طبيعة البشرية ومنذ أول يوم لبدء الخليقة،  يوجد خير ويوجد شر، يوجد حق ويوجد باطل، لو بحثنا في كل الثقافات والأديان السماوية والوضعية نجد وجود أعداء، لاتوجد أمة وإلا فيها أعداء.

لكن هنا تختلف المواقف بالتعامل مع العدو، العدو يكون موقفه بالضد من الدين أو المعتقد أو في الدولة نفسها، بسبب وجود خلاف قومي ومذهبي، وجود العدو ليس بالضرورة شن الحروب وقتل الأطفال وسبي النساء، بل وجود الخلاف حتى لو كان خلاف مسلح، هذا الصراع وسيلة يفتح باب إلى الحوار لإيجاد حلول إلى أصل المشكلة. العقول الجاهلة التي تحكم بعقلية شمولية ترفض وجود خلاف أو في وجهة النظر، الذي يختلف معك في الرأي وأن وقف موقف بالضد، لكن يظهر الأشياء الإيجابية والحسنة الموجودة عندك، وجود معارضة قوية في برلمانات الدول الديمقراطية، وسيلة لتشريع قوانين مفيدة، وليس لتعطيل عمل الحكومة وشلها، مثل مانراه في الدول المتخلفة في دول الشرق الاوسط.

الفيلسوف الوجودي نيتشة، الذي نشأ في بدايته كمتدين  بالكنيسة وأعاد أفكاره وكتب كتب كثيرة عن الفلسفة الوجودية، تكلم عن قضية الخلافات والصراعات الناتجة عن العداء، قال  (لا تتّخذوا لكم من الأعداء إلا مَنْ يستحق ذلك، وتجاوزوا عن عداء من لا يستحقّ إلا الاحتقار، إذ عليكم أن تتباهوا بعدوكم).

القرآن الكريم وضع اساس راقي يقول الله عز وجل بالقرآن [ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ].

الإمام علي بن أبي طالب ع خير البشر بعد رسول الله ص فهو العارف بالقرآن والشريعة، لذلك ورد حديث في كتب الحديث السنية  عن رسول الله محمد ص يقول علي القرآن الناطق، يعني علي بن أبي طالب ع أخلاقه وأفعاله مطابقة إلى القرآن الكريم، تعامل مع اعداىه بلطف وانسانية، عندما ملك معاوية وجيشه مشرعة الفرات في معركة صفين، منعوا  جيش الإمام علي ع من المياه ليموتوا عطشاً، شن جيش الإمام علي ع هجوم بقيادة مالك الاشتر النخعي وكشفهم من مشرعة الفرات، الإمام علي ع أمر جيشه بعدم التعرض إلى جيش معاوية وحرمانهم من المياه، نعم هذه هي أخلاق الإمام علي ع مع اعدائه، بل عندما نفذ اللعين عبدالرحمن بن ملجم المرادي عملية اغتيال الإمام علي ع وهو بالمحراب يصلي، أوصى ولده الحسن ع في الإحسان إلى الأسير عبدالرحمن بن ملجم،  واعطائه الطعام والشراب، ومعاملته معاملة حسنة، وأوصى الحسن والحسين ع إذا توفى الأمام علي ع أن يضربوه بضربة واحدة وعدم التمثيل بالجثة، وقال الإمام علي بن أبي طالب ع  إلى الامامين الحسن والحسين ع تعفوا عنه  وردد اية قرآنية تذكرهم أن العفو هو الأحسن إليكم، ألا تحبون أن يغفر لكم الله.

العقول البشرية تفننت بالفتك في البشرية بحيث تم قصف مدن في أسلحة دمار شامل لا تميز بين طفل وامرأة وشيخ عجوز، أفعال التنظيمات الوهابية البعثية التكفيريين ذبحوا كل من وقع في ايديهم من الشيعة والإيزيديين والمسيح بطرق قبيحة واجرامية قل نظيرها في التاريخ البشري.

