د. فاضل حسن شريف
من علامات المؤمن الموالي لأهل البيت كما ورد في الروايات ( صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم). المقصود زيارة اربعين الامام الحسين عليه السلام في كربلاء المقدسة التي تقدست بدم وجسد اي عبد الله الحسين عليه السلام ودماء واجساد اهل بيته الكرام الذين استشهدوا في واقعة الطف عام 61 هجرية في هذه المدينة المقدسة. ان ثلاثين الف يزيدي حاربوا عشرات من الحسينيين الشجعان لان شياطينهم تصور لهم انهم سينتصرون لا محال، ولا يعرفون ان الدنيا فانية والنصر سيكون يوم الحساب الموعود، والخلود لشهداء الرسالة المحمدية في الدنيا قبل الآخرة، مع فوح عطر الاجساد الشريفة التي تغطي المدينة وخلود اسمها بسبب هذه الأجساد. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (حسين مني وانا من حسين) و (احب الله من احب حسينا)
يوم الاربعين وعلى قول الشّيخين هو يوم ورود حرم الحسين عليه السلام كربلاء مع السبايا وفيهم الامام السجاد والسيدة زينب عليهما السلام عائدين من الشّام ومعهم الرؤوس الشريفة لدفنها مع الاجساد الطاهرة، وكذلك يوم ورود جابر بن عبد الله الأنصاري كربلاء لزيارة الحسين عليه السلام. قال الامام الحسين عليه السلام (شاء الله أن يراني قتيلا وان يراهن سبايا).
وردت كلمة الاربعين في بعض الآيات القرآنية قال الله تبارك وتعالى “وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ” ﴿البقرة 51﴾، و”قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ” ﴿المائدة 26﴾، و”وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ” ﴿الأعراف 143﴾، و”حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَة ” ﴿الأحقاف 15﴾.
جاء في المعاني الجامع: زِيارَةٌ جمع: ات. (ز و ر). (مصدر زارَ). جاءَ لِزِيارَةِ أَهْلِهِ بَعْدَ غَيْبَةٍ طَويلَةٍ: لِلالْتِقاءِ بِهِمْ والسَّلامِ عَلَيْهِمْ. قامَ بِزِيارَةٍ خاطِفَةٍ لِلْقَرْيَةِ: إِطْلالَةٌ، الْمَجيءُ إِلَيْها وَمُعايَنَتُها عَلَى عَجَلٍ. ذَهَبَتْ لِزِيارَةِ ضَريحِ الوَلِيِّ الصَّالِحِ: التَّبَرُّكُ والوُقوف بِمَكانِ الضَّريحِ. زِيارَةُ الأَماكِنِ الْمُقَدَّسَةِ: أَيِ الذَّهابُ إِلَيْها لأَداءِ فَريضَةٍ دينِيَّةٍ أَوِ اقْتِناعٍ بِشَيْءٍ مَّا.
ان الامام الحسين عليه السلام لم يقم بالثورة على يزيد بسبب رسائل اهل الكوفة وانما ثار ضد حاكم ظالم، كون الرسائل وصلت اليه بعد علمهم بثورته كما جاء في خطبة سليمان بن صرد الخزاعي في الكوفة قبل أن يكتبوا الرسائل قائلا (إنَّ معاوية قد هلك وإنَّ حسيناً قد تقبَّض على القوم ببيعة وقد خرج الى مكة فاكتبوا إليه). وعن سيد الشهداء عليه السلام في دعوته (أنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيه، فإنّ السنّة قد أُميتت، وإنّ البدعة قد أُحييت). وتشهد كربلاء المقدسة لكلمات ابي الاحرار الامام الحسين عليه السلام، فعن الضحّاك بن عبداللّه المشرقي، قال: فلمّا أمسى حُسين وأصحابه قاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون، قال: فتمرّ بنا خيل لهم تحرسنا، وإنّ حسينا ليقرأ: “وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * مَا كَانَ اللّه لِيَذَرَ المُؤْمِنِيْنَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَى يَمِيْزَ الْخَبِيْثَ مِنَ الطَّيِّبِ” (ال عمران 178-179).
قال الله تبارك وتعالى “وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ” (الحج 36). ذكر الشهيد الثاني قدس سره في كتابه مسالك الأفهام (ان الشعيرة هي العبادات التي يعبد الله تعالى بها). و ذكر المقدس الاردبيلي قدس سره في كتابه زبدة البيان (شعائر الله هي أعلام الشريعة التي شرعها الله، وإضافتها إلى اسم الله تعظيم لها). فإذا كانت البدن من شعائر الله فالشعائر الحسينية لا تقل أهمية منها وكيف لا فان الحسين عليه السلام سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته. وهكذا فان محبي الحسين يعظمون شعائره ليصبحوا من المتقين كما قال الله تعالى “ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج 32). وتصبح كربلاء قبلة لكل الاحرار يقصودونها لاحياء الشعائر الحسينية.