انا لست امريكياً، لكنني متابع ومطلع على كيفية إجراء الانتخابات الامريكية، سواء كانت انتخاب رئيس الجمهورية، أو انتخابات أعضاء مجلس النواب الأمريكي، أمريكا تدار وفق مؤسسات دستورية، سواء اختلفنا او اتفقنا مع النظام الرأسمالي الأمريكي الحاكم.
الديمقراطية الأمريكية لديها آلياتها، ومحصورة مابين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، أفكارهم تضم فكر ديمقراطي يساري مع الإيمان بالرأسمالية، وحق المعتقد وممارسات انماط الحياة مثل الزواج بين أبناء الجنس الواحد مثل مايؤمن به أنصار الحزب الديمقراطي، أو الإيمان في القيم الأمريكية والراسمالية واحترام الكنيسة مثل مايؤمن به أنصار الحزب الجمهوري الأمريكي المحافظ.
لايختلف اي متابع، أن الديمقراطية والعدالة ضدان لايجتمعان لدى غالبية الأنظمة العربية بشكل عام، وأنظمة دول البداوة الخليجية الوهابية بشكل خاص.
لامكان للمؤسسات الدستورية في دول الخليج، الحكم والحل والربط والحياة والموت بيد الملك أو ولي العهد، أو الشيخ والحاكم والامير.
من الأمور العجيبة تقرأ مقالات بصحف البداوة، تجد كاتب سعودي ينصح الامريكان في انتخاب ترامب وعدم انتخاب جو بايدن، أو انتخاب ترامب وعدم انتخاب كاميلا هاريس، الشعب الأمريكي يمارس حق الانتخاب منذ أكثر من مائتين عام، والعرب ليومنا هذا لايعرفون ولايميزون بين حق المواطنة وبين سلطة الملك وولي العهد والرئيس والحكم والأمير، فكيف في شخص لازال يعيش في ربق العبودية والتبعية والذيلية وتقبيل الأيادي ومناداة الأمير في طال عمرك يا سيدي ومولاي، يتكلم عن الانتخابات الامريكية، والاغرب يقول كيف تصبح رئيسا إلى امريكا؟ ههههه شر البلية مايضحك.
الديمقراطية الامريكية نموذج يختلف عن نماذج الديمقراطيات المطبقة في دول أوروبا الغربية، كلنا شاهد كيف الشعب الأمريكي يشارك في إجراء الانتخابات، عبر التصويت، لحسم انتخاب رئيس جمهورية في الانتخابات الرئاسية، أو لانتخاب نواب الكونغرس ومجلس الشيوخ السيناتور، وكيف اذا فاز الحزب الحاكم في الرئاسة وخسر الانتخابات في انتخابات مجلس الشيوخ أو يفقد الاغلبية في مجلس الشيوخ، تصبح قرارات الرئيس الأمريكي صعبة ولايمكن التصويت عليها.
في الانتخابات الامريكية توجد أطر معينة، تطبق، مشاركة ملايين الأميركيين في الانتخابات الرئاسية، لايعني أن الحاصل على أغلبية أصوات هو الفائز، شاهدنا ونشاهد إجراء الانتخابات كل أربع سنوات، إن الرئيس يُنتخب بشكلٍ مباشر من قبل الشعب، لكن توجد أعضاء الهيئة الانتخابية (the Electoral College) الـ 538 هم من يقرّرون، ولهذا فإن المرشّح يحتاج إلى أصوات 270 منهم في الأقل أي أكثر من نصف مجموعهم للفوز بالانتخابات الرئاسية.
كل ولاية أمريكية الفائز بها يأخذ جميع الأصوات المخصصة ضمن ٥٣٨، تجد المرشح الرئاسي الفائز يملك أصوات أقل من أصوات المرشح الخسار على مستوى الحصول على الأصوات على المستوى الوطني الشعبي.
لذلك أصوات الهيئة الانتخابية، هي التي تحسم اسم مرشح الرئاسة بخلاف حجم التصويت الشعبي، لانريد أن نتكلم عن عدد المرات في القرن التاسع عشر أو القرن العشرين، كيف أصوات الهيئة الانتخابية هي من حسمت أمر المرشح الفائز، انا شخصيا شاهدت الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2000، حيث حصل جورج بوش على أصوات شعبية من عامة المواطنين، أقل من منافسه المرشح الديمقراطي ألبرت جور، تم عد الأصوات وفاز بوش في أصوات فلوريدا بفارق بسيط ٣٥٠ صوت من أصوات المواطنين، هذا الفوز منحه أصوات الهيئة الانتخابية وأصبح رئيسًا، إلى امريكا، ومسخ صدام جرذ العوجة واسقط نظامه واحتل العراق، كذلك تكرر الحال في انتخابات عام 2016، حيث حصل دونالد ترمب على أصوات شعبية أقل من هيلاري كلينتون، لكنه حصل على أغلبية أصوات الهيئة الانتخابية.
الانتخابات الرئاسية وإمكانية الفوز رئيس إلى الولايات المتحدة يحتاج المرشح إلى ميزانية مالية ضخمة، ويحتاج بالبداية ترشيح حزبه لخوض الانتخابات الامريكية، تمويل ميزانيات الانتخابات الامريكية تأتي من متبرعين كبار لتمويل نفقات الحملة، أموال رجال الأعمال و المليارديرية لم تكن مجانا، بل يحصلون على دعم قرارات معينة، ويكون المليارديرية من الجماعات التي لديها تأثير على رئيس الإدارة الأمريكية الجديد.
الحملات الانتخابية الامريكية جمعت ما بين كانون ثاني 2023 والى شهر نيسان عام 2024، نحو 8.6 مليارات دولار لانتخابات مجلس النوّاب والشيوخ والرئاسة.
مبالغ طائلة وكبيرة، حسب التقارير الإخبارية ربما يصل حجم الأموال المصروفة على الانتخابات الأمريكية لهذا العام إلى مبلغ ١٢ مليار دولار، والتي تجرى في 5 نوفمبر 2024، مبالع طائلة، ولهذه الأموال أهمية في كسب ود الناخب الامريكي، تلعب الأموال والدعاية الانتخابية في كسب أصوات الناخبين الغير متحزبين، السباق مابين الديمقراطيين والجمهوريين منصب في كسب أصوات الاشخاص الغير متحزبين، الديمقراطيين يحاولون كسب أصوات المهاجرين الجدد، لذلك تغيرت أوضاع ولايات كانت محسومة للجمهوريين مثل ولاية أريزونا التي أصبحت ضمن نفوذ الحزب الديمقراطي، هذا تم بفضل استقبال المهاجرين ومنحهم اقامات وبعدها الحصول على الجنسية، يبقى المرشح الديمقراطي مدعوم من طبقات غير متحزبة كثيرة، لكن ربما حرب أوكرانيا وغزة تلقي بظلالها لصالح المرشح الجمهوري ترامب بالفوز بالرئاسة الأمريكية.
مع خالص التحية والتقدير
نعيم عاتي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.