اخر الاخبار

"كذلك المطاعم والفنادق".. القضاء: عقود الزواج ذات المهر العالي هي إحدى طرق غسيل الأموال بالعراق

أكد قاض متخصص بمكافحة جرائم النزاهة وغسل الأموال، أن العقارات أكثر القطاعات استهدافا بجرائم غسل الأموال، وفيما أكد أن معظم هذه الأموال متأتية عن جرائم الفساد والمخدرات وتهريب المشتقات النفطية، تحدث عن طرق مبتكرة لغسل الأموال بينها المهر العالي للزواج.

ويقول قاضي محكمة تحقيق النزاهة وغسل الأموال إياد محسن ضمد بحسب تقرير لصحيفة القضاء، إن “غسل الأموال من الجرائم المنظمة العابرة للحدود، ويقصد بغسل الأموال الطريقة التي يتم بها توجيه الأموال المتحصلة من جريمة والتي يتم غسلها”.

وعن صور هذه الجريمة، يضيف ضمد: “أحيانا يتم توجيه الأموال المغسولة من الخارج إلى الداخل حينما تكون الجريمة الأصلية مرتكبة خارج حدود الدولة، وترسل الأموال الناتجة عنها إلى دولة أخرى لإتمام عمليات الغسل وفي أحيان أخرى يحدث العكس حيث ترتكب الجريمة الأصلية داخل الدولة ويتم تحويل متحصلاتها المالية للخارج بغية غسلها”.

وأشار إلى أن “أكثر عمليات غسل الأموال المرتكبة في العراق بحسب تقرير التقييم الوطني للمخاطر الذي أنجزه الفريق الوطني الممثل بمكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومجلس القضاء الأعلى وبقية المؤسسات، فان جرائم الفساد المالي والإداري وجرائم المخدرات وجرائم تهريب المشتقات النفطية هي أكثر الجرائم خطورة في مجال غسل الأموال والتي يسعى فيها المجرمون لغسل متحصلاتها المالية، اما اكثر القطاعات التي يستهدفها غاسلو الأموال فهي قطاع العقارات”.

ويعزو القاضي الأسباب التي أدت إلى انتشار هكذا نوع من الجرائم إلى أن “الهدف الأساس الذي يدفع أكثر المجرمين لارتكاب هذه الجرائم هو الحصول على الأموال والإفادة منها لاسيما الأموال المتحصلة من جرائم الفساد المالي والإداري والمخدرات والتهرب الضريبي والابتزاز المالي والخطف والسرقة وغيرها”، لافتا إلى أنه “بسبب الرقابة الشديدة التي تفرضها الأنظمة المالية على المستوى المحلي والدولي على حركة الأموال وضرورة معرفة مصادرها قبل قبول إيداعها في المصارف أو إجراء الحوالات البنكية بخصوصها، يلجأ مرتكبو الجرائم الأصلية إلى إتباع أساليب كثيرة تهدف إلى قطع صلة الأموال بالجريمة التي أنتجتها وإظهار الأموال القذرة وكأنها أموال مشروعة وناتجة عن مشاريع وأعمال قانونية”.

ويضيف أن “ذلك يتم من خلال تأسيس الشركات الواجهية والمطاعم والفنادق وشراء الأسهم وغيرها من المشاريع التي يتم تأسيسها بأموال ناتجة عن جريمة، لذا فإن الرقابة الشديدة تدفع المجرمين الى ارتكاب جرائم غسل أموال كثيرة لتمرير متحصلات الجرائم الأصلية في الأنظمة المالية والمصرفية”.

وعن الأساليب الحديثة المتبعة في جرائم غسل الأموال، يشير القاضي إلى أن “هناك العديد من الأساليب المتطورة منها إبرام عقود زواج صورية ودفع مبالغ مهر عالية ومبالغ فيها كون أموال المهر في الأصل متحصلة عن جرائم وبعد إنهاء الرابطة الزوجية الصورية تستخدم الزوجة المنفصلة أموال المهر باعتبارها مؤخرا لمهر زواجها وتظهر هذا المال على أنه مال مهر زواج مشروع، لكنه في الحقيقة متحصل عن جريمة”.

