كلمات قرآنية لها علاقة بمشاة أربعين الحسين: حبه، برا (ح 16)
د. فاضل حسن شريف
ان الامام الحسين عليه السلام على حبه تعشق النفوس لزيارة مرقده الشريف ومسير المسافات شوقا للوصول الى كعبة الاحرار كربلاء المقدسة كما جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعلى عن حبه “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” ﴿البقرة 177﴾ “على حبه” فيه وجوه (أحدها) إن الكناية راجعة إلى المال أي على حب المال فيكون المصدر مضافا إلى المفعول وهو معنى قول ابن عباس وابن مسعود قال هو أن تعطيه وأنت صحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا (وثانيها) أن تكون الهاء راجعة إلى من آمن فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل ولم يذكر المفعول لظهور المعنى ووضوحه وهو مثل الوجه الأول سواء في المعنى (وثالثها) أن تكون الهاء راجعة إلى الإيتاء الذي دل عليه قوله “وآتى المال ” والمعنى على حبه الإعطاء ويجري ذلك مجرى قول القطامي: هم الملوك وأبناء الملوك لهم * والآخذون به والساسة الأول. فكني بالهاء عن الملك لدلالة قول الملوك عليه (ورابعها) أن الهاء راجعة إلى الله لأن ذكره سبحانه قد تقدم أي يعطون المال على حب الله وخالصا لوجهه قال المرتضى قدس الله روحه لم نسبق إلى هذا الوجه في هذه الآية وهو أحسن ما قيل فيها لأن تأثير ذلك أبلغ من تأثير حب المال لأن المحب للمال الضنين به متى بذله وأعطاه ولم يقصد به القربة إلى الله تعالى لم يستحق شيئا من الثواب وإنما يؤثر حبه للمال في زيادة الثواب متى حصل قصد القربة والطاعة ولو تقرب بالعطية وهو غير ضنين بالمال ولا محب له لا يستحق الثواب “ذوي القربى ” أراد به قرابة المعطي كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن أفضل الصدقة فقال جهد المقل على ذي الرحم الكاشح وقوله لفاطمة بنت قيس لما قالت يا رسول الله إن لي سبعين مثقالا من ذهب قال اجعليها في قرابتك ويحتمل أن يكون أراد قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في قوله “قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى” وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام.
ويستطرد الشيخ الطبرسي في تفسيره للآية المباركة: “واليتامى” اليتيم من لا أب له مع الصغر قيل أراد يعطيهم أنفسهم المال وقيل أراد ذوي اليتامى أي يعطي من تكفل بهم لأنه لا يصح إيصال المال إلى من لا يعقل فعلى هذا يكون اليتامى في موضع جر عطفا على القربى وعلى القول الأول يكون في موضع نصب عطفا على “ذوي القربى ” “والمساكين” يعني أهل الحاجة “وابن السبيل ” يعني المنقطع به عن أبي جعفر ومجاهد وقيل الضيف عن ابن عباس وقتادة وابن جبير “والسائلين” أي الطالبين للصدقة لأنه ليس كل مسكين يطلب. “وفي الرقاب” فيه وجهان (أحدهما) عتق الرقاب بأن يشتري ويعتق (والآخر) في رقاب المكاتبين والآية محتملة للأمرين فينبغي أن تحمل عليهما وهو اختيار الجبائي والرماني وفي هذه الآية دلالة على وجوب إعطاء مال الزكاة المفروضة بلا خلاف وقال ابن عباس في المال حقوق واجبة سوى الزكاة وقال الشعبي هي محمولة على وجوب حقوق في مال الإنسان غير الزكاة مما له سبب وجوب كالإنفاق على من يجب عليه نفقته وعلى من يجب عليه سد رمقه إذا خاف عليه التلف وعلى ما يلزمه من النذور والكفارات ويدخل في هذا أيضا ما يخرجه الإنسان على وجه التطوع والقربة إلى الله لأن ذلك كله من البر واختاره الجبائي قالوا ولا يجوز حمله على الزكاة المفروضة لأنه عطف عليه الزكاة وإنما خص هؤلاء لأن الغالب أنه لا يوجد الاضطرار إلا في هؤلاء. “وأقام الصلاة” أي أداها لميقاتها وعلى حدودها “وآتى