بغض النظر عن مواقفنا مع الغرب، نعم الراسمالية المتوحشة شنت الحروب وقتلت، واختلقت أعداء لاوجود لهم، هناك مقولة تقول الإعلام يصنع من البعبع عدو عملاق وهو نمر من ورق، يعني لاوجود له، لكن بالمقابل شاهدنا إعلاميين وكتاب وصحفيين ومواطنيين اوروبيين وقفوا ضد عمليات قتل الأطفال والنساء في غزة وسابقا ضد قتل الأطفال والنساء الشيعة بمجزرة قانا بجنوب لبنان.

قبل عقد من الزمان كنت اتابع قناة العربية السعودية، مقدمة البرنامج استضافت شخصية يهودية امريكية، ودار الحوار، المذيعة ذكرت اسم قائد المقاومة الشيعية في لبنان واساءت إليه ظنا منها ترضي ضيفها الأمريكي اليهودي، لكن هذا الضيف اليهودي الأمريكي الشريف التفت إليها وقال لها، ورفض كلامها، وقال لها نحن نحترمه لأنه رجل يقول ما يفعل، وجه المذيعة أصبح وجه واحدة مصابة في اسهال اميبي دموي، الوجه أصبح اصفر شاحب، مثل واحد أو واحدة في الشرق الأوسط ويطلع من مؤخرته ريح قوية، بالغرب اذا طلع الريح يقولون له صحة وعافية تخلصت من غازات مضرة، أما عند العرب تصبح تاريخ مثل تاريخ ضرطة حسان التي يتداولها العراقيين في مجالسهم.

أن الشرفاء بالمجتمعات الانسانية، سواء كانوا عرب أو غربيين أو هندوس يحترمون حتى اعدائهم، لذلك قبل فترة ربما لا تتجاوز الأسبوعين، أجرت قناة سي أن أن الأميركية مقابلة تلفزيونية مع عضو برلماني لبناني شيعي من كتلة  الوفاء للمقاومة،تم  إجراء اللقاء في أسلوب مهذب ومؤدب، لكن بالتأكيد مثل هذه القناة الأمريكية والعالمية مثل سي أن أن عندما تستضيف نائب قريب من المقاومة الشيعية اللبنانية، الحوار بالتأكيد ذات أبعاد سياسية، وليس الحديث عن بيع الخضروات أو شراء طيور الحُب، نعم للحديث أبعاداً سياسيّة وعسكريّة.

اللقاء التلفزيوني أثار حفيظة كل شخص فاقد للشرف ليدلو في دلوه،

عندما وجه الصحفيين اللبنانيين، أسئلة إلى النائب اللبناني بعد المقابلة كان قوله أن استضافته على قناة سي أن أن، تعكس التحوّلات التي صنعها طوفان الأقصى وصمود غزة والجنوب. تحوّلات إعادة صوغ الوعي لدى شرائح أميركية واسعة.

شيء طبيعي يتكلم بهذا الكلام، احد كتاب الفيالق الإعلامية المرتبطة بدول البداوة شن هجوما شرس على قناة سي أن أن وربما اتهمهم بالعمالة إلى المقاومة الشيعية الرافضية في جنوب لبنان هههههه، لأن هذا السفيه يؤمن بعقلية تكفير وقتل الآخر الذي يختلف معه.

نختم مقالنا بحديث عن رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قال،  عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ اَلْخُلُقِ فَإِنَّ حُسْنَ اَلْخُلُقِ فِي اَلْجَنَّةِ لاَ مَحَالَةَ.

 وَ إِيَّاكُمْ وَ سُوءَ اَلْخُلُقِ فَإِنَّ سُوءَ اَلْخُلُقِ فِي اَلنَّارِ لاَ مَحَالَةَ.

المصدر،  بحار الأنوار.

ج :١٠.

ص : ٣٦٩.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

25/7/2024