كما يشير إلى حيل أخرى كـ”استغلال التطبيقات الالكترونية الذكية والمتطورة في تحويل الأموال المتحصلة عن الجريمة ونقلها، فضلا عن استخدام التطبيقات التي تتيحها أجهزة الهاتف النقال في تحويل الأموال ونقلها من المجرم إلى أشخاص آخرين، بالإضافة إلى استخدام العملات الرقمية في عمليات غسل الأموال”.

وعن دور المحاكم العراقية في مكافحة جريمة غسل الأموال، يؤكد أن “قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 39 الذي صدر في العام 2015 توافرت فيه أغلب المعايير الدولية وتوصيات منظمة الفاتف لمراقبة غاسلي الأموال ومكافحة الجريمة، وقد قام مجلس القضاء الأعلى في العراق بتسمية مجموعة من قضاة التحقيق موزعين على كافة المناطق الاستئنافية ومنحوا اختصاصات نوعية في مجال نظر قضايا هذه الجريمة”.

وأكمل القاضي ضمد، أن “أغلب السادة قضاة التحقيق وقضاة محاكم الموضوع وأعضاء جهاز الادعاء العام أدخلوا في دورات تطويرية في مجال مكافحة هذه الجريمة، ما زاد في قدرات وكفاءة السادة قضاة التحقيق لكشف هذه الجرائم وتفكيك شبكاتها وإحالتهم إلى المحاكم المختصة كذلك لتتبع وتعقب المتحصلات المالية الناتجة عن الجرائم الأصلية وحجزها تمهيدا لمصادرتها”، مشيرا إلى أن “أسلوب تشكيل الفرق التحقيقية الفنية المشتركة الممثلة من مجموعة من أجهزة إنفاذ القانون والدوائر ذات الصلة يعد من ـهم الأساليب الناجحة لمكافحة هذه الجريمة وتقديم الأدلة أمام السادة قضاة التحقيق كذلك لحصر مقدار المتحصلات الناتجة عن الجرائم الأصلية في القضايا المنظورة من قبل المحاكم”.

وبشأن خروج العراق من القائمة الرمادية والدول عالية المخاطر في مجال غسل الأموال، قال: “في الحقيقة، العراق لم يدرج في القائمة الرمادية منذ العام 2018 حين خرج منها، وما جرى قبل أشهر هو أن العراق حين قدم تقريره لمنظمة مينا فاتف وتم مناقشته من قبل أعضاء المنظمة والمراقبين المرسلين من المنظمات الدولية المعنية، تم قبول هذا التقرير وجرى اعتبار العراق دولة ممتثلة لتوصيات منظمة فاتف في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومنع انتشار السلاح”.

وتابع أن “قبول تقرير العراق ساهم بإبقائه خارج المنطقة الرمادية للدول عالية المخاطر، بعد أن بذل الفريق الوطني العراقي والمتشكل من ممثلين من مجموعة مؤسسات في الدولة العراقية جهودا كبيرة ومضنية على مدى خمس سنوات أي منذ العام 2018 للايفاء بمتطلبات منظمة الفاتف”، مؤكدا أن “منظمة الفاتف تجري تقييم امتثال دول العام دوريا من خلال مقيمين دوليين ترسلهم المنظمة لكل دولة وهذا التقييم يجري كل خمس سنوات، وكل تقييم يشمل مسائل مختلفة عن التقييم الذي سبقه”.

وخلص ضمد إلى أنه “في العام 2018 تم تقييم العراق من ناحية الالتزام الفني وهو التزام التشريعات والتعليمات المتعلقة بمجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ونجح العراق في تجاوز المرحلة، وفي العام 2023 تم تقييم العراق للمرحلة الثانية وهو مرحلة تقييم الفاعلية لبيان قدرة التشريعات الوطنية على مكافحة الجريمة فعليا ومدى التزام المؤسسات المالية والبنك المركزي العراقي ودوائر الضرائب والكمارك بتوصيات منظمة الفاتف، كما نجح العراق كذلك في تجاوز هذه المرحلة وبعد خمس سنوات قادمة سيتم تقييم العراق لمتطلبات أخرى”.