الزكاة” أي أعطى زكاة ماله “والموفون بعهدهم إذا عاهدوا” أي والذين إذا عاهدوا عهدا أوفوا به يعني العهود والنذور التي بينهم وبين الله تعالى والعقود التي بينهم وبين الناس وكلاهما يلزم الوفاء به “والصابرين في البأساء والضراء” يريد بالبأساء البؤس والفقر وبالضراء الوجع والعلة عن ابن مسعود وقتادة وجماعة من المفسرين “وحين البأس ” يريد وقت القتال وجهاد العدو. وروي عن علي عليه السلام أنه قال كنا إذا أحمر البأس اتقينا برسول الله فلم يكن أحد منا أقرب إلى العدو منه يريد إذا اشتد الحرب “أولئك ” إشارة إلى من تقدم ذكرهم “الذين صدقوا ” أي صدقوا الله فيما قبلوا منه والتزموه علما وتمسكوا به عملا عن ابن عباس والحسن وقيل الذين صدقت نياتهم لأعمالهم على الحقيقة. “وأولئك هم المتقون ” أي اتقوا بفعل هذه الخصال نار جهنم واستدل أصحابنا بهذه الآية على أن المعني بها أمير المؤمنين عليه السلام لأنه لا خلاف بين الأمة إنه كان جامعا لهذه الخصال فهو مراد بها قطعا ولا قطع على كون غيره جامعا لها ولهذا قال الزجاج والفراء أنها مخصوصة بالأنبياء المعصومين لأن هذه الأشياء لا يؤديها بكليتها على حق الواجب فيها إلا الأنبياء.
وافضل البر زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام والمسير اليه جماعة مع ملايين من محبيه جاءوا من أطار الدنيا للحصول على شفاعته وقت الورود. جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى عن كلمة برا “وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا” (مريم 32) “وبرا بوالدتي” منصوب بجعلني مقدرا، “ولم يجعلني جبارا” متعاظما “شقيا” عاصيا لربه. وعن تفسير الميسر: قوله تعالى “وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا” ﴿مريم 32﴾ وَبَرًّا: وَ حرف عطف، بَرًّۢا اسم. وجعلني بارًّا بوالدتي، ولم يجعلني متكبرًا ولا شقيًا، عاصيًا لربي.
جاء في کتاب الاربعين وفلسفة المشي الى الحسين عليه السلام للشيخ حيدر الصمياني: الفوائد الاقتصادية: قد لا يجد المرء حرجاً في الحديث عن الفوائد الاقتصادية المترتبة على زيارة الأربعين المليونية بعد أن تحدث القرآن الكريم عن شعيرة الحج بقوله: “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ” (الحج 28)، وانطلاقاً من هذه الآية الكريمة التي أحلت لشرعية الجمع بين الشعيرة الروحية والعبادية والفوائد الدنيوية لاسيما المالية المترتبة عليها، نحاول أن نسلط الأضواء على أهمية المزارات الدينية لاسيما مراقد أئمة أهل البيت عليهم السلام بشكل عام ومرقد سيد الشهداء عليه السلام بشكل خاص. وقبل أن نبدأ أود أن أشير إلى أن المزارات الدينية أو ما يعرف الآن بالسياحة الدينية قد أخذت أبعاداً كبيرة جداً لاسيما في هذه الفترة واهتمت بها الدول اهتماماً عظيماً وذلك لكثرة مردوداتها الإيجابية عليها، حتى صارت تمثل أكبر حركة سياحية منظمة في العالم، حيث تقدر سنوياً بما لا يقل عن مئات الملايين من السياح ومع واردات تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، ولقد كان العراق وما زال واحداً من جملة أهم البلدان في العالم من حيث عدد السياح الدينيين إليه، لاسيما بعد سقوط النظام الصدامي البغيض، حتى أصبحت أعداد الزائرين إليه بالملايين سنوياً، ولئن كانت مدن العراق تعج بزائريها في بغداد وسامراء والنجف وكربلاء وغيرها فإن هذه الأعداد تجدها مضاعفة وبشكل كبير في زيارة الحسين عليه السلام لاسيما يوم الأربعين حيث المسيرة المليونية المباركة، ومن هنا كان لزاماً علينا أن نضع أيدينا على أهم الفوائد و المردودات الاقتصادية المترتبة على هذه الزيارات الدينية حتى يمكن الاهتمام بها وتطويرها.
