هذا ما كتبه الجواهـري قبل 37 عاما: " لكي لا نعيّـر باننا قومٌ ينكرونَ الجميل، ويكفرونَ بالنعم...
هذا ما كتبه الجواهـري قبل 37 عاما:
” لكي لا نعيّـر باننا قومٌ ينكرونَ الجميل، ويكفرونَ بالنعم…“
رواء الجصاني
———————————————————————————
ذرّت الريحُ الترابَ قبل بضعة ايام، وكما هو متوقع، ما اسفّت به “عاصفة في فنجان” عن الجواهري، سعت للتطاول وان راحت بلبوسات ” التمعن” و”النقد” و”التمحيص” و” التقييم” و”اعادة القراءة” وما الى ذلك من مستهلات معروفة ومطلوبة، للتمرير وللأثارة، وقل الاستغفال ولا تخف!.. وربما كان ان تحققت خلال تلك “العاصفة” لـ “معنيّ واحد” او “جمع معنيين” – ومن يدري؟ – غاية هنا واخرى هناك عبرت بنفسها عن نفسها، بخاصة وانها بثت، او انتشرت في توقيت توقيت مقصود، عشية ذكرى مأثرة دينية عظيمة، وعسى ان لا تكون لبعض ظنوننا آثام، فليس كلّ الظنّ أثــم..
** ولكي لا نطيل فنشارك عن عمد او غيره في اشاعة “شهرة” اخرى مطلوبة، وان راحت فجـة لئيمة، نوجز فنقول بان من يتمعن في قراءة الديوان العامر للجواهري ذي الاكثر من اثنين وعشرين الف بيت وبيت، يجد انه لم يأتِ باسم احـد ممن تجاوزوا حدود الادب، والثقافة، وشرف الخصومة النبيلة، وباستثناء معدود جدا جدا لكي نكون دقيقين، ولا نعطي مبررا للتشكيك، والردّ والبدل.. وكذلك جاءت الحال ذاتها في نثره وكتاباته، دعوا عنكم عشرات المقابلات واللقاءات والحوارات وسواها التي اجريت معه، مقروءة ومسموعة ومرئية، فلم يذكر او يتطرق لأسم أحــد من اصحاب ذلك الابتذال، اوغيره..
** لقد زعمتّ قبل سطور بالرغبة في الاختصار، وها قد اطلتُ، ولكن سأوجز قبل ان ادون النص الذي اقتبست عنوان هذه المتابعة منه، فأشير الى ان الجواهري طالما كان يسببّ عدم اتيانه باسماء “الشتامين” او ” المتطاولين” او “المسفين” بحسب تعبير الشاعر الخالد، تحت اية واجهة كانت، فيرددّ بيت شعر للمتنبي العظيم: ” صَغُرت عن المديح فقلت أهجي، كأنك ما صغرت! عن الهجاء”.. وهكذا شئتُ ان اكون مقلدا – وبكل تواضع طبعا- للسير بذات الخطى في كتابتي هذه، فأهملت – عمدا – الاسماء المقصودة…
** وهكذا، وبعد هذه السطور الحبلى بألف هدف وهدف، أعيد في التالي ما نشرته صحيفة “تشرين” السورية بتاريخ 1987.7.18 اي قبل سبعة وثلاثين عاما بالتمام والكمال، نصاً للجواهري، حول ما تم تمريره في غفلة واستغفال عمودا لأحد “المثقفين” سعى للشهرة، فتلقى ما تلقاه.. ومما جاء في ذلكم النص اللاهب: الذي نشرته الصحيفة – اي “تشرين” – في موقع بارز، مرفوقاَ بـأعتذار بالغ “لشاعر العرب الاكبر” بحسب رئيس التحرير.. وجاء في الموقف -التعقيب الجواهريّ، حرفيــاً:
” من حقي – ومن حقوق النشر – ان أعقب، فمن جهة لا اعتراض لي هناك على ما تعتبرونه من باب “حرية الرأي” و”حرية التعبير”. ولكنني، من الجهة الثانية أحب أن أذكركم بوجوب مراعاة “المقاييس” و”القيم” في المحاورات الأدبية. فلم يكن في القديم مثلاً إلى جانب أشباه (النابغة) إلا من يعلقون أشعارهم على أستار (الكعبة) وعلى حجومهم ومعاييرهم في من يعارضونهم، ويناقضونهم..
” وفي العهد الوسيط (الذهبي) كان في من ينازل (المتنبي) العظيم أمثال (الامام) ابن خالويه، وفي من يروون عنه ويتعصبون له، ويشرحون أشعاره أمثال الامام (ابن جني) و(ابن العميد) و(الصاحب بن عباد) … كما لم يكن حتى في (عصرنا الحديث) ممن هم مع (شوقي) أو ممن هم عليه، إلا من حجوم (العقاد) و(المازني) و(الرافعي) و(طه حسين)… ومن كل ذلك، ومن أمثاله كان الأدب العربي برمته، يزداد رونقاً، والحرف العربي أصالة، وكانت الأجيال المعاصرة والمتعاقبة تزداد على مثل هذا (الزاد الكريم) عافية ونشاطاً..
” أما أن يكون ما يسمح لنا به الزمن من رصيد جديد، وعلى ضوء العصر الجديد عرضة مشاعة لمن هـبّ ودبّ، ممن يجربون القلم وعلى صفحات صحف سيارة، وعلى ذمم أصحابها والمسؤولين عنها فهذا ما يجب علينا ان نحاربه، وأن نقف سداً دونه، لكي لا نعير بأننا قوم (ينكرون الجميل) و(يكفرون بالنعم).. وحديثاً – وفي أمس القريب – قال القائل: وكنت – أن ألتقي (جبساً) يجشمني عار النزال – بلا حول، ولا قبل“..* محمد مهدي الجواهري/ دمشق