم سبعين مرّة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلّىٰ هذه الصلاة من الرجال والنساء ملأ الله قبره إذا مات مسكاً وعنبراً، ويدخل إلىٰ قبره في كل يوم نور إلىٰ أن يُنفخ في الصور، وتوضع له مائدة منها نعيم يتناعم به أهل الدنيا منذ يوم خلق إلىٰ أن يُنفخ في الصور، وليس من الرجال والنساء إذا وضع في قبره إلا يتساقط شعورهم إلاّ مَنْ صلّىٰ هذه الصّلاة، وليس أحدٌ يخرج من قبره إلا أبيض الشعر إلا من صلّىٰ هذه الصلاة. والّذي بعثني بالحقِّ إنّه من صلّىٰ هذه الصلاة، فإنّ الله عزوجل ينظر إليه في قبره بمنزلة العروس في حجلته إلىٰ أن يُنفخ في الصور، فإذا نُفخ في الصّور يخرج من قبره كهيئته إلىٰ الجنان كما يُزفُّ العروس إلىٰ زوجها إلخ. 3 ـ ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: تصلي ليلة عاشوراء أربع ركعات في كلِّ ركعة الحمد مرَّة، و “قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ” خمسون مرَّة، فإذا سلّمت من الرّابعة فأكثر ذكر الله تعالىٰ، والصلاة على رسوله، والعن لأعدائهم ما استطعت. 4 ـ ما ذكره صاحب المختصر من المنتخب قال: الدعاء في ليلة عاشوراء أن يصلّي عشر ركعات في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة واحدة، و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ” مائة مرّة. وقد روي أن يصلي مائة ركعة يقرأ في كلِّ ركعة الحمد مرّة و “قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ” ثلاث مرّات، فإذا فرغت منهنّ وسلّمت تقول: سُبْحان اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ، ولا حوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بالله العلي العظيم، مائة مرّة، وقد روي سبعين مرَّة، وأستغفرُ الله مائة مرّة، وقد روي سبعين مرَّة، وصلىٰ الله على محمدٍ وآلِ محمدٍ مائة مرَّة، وقد روي سبعين مرَّة.
جاء في کتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب للشيخ عبد الله الحسن: إن لهذه الليلة العظيمة أبعاداً مختلفةً، وجوانبَ متعددةً، وعِبَراً نافعةً، في ميادين العقيدة والشريعة الإسلامية يجدُرُ الوقوفُ عليها، و استكناه ما في سويعاتها العصيبة التي نزلت بساحة أهل بيت الوحي والتنزيل عليهم السلام، وما أعقبها من أحداث مُنيَ بها الإسلام والمسلمون بأفدح ما عرفهُ تاريخ البشرية أجمع، وكيف لا وقد اتفقت الكلمةُ علىٰ إبادة أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة ومهبط التنزيل. إن ليلة عاشوراءَ الأليمة من سنة (61 ه) وإن كانت في حساب الليالي ليلةً واحدةً ذات سُويعات محدودة، إلا أنها في حساب التاريخ شكلت مُنعطفاً حاداً في تاريخ الإسلام، لم تشهده ليلةٌ من لياليه مُنذ فجره وإلىٰ يومنا هذا، سوىٰ ليالٍ معدودة شاءَ اللهُ أن يجعلها شموساً في تاريخ الإسلام، والتي منها ليلةُ مبيتِ أمير المؤمنين علي عليه السلام علىٰ فراش النبي صلى الله عليه وآله، وليلةٌ سَمعت فيها فاطمة الزهراء عليهاالسلام صوتَ بلال يُردّد: أشهد أن محمداً رسول الله، وأبوها العظيم صلى الله عليه وآله ملبٍّ نداء الله “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً” (الفجر 27-28).