عن موقع زيارة الأربعين: آداب الزيارة: عند الوصول للبلد المضيف: يجب اتباع بعض الإجراءات من قبل زوار الأربعين في البلد المضيف، في هذا القسم نذكر أهمها: أولاً: القضايا الاجتماعية: 1. الاهتمام بحقيقة أن الشعب العراقي هو المضيف والمالك الرئيسي للبيت، وأن الآداب والأخلاق الإسلامية تقتضي الحفاظ على كرامته وقدسيته وتقاليده والتأكيد عليها. 2. مثلما كان المضيفون العراقيون يستعدون منذ فترة طويلة لاستقبال الزائرين، فمن المناسب أن يعاملهم الزائرين باحترام وأدب من أجل شكرهم. 3. إن الجهود المبذولة للحفاظ على الأماكن المقدسة والأماكن العامة نظيفة تدل على رُقي شخصية الزائرين. 4. مساعدة النساء وكبار السن والمرضى والأطفال في استخدام المركبات والخدمات الأخرى وإعطائهم الأولوية وذلك من الأخلاق حميدة. ثانياً: القضايا الروحية: 1. ىأن يقصر خطاه إذا خرج إلى الرّوضة المقدّسة، وان يسير وعليه السّكينة والوقار، وأن يكون خاضعاً خاشعاً، وأن يطأطِأ رأسه فلا يلتفت الى جوانبه. 2. استمرار تلاوة “سبحان الله” و “الحمد لله” و “لا إله إلا الله” و “الله أكبر” و “الصلاة” أثناء المشي ينصح به جميع الشيوخ والأولياء. 3. قراءة دعاء الفرج لصاحب الزمان (عج) وإهداء أجر الزيارة لذلك الموعود من أحسن الأمور. 4. الزيارة نيابة عن الشهداء: يليق بزائري الأربعين أن ينيبوا في زيارتهم عن أحد شهداء الدفاع المقدس وأن يتخذوا شهيدًا رفيقًا لهم في زيارتهم.
عن شبكة النبأ المعلوماتية زيارة الأربعين والتعاون في نصرة الامام الحسين عليه السلام: ماهي عناصر التعاون على الخير؟ لكي يمكن فهم التعاون بشكل أعمق لابد من معرفة العناصر التي تجسد مفهوم التعاون كسلوك مشترك راسخ في العمق الثقافي والأخلاقي للمجتمع، يعي عنوان إقامة الحق ويفهم معاني الالتزام بالمسؤوليات الاجتماعية. أولا: يبدأ التعاون من الإنسان نفسه: الإنسان المسلم المؤمن حقيقة الذي ينتصر للإمام الحسين عليه السلام، لا ينتظر أن يبادر الآخرون، بل هو من يبدأ بالمبادرة الذاتية، فهو يبدأ ويبادر ثم يبادر الآخرون، وهذا هو معنى التعاون، لأن التعاون يعني التخلي عن الذات، ونبذ الأنانية، والخروج من الجسد المادي والرغائب والأهواء المادية، والذوبان في المنهج المعنوي للإسلام ولمنهج أهل البيت عليهم السلام. والمبادرة والتعاون في زيارة الأربعين نابع من الإيمان، فكلما كان مستوى إيمان الإنسان أقوى تكون لديه مبادرة ذاتية أكبر، وهذا هو معنى الإسلام، وهو الدافع الذاتي الذي لا ينتظر أن يبادر الآخرون لكي يبدأ بالعمل والمبادرة، أي لاتكون له توقعات من الآخرين يتحرك ويعمل، بل الدافع الذاتي يحركه، إنما يعمل ويبادر ويتعاون لوجه الله تعالى “إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا” (الإنسان 9). هذا ما نلاحظه اليوم من عطاءات خدمة