د. فاضل حسن شريف
جاء في معاني القرآن الكريم: ذلل الذل: ما كان عن قهر، يقال: ذل يذل ذلا (راجع: الأفعال 3/589)، والذل، ما كان بعد تصعب، وشماس من غير قهر (انظر: البصائر 3/17)، يقال: ذل يذل ذلا. وقوله تعالى: “واخفض لهما جناح الذل من الرحمة” (الإسراء 24)، أي: كن كالمقهور لهما، وقرئ (جناح الذل) (وهي قراءة شاذة، قرأ بها ابن عباس وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، انظر: تفسير القرطبي 10/244) أي: لن وانقد لهما، يقال: الذل والقل، والذلة والقلة، قال تعالى: “ترهقهم ذلة” (المعارج 44)، وقال: “ضربت عليهم الذلة والمسكنة” (البقرة 61)، وقال: “سنالهم غضب من ربهم وذلة” (الأعراف 152) وذلت الدابة بعد شماس (يقال: شمست الدابة والفرس تشمس شماسا وشموسا، وهي شموس: شردت وجمحت ومنعت ظهرها. اللسان: (شمس) ) ذلا، وهي ذلول، أي: ليست بصعبة، قال تعالى: “لا ذلول تثير الأرض” (البقرة 71)، والذل متى كان من جهة الإنسان نفسه لنفسه فمحمود، نحو قوله تعالى: “أذلة على المؤمنين” (المائدة 54)، وقال: “ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة” (آل عمران 123)، وقال: “فاسلكي سبل ربك ذللا” (النحل 69)، أي: منقادة غير متصعبة، قال تعالى: “وذللت قطوفها تذليلا” (الإنسان 14)، أي: سهلت، وقيل: الأمور تجري على أذلالها (انظر: البصائر 3/18؛ والمجمل 2/354؛ والأساس ص 144)، أي: مسالكها وطرقها.
عن تفسير الميسر: قوله تعالى عن ذلة “لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” ﴿يونس 26﴾ ذلة اسم، ذلّة: أثر هوان ما. للمؤمنين الذين أحسنوا عبادة الله فأطاعوه فيما أمر ونهى، الجنةُ، وزيادة عليها، وهي النظر إلى وجه الله تعالى في الجنة، والمغفرةُ والرضوان، ولا يغشى وجوههم غبار ولا ذلة، كما يلحق أهل النار. هؤلاء المتصفون بهذه الصفات هم أصحاب الجنة ماكثون فيها أبدًا. قوله عز وجل “وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۖ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ۚ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” ﴿يونس 27﴾ ذِلَّةٌ: مهانة و صغار. والذين عملوا السيئات في الدنيا فكفروا وعصَوا الله لهم جزاء أعمالهم السيئة التي عملوها بمثلها من عقاب الله في الآخرة، وتغشاهم ذلَّة وهوان، وليس لهم مِن عذاب الله مِن مانع يمنعهم إذا عاقبهم، كأنما أُلبست وجوههم طائفة من سواد الليل المظلم. هؤلاء هم أهل النار ماكثون فيها أبدًا. قوله جل جلاله “خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ” ﴿القلم 43﴾ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ: تغشاهم المهانة والكرب. منكسرة أبصارهم لا يرفعونها، تغشاهم ذلة شديدة مِن عذاب الله، وقد كانوا في الدنيا يُدْعَون إلى الصلاة لله وعبادته، وهم أصحَّاء قادرون عليها فلا يسجدون؛ تعظُّمًا واستكبارًا. قوله سبحانه “خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۚ ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ” ﴿المعارج 44﴾ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ: تغشاهم مهانة شديدة. فاتركهم يخوضوا في باطلهم، ويلعبوا في دنياهم حتى يلاقوا يوم القيامة الذي يوعدون فيه بالعذاب، يوم يخرجون من القبور مسرعين، كما كانوا في الدنيا يذهبون إلى آلهتهم التي اختلقوها للعبادة مِن دون الله، يهرولون ويسرعون، ذليلة أبصارهم منكسرة إلى الأرض، تغشاهم الحقارة والمهانة، ذلك هو اليوم الذي وعدوا به في الدنيا، وكانوا به يهزؤون ويُكَذِّبون. قوله عز من قائل “إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ” ﴿الأعراف 152﴾ وَذِلَّةٌ: وَ حرف عطف، ذِلَّةٌ اسم. إن الذين اتخذوا العجل إلهًا سينالهم غضب شديد مِن ربهم وهوان في الحياة الدنيا؛ بسبب كفرهم بربهم، وكما فعلنا بهؤلاء نفعل بالمفترين المبتدعين في دين الله، فكل صاحب بدعة ذليل.