د. فاضل حسن شريف
جاء في کتاب تفسير سورة هل أتى للسيد جعفر مرتضى العاملي: سورة “هل أتى” المباركة: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ “هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ( 1 ) إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ( 2 ) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ( 3 ) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسلَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً ( 4 ) إِنَّ الأبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ( 5 ) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ( 6 ) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ( 7 ) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ( 8 ) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً ( 9 ) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ( 10 ) فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ( 11 ) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً ( 12 ) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً ( 13 ) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً ( 14 ) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ ( 15 ) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً ( 16 ) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً ( 17 ) عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً ( 18 ) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً ( 19 ) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً ( 20 ) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ( 21 ) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً 22 ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً ( 23 ) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ( 24 ) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ( 25 ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ( 26 ) إِنَّ هَؤُلاَءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً ( 27 ) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً ( 28 ) إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ( 29 ) وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَ أَنْ يَشَاء اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ( 30 ) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ( 31 )” (الانسان 1-31). (صدق الله العلي العظيم).
عن تسمية هذه السورة يقول السيد العاملي في كتابه: إنَّ التشرف بقراءة الأحاديث التي رويت لنا عن أهل البيت عليهم السلام يعرفنا أنهم عليهم السلام يعبرون عن هذه السورة بسورة “هل أتى”. وبما أن تسميات السور القرآنية ليست مزاجية. وإنما لها دلالات وإيحاءات تتجاوز موضوع التمييز بين سورة وأخرى. فإن تسمية هذه السورة ب “هل أتى” تبقى مثيرة للانتباه. حيث جاءت على شكل استفهام. ينقطع عن متابعة بيان ما وقع في مورد السؤال. كما أظهرته التسمية لسورة أخرى بسورة “براءة”. أو تسمية سورة “الأحزاب” ب “الفاضحة”. حيث يظهر من هذا: أن الهدف هو التركيز على معانٍ ومفاهيم بعينها تستبطنها التسميات. وتشكل حافزاً للسامع أو القارئ يدفعه إلى نيل هدف بعينه. وإدراك غاية بخصوصها. وذلك بطريقة تشير للقارئ بضرورة متابعة الكلام. ليتمكن من فهم معنى تام ومقبول. وتزيد تسمية هذه السورة ب “هل أتى” على غيرها: أنها جاءت على شكل سؤال يجر وراءه سلسلة من الأسئلة. حيث تبقى كلمة “هل أتى” تلحّ عليه بمعرفة ذلك الذي يُسأل عن إتيانه: ما هو؟ وما حقيقته؟ ولماذا يُسأل عنه؟ ومن المخاطَب؟ وهل المخاطب هو نفس المسؤول؟ ومن المجيب؟ وفي الإنسان فضول. خصوصاً في مثل هذه الحالات. حيث يلتقي فضوله فيها مع حب المعرفة والعلم. ومع حب اكتشاف المجهول. فهي إذن تسمية.. أريد لها أن تعطي الحافز للمعرفة. وتدفع كل سامع أو قارئ للمتابعة.. فيتحرك لمواصلة التحري. برغبة وجهوزية تامة. الأمر الذي يؤهله لأن يلاحظ خصوصيات وتفاصيل. لم يكن ليلتفت إليها لو ترك على حالةٍ من الاسترخاء والركود. بل إن السؤال نفسه سوف يحرجه ويثيره. ويجعله أمام مسؤولية البحث عن الإجابة. أما تسمية هذه السورة بسورة “الدهر” و “الإنسان”. فهي قاصرة عن إفادة ذلك كله. إذ إن السامع لن يجد في نفسه الحافز للبحث والتقصي. ولن يشعر أنَّه مسؤول عن شيء. بل سيكون قادراً على حسم خياره. فيقرر الإحجام أو الإقدام. ويكون إحجامه أو إقدامه مرتبطاً بحوافز ودواعٍ أخرى. ومنها عدم وجود الداعي للإقدام.
وعن ثواب وآثار قراءة سورة “هل أتى” يقول السيد جعفر مرتضى العاملي: في أمالي الطوسي. بإسناده إلى علي بن عمر العطار. قال: دخلت على أبي الحسن العسكري عليه السلام يوم الثلاثاء. فقال: لم أرك أمس. قال: كرهت الحركة في يوم الاثنين. قال: يا علي. من أحبَ أن يقيه الله شرَّ يوم الاثنين فليقرأ في أول ركعة من صلاة الغداة: “هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ” (الانسان 1). ثم قرأ أبو الحسن عليه السلام: “فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً” (الانسان 11). محمد بن الحسن. بإسناده عن الحسين بن سعيد. عن ابن أبي عمير. عن أبي مسعود الطائي. عن أبي عبد الله عليه السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقرأ في آخر صلاة الليل “هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ” (الانسان 1).