الامام الحسين عليه السلام لزواره الكرام، يدفعهم حبهم وولائهم وإيمان بمنهجه عليه السلام، حيث يتسابقون فيما بينهم لتقديم كل ما يمكن من خلال مبادرات ذاتية، وهذا هو معنى التعاون والتنافس في الخير وخدمة الآخرين. ثانيا: الخدمة الطوعية: الخدمة الطوعية من أهم أساليب التطور والبناء، فاليوم تلاحظ بعض المجتمعات تسودها حالة من غمامة الاكتئاب والانعزال، فكل فرد منهم يفكر في نفسه، خصوصا في المجتمعات المادية، ولكن في المجتمعات المعنوية، تحضر قيم إلهية عظيمة، ومنها التخلي عن الذات والخدمة الطوعية وهذا من أعظم ما يتميز به الإنسان. فقد نقل أحد الرواة عن الإمام الصادق عليه السلام (قال: سمعته يقول: المؤمنون خدم بعضهم لبعض، قلت: وكيف يكونون خدما بعضهم لبعض؟ قال: يفيد بعضهم بعضا)، وهذا هو معنى أن يكون الإنسان متعاونا مع الآخرين، من خلال تجسيد معنى الخدمة في زيارة الأربعين.
جاء في موقع تابناك عن دراسة: الزيارة الأربعينية أبعاد ورؤى: في التعريف والفضل: يحيي المسلمون، وخاصة أتباع مذهب أهل البيت في العشرين من شهر صفر من كل عام ذكرى مرور أربعين يومًا على حادثة الطف أو واقعة كربلاء التي استشهد فيها الإمام الحسين بن علي عليه السلام مع عدد من أهل بيته من أبنائه وإخوته وأولاد إخوته وأبناء عمومته وأصحابه، وذلك في العام 61 للهجرة النبوية، أي قبل أكثر من 1383عامًا. والزيارة تختصّ بالإمام الحسين عليه السلام، دون سواه، حيث لم يرد استحباب زيارة أحد من الأنبياء والأوصياء والأولياء في يوم الأربعين بعد وفاته أو شهادته. وتعود هذه السنّة الشريفة إلى الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام مع عمته، السيدة زينب بن علي عليه السلام، عندما استرد الإمام رؤوس شهداء واقعة الطف من يزيد بن معاوية، وألحقها بالأبدان الطاهرة في كربلاء. وكان ركب الإمام السجاد يومها التقى مع ركب الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري الذي جاء ليزور سبط النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. يفد الزوار من مختلف أنحاء العالم، ومختلف محافظات العراق لزيارة المراقد والعتبات المقدسة في العراق في هذه المناسبة، وخصوصًا مدينتي النجف وكربلاء. وقد أعيد الاعتبار الى احتفالات أربعينية الامام الحسين بعد سقوط صدام حسين ونظامه ومنعها أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. وتعدّ الزيارة الأربعينية شعيرة من شعائر الله التي أكّدت الشريعة على تعظيمها لسموها ورفعة أهدافها، وجعلت تقوى القلوب ناتجًا طبيعيًّا ملازمًا لها، لما لها من الأثر في اجتماع القلوب حولها في احياء دين الله ونصرة أهداف رسالة الأنبياء في رفض الظلم على مدى تاريخ البشرية، وانسجام طرح القضية موضع الاحياء مع الفطرة البشرية في التحرر من قيود الجور بأنواعها.