د. فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله تعالى “وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا ۚ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ” ﴿الأعراف 126﴾ ولستَ تعيب منا وتنكر -يا فرعون- إلا إيماننا وتصديقنا بحجج ربنا وأدلته التي جاء بها موسى ولا تقدر على مثلها أنت ولا أحد آخر سوى الله الذي له ملك السموات والأرض، ربنا أَفِضْ علينا صبرًا عظيمًا وثباتا عليه، وتوفَّنا منقادين لأمرك متبعين رسولك.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن نعماء “وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ” ﴿هود 10﴾ قال في المجمع،: النعماء إنعام يظهر أثره على صاحبه والضراء مضرة يظهر الحال بها لأنهما أخرجتا مخرج الأحوال الظاهرة مثل حمراء وعيناء مع ما فيهما من المبالغة، والفرح والسرور من النظائر وهو انفتاح القلب بما يلتذ به وضده الغم إلى أن قال: والفخور الذي يكثر فخره وهو التطاول بتعديد المناقب وهي صفة ذم إذا أطلقت لما فيها من التكبر على من لا يجوز أن يتكبر عليه. انتهى. والمراد بالسيئات بقرينة المقام المصائب والبلايا التي يسوء الإنسان نزولها عليه، والمعنى: ولئن أصبناه بالنعمة بعد الضراء ليقولن ذهب الشدائد عني، وهو كناية عن الاعتقاد بأن هاتيك الشدائد والنوازل لا تعود بعد زوالها ولا تنزل بعد ارتفاعها ثانيا. وقوله: “إنه لفرح فخور” بمنزلة التعليل لقوله: “ذهب السيئات عني” فإنه يفرح ولا يزال على ذلك لما ذاقه من النعماء بعد الضراء، ولوكان يرى أن ما عنده من النعماء جائز الزوال لا وثوق على بقائه ولا اعتماد على دوامه، وأن الأمر ليس إليه بل إلى غيره ومن الجائز أن يعود إليه ما تركه من السيئات لم يكن فرحا بذلك فإنه لا فرح في أمر مستعار غير ذي قرار. وإنه ليفخر بما أوتي من النعماء على غيره، ولا فخر إلا بكرامة أو منقبة يملكها الإنسان فهو يرى ما عنده من النعمة أمرا بيده زمامه ليس لغيره أن يسلبه وينزعه منه ويعيد إليه ما ذهب عنه من السيئات ولذلك يفخر ويكثر من الفخر.
عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى “وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ” (المؤمنون 50) “وجعلنا ابن مريم” عيسى “وأمه آية” لم يقل آيتين لأن الآية فيهما واحدة: ولادته من غير فحل، “وآوينهما إلى ربوة” مكان مرتفع وهو بيت المقدس أو دمشق أو فلسطين، أقوال “ذات قرار” أي مستوية يستقر عليها ساكنوها، “ومعين” وماء جار ظاهر تراه العيون.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: ورد في الآية (72) من سورة الأنفال حيث نقرأ: “وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ” (الانفال 72) هذا البرنامج الإيجابي البناء يحذر الظالمين من مغبة ظلم المؤمنين، حيث أنّهم لا يسكتون على ذلك و يقفون بوجوههم. و هو أيضا يؤمّل المظلومين بأن الآخرين سوف ينصرونكم عند استغاثتكم. “ينتصرون” من كلمة (انتصار) و تعني طلب النصر، إلّا أن البعض فسرها بمعنى (التناصر) و النتيجة واحدة للتوضيح الذي ذكرناه. على أية حال، فأي مظلوم إذا لم يستطع أن يقف بوجه الظلم بمفرده، فعليه ألا يسكت، بل يستفيد من طاقات الآخرين و النهوض بوجه الظلم، و مسئولية جميع المسلمين الاستجابة لاستغاثته و ندائه.
جاء في معاني القرآن الكريم: صبر الصبر: الإمساك في ضيق، يقال: صبرت الدابة: حبستها بلا علف، وصبرت فلانا: خلفته خلفة لا خروج له منها، والصبر: حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع، أو عما يقتضيان حبسها عنه، فالصبر لفظ عام، وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النفس لمصيبة سمي صبرا لا غير، ويضاده الجزع، وإن كان في محاربة سمي شجاعة، ويضاده الجبن، وإن كان في نائبة مضجرة سمي رحب الصدر، ويضاده الضجر، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا، ويضاده المذل، وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا، ونبه عليه بقوله: “والصابرين في البأساء والضراء” (البقرة 177)،”والصابرين على ما أصابهم” (الحج 35)،”والصابرين والصابرات” (الأحزاب 35)، وسمي الصوم صبرا لكونه كالنوع له، وقال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (صيام شهر الصبر وثلاثة أيام في كل شهر يذهب وحر الصدر). وتفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: قال تعالى: “اصبروا وصابروا” (ال عمران 200) أي احبسوا أنفسكم مع الله بنفي الجزع وغالبوا على عدوكم بالصبر، واصبرهم، وصبرهم واحد، و”فما أصبرهم على النار” (البقرة 175) أي ما أجراهم على النار، ويقال: ما أبقاهم على النار كما يقول: ما أصبره على الحبس يريد التعجب.