اخر الاخبار

مجلس عزاء حسيني لليوم السابع من محرم (هداية وضلالة النفس)‎

د. فاضل حسن شريف

مجلس عزاء حسيني مساء السابع من محرم السبت في مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية:

بعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم من قبل بعض الحضور لمدة ساعة بأشراف السيد عبد السلام الموسوي، فمجلس العزاء للخطيب الشيخ حسن العامري، فترديد قصائد حسينية للسيد حيدر العوادي والزيارة، فصلاة المغرب، ومأدبة العشاء تبرعا من مؤسس المسجد الحاج عطا علي وآخرين وجلسة شاي.

بسم الله الرحمن الرحيم “مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ” (الاسراء 15) بعد أن نعى الشيخ العامري في بداية ونهاية الخطبة ابتدأ الخطيب الشيخ العامري خطبته الارتجالية بهذه الآية المباركة والتي كان موضوعها (هداية وضلالة النفس) وقال اذا تتبعنا قصص الأنبياء مع اقوامهم نجد هنالك صراع بين الامم والانبياء، وهو يمثل صراع الحق مع الباطل من نبي الله آدم عليه السلام الى يوم القيامة. الخاسر من هذا الصراع هم الذين لم يستفيدوا من أنبيائهم مثل أقوام نوح وابراهيم وموسى عليهم السلام “وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا” (الاسراء 81) الزهق هو المحق، كما حصل لبني أمية الذين حكموا 150 سنة وبني العباس 650 سنة كلهم محقوا. خط الأنبياء الحالي يمثل خط المرجعية والحوزات الدينية، وبالمقابل هنالك خط الشيطان مثل الشبهات التي يطلقها ما يسمون بالمتحررين. الشخص الذي يلتزم بالمرجعية لا يفيد الا نفسه وكما يدعي هؤلاء الشياطين بان الأمر بالمعروف يفيد المرجعية ولا يفيد أحد. وهذا كلام ساذج، نعم قد يكون هنالك قلة قليلة تدعي المرجعية همها جني الأموال ولكن الأعم طريقهم طريق الله والنبي وأهل البيت وليس جمع الأموال. والذي يطلب أجر لخدمة الدين فالله يعطيه فقط اجر الدنيا كالعامل في مشغل ولا يحصل أجر الله ومرضاته دنيا وآخرة (تبكيك عيني لا لأجل مثوبة).

كل خدمة الحسين عليه السلام سيجازيهم الله تعالى خير الجزاء دنيا وآخرة. الناس التي لا تصلي ولا تصوم تضر نفسها ولا تتضرر المرجعية. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إن العلماء ورثة الأنبياء)، و (علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل). ولا تتقول المرجعية من عندها بل تقول ما قاله الله ورسوله وأهل بيته “وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ” (الحاقة 44-46)، و “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” (النجم 3-4). ان عالم الدين أو المرجع هو ناقل للحكم ولا يأخذ الحكم من جيبه.

هنالك ثلاث قواعد تحكم عمل الانسان أولها أن الانسان هو المستفيد من الهداية وليس غيره “مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ” (الاسراء 15) والذي لا يهتدي انما يضر نفسه “مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” (النمل 89-90). يقول الشاعر: المرء يُعرفُ فِي الأَنَامِ بِفِعْلِهِ * وَخَصَائِلُ المَرْءِ الكَرِيم كَأَصْلِهِ إصْبِر عَلَى حُلْوِ الزَّمَانِ وَمُرّه * وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ لا تَسْتَغِيب فَتُسْتَغابُ وَرُبّمَا * مَنْ قَال شَيْئًا قِيْلَ فِيْه بِمِثْلِهِ وَتَجَنَّبِ الفَحْشَاءَ لا تَنْطِقْ بِهَا * مَا دُمْتَ فِي جِدّ الكَلامِ وَهَزْلِهِ وَإِذَا الصَّدِيْقُ أَسَى عَلَيْكَ بِجَهْلِهِ * فَاصْفَح لأَجْلِ الوُدِّ لَيْسَ لأَجْلِهِ كَمْ عَالمٍ مُتَفَضِّلٍ، قَدْ سَبّهُ * مَنْ لا يُسَاوِي غِرْزَةً فِي نَعْلِهِ البَحْرُ تَعْلُو فَوْقَهُ جِيَفُ الفَلا * وَالدُّرّ مَطْمُوْرٌ بِأَسْفَلِ رَمْلِهِ وَاعْجَبْ لِعُصْفُوْرٍ يُزَاحِمُ بَاشِقًا * إلاّ لِطَيْشَتِهِ وَخِفّةِ عَقْلِهِ إِيّاكَ تَجْنِي سُكَّرًا مِنْ حَنْظَلٍ * فَالشَّيْءُ يَرْجِعُ بِالمَذَاقِ لأَصْلِهِ فِي الجَوِّ مَكْتُوْبٌٌ عَلَى صُحُفِ الهَوَى * مَنْ يَعْمَلِ المَعْرُوْفَ يُجْزَ بِمِثْلِهِ.

القاعدة الثانية قاعدة التابع والمتبوع. عادة الناس لا يتحملون المسؤوليات ويرجعونها على الظروف وعلى الشيطان وهكذا “قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم ۖ بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ” (سبأ 32)، و الشيطان نفسه يرمي خطيئته واثمه على الله سبحانه ” قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ” (الأعراف 16)، و “فَقَالَ ٱلضُّعَفَٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَىْءٍۢ ۚ قَالُواْ لَوْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَٰكُمْ” (ابراهيم 21)، و “وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ” (ابراهيم 22). قال الله تعالى “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” (الزلزلة 7-8) عليك الاخلاص لله.

القاعدة الثالثة هي قاعدة لا يتحمل أحد وزر الآخر “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ” (الاسراء 15)، و “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ ۖ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ” (العنكبوت 12)، و “لِكُلِّ ٱمْرِئٍۢ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍۢ شَأْنٌ يُغْنِيهِ” (عبس 37). وهكذا الابن يفر من أمه “وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ” (فاطر 18).

عندما نتحدث عن الحسين عليه السلام فإنه مثال الصدق مع الله تعالى وهو القائل (اِلَهِي إِن كَان هَذَا يُرْضِيْك فَخُذ حَتَّى تَرْضَى). علينا الاقتداء بالحسين عليه السلام حتى ندخل الجنة. وهذا القاسم ابن 13 عام سألهُ عمّهُ الإمام الحُسين عليه السلام عندما لم يبقى غير القاسم والعباس عليه السلام: بُني قاسم كيفَ ترى الموت؟ فقال : فيك أحلى مِن العسل.