د. فاضل حسن شريف
مجلس عزاء حسيني مساء الثامن من محرم الأحد في مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية:
بعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم من قبل بعض الحضور لمدة ساعة بأشراف السيد عبد السلام الموسوي، فمجلس العزاء للخطيب الشيخ حسن العامري، فترديد قصائد حسينية للسيد حيدر العوادي والزيارة، فصلاة المغرب، ومأدبة العشاء تبرعا من مؤسس المسجد الحاج عطا علي وآخرين وجلسة شاي.
بسم الله الرحمن الرحيم “وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ” (المنافقون8) بعد أن نعى الشيخ العامري في بداية ونهاية الخطبة ابتدأ الخطيب الشيخ العامري خطبته الارتجالية بهذه الآية المباركة والتي كان موضوعها (نعمة دين الاسلام) وقال هذه الآية جاءت لتتحدث عن عزة الانسان المؤمن وكيف أن الدين يعز الانسان. يقول الله تعالى عن النعم بصورة اجمالية “وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً” (لقمان 20)، و “وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ” (النحل 53). ونعم أخرى ينسبها الله سبحانه الى نفسه “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا” (المائدة 3) فالنعمة لها علاقة بالدين. النعم التي ليست لها علاقة بالدين فلا قيمة لها بالآخرة بينما نعم الدين لها علاقة بالدنيا والآخرة والسبب في الخلود بالجنة. فنعمة الدين توصل الانسان الى الجنة. الدين هو أصل كرامة وعزة الانسان “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” (الحجرات 13)، و “وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ” (المنافقون8).
جعل الله تعالى الدين مقياس للقيمة الحقيقية لوجود الإنسان في الدنيا. يقول أعداء الاسلام أن الأخلاق تفي بالغرض بدون دين، ولا يعلموا أن الدين أساس الأخلاق فكما قال الله جل جلاله لمن لا دين له “وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ” (الحج 31)، و “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ” (البقرة 161).
ان اهم اسباب ابعاد الناس عن الدين هو الاعلام المعادي للاسلام الذي يجعل الانسان المسلم بحاجة للكافر وانهم ليسوا بحاجة للمسلمين ولا يعلموا قوله تعالى “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ” (آل عمران 110). الامة الاسلامية في حقيقتها يجب أن تمثل أمة الكمال بين الأديان التي رسولها صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال عنه ربه عز وجل “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” (الأنبياء 107). الإنسان المؤمن المتدين لا ينهزم. الإعلام ربط الحجاب واللحية وحضور المساجد بالاجرام. والإعلام يسقط مشاعر الناس عن دينهم. فالاعلام يصور دين الاسلام بالعنف ويقولون سبب ذلك هو القرآن. ولكنهم لا يعلموا ان الله تعالى خلق الانسان ومعه غرائزه من الأكل والشرب والغضب وغير ذلك. فهؤلاء لا يريدون أن الانسان يغضب على عرضه مثلا ويريدون أن يتميع المجتمع وينتشر الفساد فيها وتختلط الأنساب. والطفل في المدرسة يعلموه عدم طاعة الكبير ويبعدوه عن دينه بأن الإسلام يعتدي على الطفل والمرأة، ولا يعلموا ان دين الاسلام من دون الأديان يعاقب الذي يعتدي على الطفل والمرأة بأعطاء الدية تعويضا عن جريمته. فالاسلام لا يحمل الطفل والمرأة أكثر مما هو مطلوب. فهؤلاء الاعلاميون يريدون التنازل أو بالتعبير القرآني “وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ” (القلم 9)، وكذلك “وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً” (النساء 89).
أهم سبب ضعف المسلمين هم تركهم ولاية علي عليه السلام. وجعل الناس أذلة وعبيد للحاكم مهما فعل وكما قال الامام الحسين عليه السلام (لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر لكم إقرار العبيد). قال علي الأكبر: يا أبتِ ألسنا على الحق؟ وفوراً أجابه أبوه الإمام بلى نحن والله على الحق. قال علي الأكبر: إذا والله لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا. كان علي أكبر أشبه الناس بجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة أبيه الإمام الحسين عليه السلام حينما استأذن أباه لمجاهدة الكفار المعاندين ، قائلا : (اللهم كن أنت الشهيد عليهم فقد برز إليهم غلام أشبه الخلق برسولك صلى الله عليه وآله وسلم).