د. فاضل حسن شريف
عن صفحة الولاية: يبين الإمام الحسين عليه السلام ومن تمام نهضته بيان مسلك خصومه من بني أمية، وإن الخلق لا يخلُون من إمام يدعو الى الحق والإصلاح، وآخر يدعو الى الباطل والضلالة فأجاب (بشر بن غالب) لما سأله حين بلغ الثعلبية فقال: يا بن رسول الله أخبرني عن قوله تعالى “يوم ندعو كل أناس بإمامهم” (الإسراء 71)، فأجابه الإمام عليه السلام: إمام دعا الى هدى فأجابوه إليه، وإمام دعا الى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار، وهو قوله عز وجل “فريق في الجنة وفريق في السعير” (الشورى 7) وهنا لا بد لنا من أن نوضح بأن الإمام الحسين عليه السلام لم يشغله المسير الى الكوفة أن يفسر آيات القرآن ويرد على أسئلة المكلفين. وقد بين الإمام عليه السلام إنه من الذرية الطاهرة ومن سلالة الأنبياء عليه السلام فهو بذلك أحق من غيره في إصلاح أمة جده بالوراثة القرآنية والولائية، فقد احتج على إبن الأشعث حين قال له: يا حسين بن فاطمة آية حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك، فتلا الحسين عليه السلام هذه الآية: “إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين” (آل عمران 33) ثم قال: والله إن محمداً لمن آل إبراهيم، وإن العترة الهادية عن آل محمد (بحار الأنوار: ج،44ص 317).
احتفالية بمناسبة ولادة الأقمار الثلاثة الامام الحسين وأخيه العباس والامام السجاد عليهم السلام مساء السبت 4 شعبان في مسجد الإمام الحسين عليه السلام: بعد صلاة العشاء والزيارة تليت آيات من الذكر الحكيم وكلمات بالمناسبة ثم كلمة لإمام المسجد الشيخ حسن العامري عن المناسبة ذكر فيها ابيات من الشهر تصدح في الأعياد. وقال في كلمته عن (طهارة الأئمة عليهم السلام) بان الحديث عن أئمة أهل البيت صدر من القرآن الكريم والسنة. فزواج فاطمة عليها السلام معروف بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفض تزويج فاطمة لعدد من الصحابة إلى ان جاء النداء من السماء بتزويجها لعلي عليه السلام. وهذه سنة الله على خلقه المنتجبين كما حصل لعيسى عليه السلام عندما نذرت ام مريم ما في بطنها محررا لله ليكون خادما في المعبد او مسجد ذلك الزمان لان الخدمة في المساجد تعتبر من اشرف الخدمات “رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ” (ال عمران 36). وبعدها وضع الله تعالى نور عيسى في رحم مريم عليهما السلام. وهكذا حملت فاطمة عليها السلام الانوار الحسن والحسين ومن ذرية الحسين بقية الأئمة عليهم السلام لان الامام او الخليفة بالمفهوم الدارج لا يمكن ان يكون ظالم كما قال الله تعالى “قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” (البقرة 124) لان الامامة عهد الله ولا يمكن ان يكون الامام او خليفة الله ظالم ولكن نرى ما يسموهم الخلفاء ومنهم الخلفاء الامويين والعباسيين هل ينالهم عهد الله حتى ان بعض هؤلاء اصلابهم مشكوك فيها. والامام هو الصراط المستقيم لمتبعيه في الدنيا والآخرة “يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ” (الاسراء 71). فالاصلاب المطهرة من هاشم إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم الى الحسين عليه السلام الذي ولد لستة أشهر في بطن أمه ولم تحصل هذه الحالة إلا لعيسى عليه السلام. والحسن والحسين عليهما السلام جاءت تسميتهما من السماء. ودائما الحق يقابله الباطل فالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم حارب أبو سفيان وعلي عليه السلام حارب معاوية اما الحسين عليه السلام حارب يزيد، سلسلة طاهرة مقابل سلسلة ليس فيها طهارة. الحسن والحسين عليهما السلام سيدا شباب اهل الجنة لان الناس في الجنة كلهم شباب كما جاء في الحديث إن الجنة لا يدخلها عجوز اي ان عجوز الدنيا يرجع الى شبابه في الجنة وهكذا الاعمى والاعرج وبقية العاهات في الدنيا تصبح سليمة في الجنة. الغلو أن تأتي بكلام من غير الله ورسوله و “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا” (الحشر 7). فالحديث النبوي عن علي عليه السلام ليس فيه غلو كما يدعي البعض (لا يجوز أحد على الصراط، إلاّ من كتب له علي الجواز) وهو حديث صحيح، و (أنا وأنت من شجرة واحدة)، , (نِعم الراكبان هما، وأبوهما خير منهما) وكذلك قوله تعالى ” فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” (النساء 65)، و “وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ” (ال عمران 61). عن أبي عبد الله عليه السلام قال (من أراد الله به الخير قذف في قلبه حب الحسين عليه السلام). وجاء في الحديث عن العباس بن علي عليه السلام (وإن لعمي العباس منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء والصديقين يوم القيامة). وهكذا وردت روايات وأحاديث عن مقام الامام السجاد عليه السلام، وهذه المقامات علينا اتباعها.
جاء في كتاب الشعائر الحسينية للمؤلف الشيخ محمد السند: سبب كثرة ذكر الشيعة لسيد الشهداء عليه السلام هو أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والائمة عليهم السلام بذلك في الروايات المستفيضة، بل المتواترة فقد أكّدوا بإقامة العزاء على مصيبته التي هي من أفجع وأقرح المصائب التي تعتصر الوجدان وتنغّص العيش، فالبشاعة الشرسة التي انتهك بها حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سبطه وريحانته من الدنيا وسيد شباب أهل الجنة، فمصيبة الحسين عليه السلام مصيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومصيبة أمير المؤمنين وسيدة النساء والحسن المجتبى ففي قتل الحسين وولده وأهل بيته وأصحابه وسبي نساءه انتهكت حرمة القرآن الذي جعل من الحسين عليه السلام حجة لحقانية دين الاسلام وصدق النبوة الى يوم القيامة في قوله تعالى: “فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ” (ال عمران 61)، فقد أمر الله تعالى نبيه في المباهلة بالاحتجاج بالحسين عليه السلام وأصحاب الكساء دون الصحابة ودون زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أن الإمام الحسين عليه السلام حين المباهلة لم يتجاوز بضع سنين من نشأته المباركة، فجعل الله تعالى الإمام الحسين عليه السلام يتحمل مسؤلية إقامة الحجة على حقانية الدين وصدق النبوة، وكذلك آية التطهير وكذلك سورة هل أتى وغيرها من السور فمثل هذه الشخصية في الدين التي يرسم مقامه القرآن الكريم وكلام الله الحكيم، انتهاك حرمته إنتهاكاً لحرمة الله تعالى ولحرمة القرآن ولحرمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: (حسين مني وأنا من حسين)، و: (إبناي هذان إمامان قاما أو قعدا)، و: (وسيدا شباب أهل الجنة)، وغيرها من الاحاديث العظيمة النبوية التي توضح موقعية الحسين في الدين. وسبي نساء الحسين عليه السلام هن بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فتصور- بالله عليك- ممن يدّعون الإنتماء إلى دين النبي كيف يرتكبون العظائم في حق سيد الرسل صلى الله عليه وآله وسلم، فذكر مصيبة الحسين ذكر مصيبة النبي وجميع أهل بيته.