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن ذلة “لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” ﴿يونس 26﴾ الحسنى مؤنث أحسن والمراد المثوبة الحسنى، والمراد بالزيادة الزيادة على الاستحقاق بناء على أن الله جعل من فضله للعمل مثلا من الجزاء والثواب ثم جعله حقا للعامل في مثل قوله: “لهم أجرهم عند ربهم” (آل عمران 199) ثم ضاعفه وجعل المضاعف منه أيضا حقا للعامل كما في قوله: “من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها” (الأنعام 160) وعند ذلك كان مفاد قوله: “للذين أحسنوا الحسنى” استحقاقهم للجزاء والمثوبة الحسنى، وتكون الزيادة هي الزيادة على مقدار الاستحقاق من المثل أو العشرة الأمثال نظير ما يفيده قوله: “فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله” (النساء 173). ولو كان المراد بالحسنى في قوله: “للذين أحسنوا الحسنى” العاقبة الحسنى، وليس فيما يعقل فوق الحسنى شيء كان معنى قوله: “وزيادة” الزيادة على ما يعقله الإنسان من الفضل الإلهي كما يشير إليه قوله: “فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين” (السجدة 17) وما في قوله: “لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد” (ق 35) فإن من المعلوم أن كل أمر حسن يشاؤه الإنسان فالمزيد على ما يشاؤه أمر فوق ما يدركه فافهم ذلك. والرهق بفتحتين اللحوق والغشيان يقال: رهقه الدين أي لحق به وغشيه، والقتر الدخان الأسود أو الغبار الأسود، وفي توصيفهم بقوله: “ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة” محاذاة لما في الآية التالية من وصف أهل النار بسواد وجوههم بالقتر وهو سواد صوري والذلة وهي سواد معنوي. والمعنى: للذين أحسنوا في الدنيا المثوبة الحسنى وزيادة من فضل الله – أو العاقبة الحسنى وزيادة لا تخطر ببالهم – ولا يغشى وجوههم سواد من قتر ولا ذلة، وأولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون.
قال الحسين عليه السلام (ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين السلة أو الذلة وهيهات منا الذلة). فالذلة الحقيقية هي طاعة يزيد وترك طاعة الله. وهكذا كان حال الامام زين العابدين و السيدة زينب عليهما السلام امام الطاغية يزيد. فالانسان الذي يضع حب المادة والاولاد مقدما على حب الله تعالى فانه سيصبح ذليل في الاخرة. ذلك اهتمام الانسان بجسده وترك نفسه ولا يعرف ان الجسد هو الفاني والتي تحاسب هي النفس. وهناك فرق بين الطمع والطموح.
جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام عن هَیهَاتَ مِنَّا الذِّلَّة: هي جملة معروفة قالها الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء. بحسب المصادر التاريخية قد أمر عبيد الله بن زياد جيشه بمحاربة الإمام الحسين في واقعة الطف في حالة عدم استسلامه. فألقى الإمام يوم عاشوراء خطبة أمام معسكر ابن زياد وقال فيها: “إنّ الدَعيّ ابن الدعيّ قد ركزني بين اثنتين، بين السلّة والذلّة” (أي يريد مني الاستسلام له أو أسل سيفي وأحاربه) و “هیهات منّا الذلّة”، يأبى الله ذلك لنا ورسولُه، والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت. نؤثر مصارع الكرام على طاعة اللئام. ذكرت بعض المصادر كلمة “الدَّنِیئَةُ” بدلا من “الذِّلَّة” أي (وَ هَيهَاتَ مِنَّا الدَّنِيئَةُ). أما اليوم، فيستخدم هذا الشعار في المسيرات الحسينية والمراسيم التي تقام في شهري محرم وصفر.
جاء في صفحة مقالات / وكالة أنباء براثا عن ومضات من تاريخ السيد محمد باقر الحكيم للكاتب مجاهد منعثر منشد: نجد أن السيد محمد باقر الحكيم وفي بوفاء منقطع النظير وفاء للاسلام والعمل الجهادي والايمان بالقضية. ووفاء لأصدقائه فلم ينساهم خلال سنوات الفراق.ووفاء لمصلحة الناسفي 10|5|2003 عاد سماحته للعراق. واستقر في مدينة جده الامام علي عليه السلام النجف الأشرف وأقام صلاة الجمعة في صحن جده أمير المؤمنين.وكان كثير القول ويردد دائما كلمة الامام الحسين عليه السلام (هيهات منا الذلة). وكان الحكيم من الداعين إلى الإسراع بقيام حكم عراقي مستقل، فقد قال في خطاب بعد عودته إن العراقيين يرغبون في حكومة مستقلة وانهم لن يقبلوا بأي حكومة تفرض عليهم من الخارج.