اخر الاخبار

لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا و لو يعلم المسؤول ما في المنع ما منع أحد أحدا حق السائل و المسؤول /محمد جواد الدمستاني

في العطاء، و السائل و المسؤول، أو من يسأل العطاء و من يقدّم العطاء، روي عن الإمام الباقر عليه السلام «لَوْ يَعْلَمُ السَّائِلُ ما فِى الْمَسئَلَةِ ما سَأَلَ احَدٌ احَداً، وَ لَوْ يَعْلَمُ الْمَسئُولُ ما فِى الْمَنْعِ ما مَنْعَ احَدٌ أحداً». من لا یحضره الفقیه،ج2ص71

و روي « لَوْ يَعْلَمُ اَلسَّائِلُ مَا فِي اَلْمَسْأَلَةِ مَا سَأَلَ أَحَدٌ أَحَداً، وَ لَوْ يَعْلَمُ اَلْمُعْطِي مَا فِي اَلْعَطِيَّةِ مَا رَدَّ أَحَدٌ أَحَداً». السرائر،ج3ص637

 

السائل اسم الفاعل من سأل أي الذي يسأل أو يطلب لنفسه عطية أو صدقة من الناس، و هو صاحب الحاجة و المسألة أو الفقير عادة، و في حالات يسأل الغني وهو غنيّ.

و المسؤول اسم المفعول وهو الذي يُطلب منه العطية أو يُسأل العطية، وقد يُعْطِي وقد يمنع ، و ممكن تسميته صاحب المعروف إذا أعطى.

لَوْ يَعْلَمُ السَّائِلُ، الذي يسأل، وهو صاحب الحاجة و المسألة ما فِى المسألة و الطلب من الآثار السلبية في الدّنيا و الآخرة ما سأَل احدٌ احدا، ومن الآثار الدنيوية السلبية الذل و الهوان و الصَغار.

و ممكن يشمل المعنى أنّه لو علم السائل ما في عدم المسألة و الصبر و التوكل على الله من آثار عظيمة لما سأل أحدا.

 

وَ لَوْ يَعْلَمُ الْمَسئُولُ ما فِى المنع من آثار سلبية كبيرة عليه في حالة المنع، أو آثار إيجابية عظيمة له في حالة العطاء ما منع أحد أحدا.

و الخلاصة لو علم السائل و المسؤول حقيقة الأشياء من مسألةٍ و منعٍ ، لما سألَ أحدٌ أحدا، و لما منعَ أحدٌ أحدا.

 

و في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه و ىله « لَا تَقْطَعُوا عَلَى السَّائِلِ مَسْأَلَتَه، فَلَوْلَا أَنَّ الْمَسَاكِينَ يَكْذِبُونَ مَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُمْ ». الكافي،ج4ص15

و اشتهر على ألسن بعض الناس «لو صدقَ السائلُ لهلكَ المسؤول»، و ليس هذا نص رواية و لكنه قريب من القسم  الثاني من الرواية السابقة، و المعنى أنّه لو صدق السائل و أنّه بحاجة إلى مايسدّ جوعه، فمنعه المسؤول وهو قادر على نفعه لهلك المسؤول و حوسب، و شَقِي، كأن يكون سائل يسأل صادقا و أنّه يعيل أطفالا يتضررون جوعا من الفقر و قد يزدادون سوء، وقد يموتون، فهذا واجب إعطائه و التصدق عليه فإذا لم يفعل و منعه فهو عاصي و ظالم و هالك.

 

و السؤال من غير الله مذلة، و روي عن الصادق عليه السلام : «إِيَّاكُمْ وسُؤَالَ النَّاسِ فَإِنَّه ذُلٌّ فِي الدُّنْيَا وفَقْرٌ تُعَجِّلُونَه وحِسَابٌ طَوِيلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». الكافي،ج ٤ص٢٠.

أما السؤال من الله تعالى، فهو مطلوب و محبوب لله و مأمور به، قال تعالى «وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ» سورة النساء:32، و روي عن الإمام الباقر عليه السلام «ما مِن شَيءٍ أحَبَّ إلَى اللَّهِ مِن أن يُسألَ». كشف الغمة،ج2ص118

و عَنْ الإمام الصادق عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص) « إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى أَحَبَّ شَيْئاً لِنَفْسِه وأَبْغَضَه لِخَلْقِه، أَبْغَضَ لِخَلْقِه الْمَسْأَلَةَ وأَحَبَّ لِنَفْسِه أَنْ يُسْأَلَ، ولَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّه عَزَّ وجَلَّ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ، فَلَا يَسْتَحْيِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْأَلَ اللَّه مِنْ فَضْلِه ولَوْ بِشِسْعِ نَعْلٍ». الكافي،ج4ص20

 

و ذكر الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق حق السائل، فقال عليه السلام:

