اخر الاخبار

إحياء اليوم التاسع من شهر رمضان الأحد بمدينة تورونتو الكندية (مفهوم الحمد لله)‎

د. فاضل حسن شريف

إحياء اليوم التاسع من رمضان الأحد في مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورونتو الكندية:

قبل صلاة المغرب جماعة وتناول طعام الافطار تلا كل مشارك في الجلسة القرآنية آيات من القرآن الكريم الجزء العاشر من القرآن الكريم باشراف السيد عبد السلام الموسوي ثم قرأ دعاء الافتتاح وبعد ذلك ألقى امام المسجد الشيخ حسن العامري محاضرته الرمضانية عن موضوع (مفهوم الحمد لله) حيث ابتدأ بالآية المباركة بسم الله الرحمن الرحيم “وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ” (الروم 18) ركزت آيات قرآنية وأحاديث نبوية وروايات عن ذكر الحمد لاظهار الشكر والامتنان. وأول سورة في القرآن الكريم هي سورة الحمد التي فرض الله تعالى ذكرها عشر مرات في الصلوات اليومية وفيها “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” (الفاتحة 2). أهل البيت عليهم السلام في خطبهم وأدعيتهم تذكر فيها كلمة الحمد ومشتقاتها ففي دعاء الافتتاح (اللّهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ)، (الْحَمْدُ لِلَّهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا مُضَادَّ لَهُ فِي مُلْكِهِ وَ لا مُنَازِعَ لَهُ فِي أَمْرِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ وَ لا شَبِيهَ لَهُ فِي عَظَمَتِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْفَاشِي فِي الْخَلْقِ أَمْرُهُ).

قال الله تعالى “وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا” (الاسراء 111)، “قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ” (النمل 59) وآيات أخرى تبين الحمد لله. تكمن أهمية الحمد لرفع مستوى الانسان الروحي. والحمد نقيض الذم الذي يريد به تنقيص القيمة، بينما الحمد يتحدث عن الخصال الحميدة وهو أعم من المدح وأخص من الشكر. مدح الآخر قد يستحقها وقد لا يستحقها. تلاحظ هنالك انسان لديه سلبيات عديدة ولكن تجد ناس يمدحونه والتأريخ القديم والحديث تجد فيه أسوء الأشخاص يفعلون أشد الجرم ولكن يصبح أحد الأبطال والشجعان.

فالمدح يكون على حق أو بدون حق، بينما الحمد لا يكون الا عن حق واستحقاق وصفاته تستحق عليها الحمد مثل الكرم والشجاعة وليس شرطا أن ترى الأشخاص الذين لديهم هذه الصفات للناظر مثلا الناس تعتقد بشجاعة علي بن أبي طالب عليه السلام وهم لم يروه فهو يستحق الحمد وان لم تره، وهكذا حاتم الطائي لديه صفة الكرم حتى ورد أن كرمه قد يشفع له يوم القيامة لانه مات كافرا.

الله سبحانه وتعالى يستحق الحمد المطلق حقا فهو حامل صفات الحمد كلها فهو المحسن المطلق للناس. فالله هو المحسن للناس نتيجة استحقاقهم أو عدم استحقاقهم. الله تعالى كريم رؤوف معطي وغير ذلك من الصفات التي تؤهله للحمد. وحرف اللام في “لله” تعني كل أنواع الحمد فهي ملكية الله عز وجل كما جاء في تفسير العلماء ومنهم الشيخ الشعراوي رحمه الله الذي بين ان الله خالق بالاضافة انه رب العالمين فكيف لا يحمد. ولا يصدر الحمد الا من القلب وبعدها يمر على اللسان لذكره. حتى فرعون الطاغية لم يقل انا خالق لان الناس الذين قبله من خلقهم بل قال انا اله و رب الناس الذين حوله من التربية “قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ” (الشعراء 23)، “فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ” (النازعات 24) ولم يقل فرعون أنا خالقكم.

ان الله سبحانه هو الخالق “وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ” (الزمر 38) وتكفي هذه الصفة فقط ان يحمد بها الله سبحانه فكيف تضاف لها صفات أخرى بحيث حتى الجلود تتأثر بذكر الله بالاضافة الى القلوب قال الله جل جلاله “اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ” (الزمر 23). فالذاكر لله وحمده يصل الى مرحلة المتقين الذين يتقبل الله أعمالهم ” قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ” (المائدة 27).

تعتبر خديجة عليها السلام مصداق واضح في حمدها لله تعالى في أقوالها وأعمالها فهي لم تبخل بشيء حيث وضعت كل تجارتها الضخمة لله تعالى بأن جعلت تجارتها تحت تصرف زوجها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث نزل جبرئيل عليه السلام فقال له: ربك يأمرك أن تقرء فاطمة السلام وتقول لها: إن أمك في بيت من قصب كعابه من ذهب، وعمده ياقوت أحمر، بين آسية ومريم بنت عمران.