اخر الاخبار

كتاب من وحي الطف للسيد محمد سعيد الحكيم والقرآن الكريم‎
د. فاضل حسن شريف
جاء في کتاب من وحى الطف دلالات وتوجيهات للسيد محمد سعيد الحكيم: في المدخل: بسم الله الرحمن الرحيم‌: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين. “إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُم الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (التوبة 111) صدق الله العلي العظيم‌. نرفع تعازينا- ونحن نستقبل شهر محرم الحرام شهر التضحية والفداء في سبيل الإسلام إلى النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى آله المظلومين عليهم‌ السلام، ولاسيما بقيّة الله في الأرض وإمام العصر الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويجعلنا من أنصاره وأعوانه، حينما يأذن له بأخذ ثأره من الظالمين، ويطهّر الأرض منهم، ويملؤها قسطاً وعدلًا بعدما ملئت ظلماً وجوراً. ورفع درجات الماضين منهم وألحقهم بأوليائهم الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، ووفق من بقي منهم للمضي في ذلك الطريق وممارسة تلك النشاطات على أفضل الوجوه وأكملها، بعد أن منّ الله تعالى عليهم، فقمع عدوهم وأذلّه، وأعاد لهم حريتهم بعد طول عناء وشدة بلاء. وصدق الله عزّ وجلّ حيث يقول‌: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ‌” (البقرة 214). وحيث يقول‌: “مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” (الأحزاب 23).
وعن الشعور بوحدة الهدف يقول المرجع السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: أن يشعروا أنفسهم عند القيام بهذه النشاطات المباركة بوحدة الهدف وشرف الغاية وقدسيتها بسبب انتسابها لأهل البيت صلوات الله عليهم، الذين هم القمة في الكمال والفناء في ذات الله تعالى، ليكون ذلك محفزاً لهم على جمع كلمتهم وتثبيت ألفتهم وأخوتهم، وغض النظر عن بعض الهفوات العفوية التي قد تصدر من بعضهم. ويترفعوا عن المباهاة والمفاخرة والتسابق والتناحر، حيث قد يحاول الشيطان الرجيم أن يلقيها في روعهم ويزرعها في صدورهم، ليذهب ببهاء عملهم ويحبط أجرهم، ويفرق كلمتهم، ويشتت جمعهم، ويلقي بأسهم بينهم. وليتعوذوا بالله تعالى من كيده وشره ووسوسته وخدعه وغروره وفتنته. “فإن الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ” (فاطر 5). المحافظة على الطابع الديني: أن يحافظوا في تلك النشاطات على طابعها الديني والروحاني، وذلك بالحفاظ على حدود الله تعالى، وإقامة الفرائض عند حلول أوقاتها، وحسن الخلق، وحفظ اللسان، وصدق اللهجة، وغير ذلك، مما يناسب قدسيتها وانتسابها لأهل البيت صلوات الله عليهم. ولاسيما وأن هذه النشاطات والفعاليات تثقل على كثير من الناس من الأعداء والمنحرفين وهم يحاولون بجدهم منعها. وإذا لم يستطيعوا منعها بالقوة يحاولون تتبع العثرات واستغلال الثغرات، وبث الدعايات الكاذبة، وتضخيم ذلك من أجل تهجين هذه النشاطات وتبشيع صورتها وتنفير الناس عنها، بنحو قد يبرر منعها، أو تحديدها وتقليصها. ونأمل بالمؤمنين وفقهم الله تعالى أن يحولوا دون ذلك بسلوكهم وانضباطهم وحسن تصرفهم وتعاملهم مع الأحداث‌ “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‌” (العنكبوت 69).
وفي توجيهاته للخطباء يقول آية الله الحكيم قدس سره: عليكم أن تلتزموا خطّ أهل البيت عليهم‌السلام في التزام الحق، والإخلاص في العمل، وصدق النيّة، والحفاظ على الواقعية، والتثبت في الأمور، والتعاون مع أهل الحق والدين والاستقامة، ممن لا تنالهم الظنون، ولم يتورطوا في الشبهات، ولا تخرجوا عن ذلك وتمل بكم الأهواء، وتنخدعوا بالشعارات البرّاقة والدعوات الجوفاء التي هي‌ “كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَالله سَرِيعُ الْحِسَابِ‌” (النور 39). وقد أقام الله تعالى الحجّة، وأوضح الحق لطالبه، ولم يدع عباده في جهالة.
وعن کتاب من وحى الطف دلالات و توجيهات للسيد محمد سعيد الحكيم: وقد شاء الله تعالى لها الخلود، لتبقى صرخة في ضمير الأمة تنبهها من غفلتها وتوقظها من رقدتها وترفع معنوياتها وتعيد لها الثقة بنفسها، وتجدد لها دينها وتذكرها بمثلها وأهدافها النبيلة وخلقياتها الفاضلة وصدق الله عزّ وجل حين يقول‌: “ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون” (ابراهيم 24-25). وتعالى لأهل البيت (صلوات الله عليهم) شيعة خلقوا من فاضل طينتهم وعجنوا بماء ولايتهم يفرحون لفرحهم ويحزنون لحزنهم، استجابوا لدعوتهم وحملوها، وتفاعلوا بها ورعوها ودعوا إليها بالمنطق، السليم وصارعوا فيها دعوات الباطل المتعاقبة جيلًا بعد جيل، بإصرار وتضحية على طول المدة وشدة المحنة، وكان لكل من المعسكرين سماته المميزة له، في الأفكار والسلوك، إذ كل جنس لجنسه ألف، وكل إناء بالذي فيه ينضح، وكان الخلود والظهور والنجاح والفلاح للحق وأهله، والخيبة والخسران والانحسار والانهزام لدعوات الباطل المتعاقبة، “كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ‌” (الرعد 17). التزام طاعته في أداء الفرائض واجتناب المحرمات وصدق الحديث وأداء الأمانة، والتخلق بأخلاق الإسلام الفاضلة: فَإنّمَا الأممُ الأخلاقُ مَا بَقِيَتْ‌ * فَإنْ هُم ذَهَبَتْ أخْلاقُهم ذَهَبوا. عسى الله تعالى أن يمدهم بتأييده ونصره وهو القائل‌: “لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” (ابراهيم 7).
يقول السيد محمد سعيد الحكيم: وما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في رثاء الصديقة سيدة النساء الزهراء عليها السلام من قوله: (ما لِي وَقَفْتُ عَلى القُبورِ مُسَلّماً * قَبْرَ الحَبيبِ فَلَمْ يَرُدَّ جَوابِي‌   أَحَبيبُ ما لَكَ لا تَرُدُّ جَوابَنا * أَنَسِيتَ بَعْدِي خُلّةَ الأَحْبابِ‌   قالَ الحَبيبُ وَكَيفَ لِي بِجَوابِكُم‌ * وَأنا رَهِينُ جَنادِلٍ وَتُرابِ)  وقوله عليه السلام في خطبته عن الجنة: (لم تبرح عارضة نفسها على الأمم الماضين منكم والغابرين) مع وضوح أن الجنة لا تنطق ولا تعرض نفسها وإنما حكى عليه السلام عن لسان الحال تبعاً لما اخترعه من الصورة التخييلية. وقبل ذلك قوله تعالى‌: “ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ‌” (فصلت 11)، وقوله عزّ من قائل: “يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ” (ق 30).