«وَ أَمّا حَقُّ السّائِلِ فَإِعْطَاؤُهُ إِذَا تَيَقّنْتَ صِدْقَهُ، وَ قَدَرْتَ عَلَى سَدّ حَاجَتِهِ، وَ الدّعَاءُ لَهُ فِيمَا نَزَلَ بِهِ، وَ الْمُعَاوَنَةُ لَهُ عَلَى طَلِبَتِهِ، وَ إِنْ شَكَكْتَ فِي صِدْقِهِ، وَ سَبَقَتْ إِلَيْهِ اَلتُّهمَةُ لَهُ، وَ لَمْ تَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ تَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَيْدِ الشّيْطَانِ أَرَادَ أَنْ يَصُدّكَ عَنْ حَظّكَ، وَ يَحُولَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ التّقَرّبِ إِلَى رَبّكَ، فَتَرَكْتَهُ بِسَتْرِهِ وَ رَدَدْتَهُ رَدّاً جَمِيلًا، وَ إِنْ غَلَبْتَ نَفْسَكَ فِي أَمْرِهِ، وَ أَعْطَيْتَهُ عَلَى مَا عَرَضَ فِي نَفْسِكَ مِنْهُ- فَإِنّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ».

رددته ردّا جميلا دون نهره أو زجره أو تعنيفه ، «وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ‎» سورة الضحى:10، و العزم و التصميم الجدي من الشخص للصدقة و إجابة السائل تمنع حرصه و تقمع بخله و تدفع إمساكه و منعه.

 

و ذكر عليه السلام في رسالة الحقوق حق المسؤول، فقال عليه السلام:

«وَ أَمّا حَقُّ الْمَسْئُولِ فَحَقّهُ إِنْ أَعْطَى قُبِلَ مِنْهُ مَا أَعْطَى بِالشّكْرِ لَهُ وَ الْمَعْرِفَةِ لِفَضْلِهِ، وَ طَلَبِ وَجْهِ الْعُذْرِ فِي مَنْعِهِ، وَ أَحْسِنْ بِهِ الظّنّ، وَ اعْلَمْ أَنّهُ إِنْ مَنَعَ فَمَالَهُ مَنَعَ، وَ أَنْ لَيْسَ التّثْرِيبُ فِي مَالِهِ ، وَ إِنْ كَانَ ظَالِماً فَإِنّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ».

ليس في ماله تثريب أو توبيخ أو لوم مع المنع ولكنه قلة حظ و توفيق ذلك أنّ الإنسان القادر على العطاء في مواضعه الممتنع منه فإنما يحجب ماله عن نفسه ويحرمها من بركاته لما أعدّ الله للمتصدقين من الثواب الجزيل و الأجر العظيم.

 

و في الحث على العطاء و الإنفاق روايات كثيرة عنهم عليهم السلام، و من  كلام لأمير المؤمنين عليه السلام «إِنَّ حَوَائِجَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ فَاغْتَنِمُوهَا وَلَا تَمَلُّوهَا فَتَتَحَوَّلَ نِقَماً» غرر الحکم،ص238.

و عنه عليه السلام «أَفْضَلُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ». عیون الحکم، ص118

و قال رسول اللّه (ص) : «لاَ تَقْطَعُوا عَلَى اَلسَّائِلِ مَسْأَلَتَهُ دَعُوهُ فَلْيَشْكُو بَثَّهُ وَ لْيُخْبِرْ بِحَالِهِ». الأشعثیات،ج1ص57

و عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «قال رسول اللّه (ص): «انظُرُوا إلى السائلِ، فإن رَقَّتْ لَهُ قُلوبُكُم فَأعطُوهُ، فإنّهُ صادِقٌ». ميزان الحكمة، ج ٥، ص ١٧٧، النوادر، ص ٨٦

و عن أمير المؤمنين عليه السلام «مَنْ حَرَمَ السَّائِلَ مَعَ الْقُدْرَةِ عُوقِبَ بِالْحِرْمَانِ» غرر الحکم،ج1ص639

و «لاَ تَرُدَّ اَلسَّائِلَ وَ صُنْ مُرُوَّتَكَ مِنْ حِرْمَانِهِ»، غرر الحکم،ص749

أمير المؤمنين «لَا تُؤَخِّرْ إِنَالَةَ الْمُحْتَاجِ إِلَى غَدٍ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَكَ وَلَهُ فِي غَدٍ» غرر الحكم، ص ٧٥٨، و الإنالة هي الإعطاء.

 

في شعر الفرزدق للإمام زين العابدين عليه السلام «ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ         لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ»،

 

اللهمّ اجعلنا من المنفقين و المحسنين، و في تعقيبات صلاة الظهر «اَللَّهُمَّ وَ إِنْ دَامَ بُخْلِي فَأَنْتَ أَجْوَدُ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي عَظِيمَ ذُنُوبِي بِعَظِيمِ عَفْوِكَ، وَ كَبِيرَ تَفْرِيطِي بِظَاهِرِ كَرَمِكَ، وَ اِقْمَعْ بُخْلِي بِفَضْلِ جُودِكَ، اَللَّهُمَّ مَا بِنَا مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَ أَتُوبُ إِلَيْكَ».

و الحمد لله ربّ العالمين، و صلّ اللهم على محمد و آله  الطاهرين.

محمد جواد الدمستاني

Play Video