اخر الاخبار

الجالية و خطب صلاة الجمعة بمدينة تورونتو الكندية (الظن بالنفس والآخرين)‎

د. فاضل حسن شريف

صلاة الجمعة لليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة:

بسم الله الرحمن الرحيم “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ” (فاطر 5) تحدث خطيب جمعة مسجد الامام الحسين عليه السلام في مدينة تورونتو الكندية الشيخ حسن العامري عن موضوع (الظن بالنفس والآخرين). قدم الشيخ العامري آيات العزاء لحلول ذكرى استشهاد الامام محمد الجواد عليه السلام نسأل الله شفاعته يوم الورود. وقال عن الآية الكريمة بأن الإنسان يتكلم عن إصلاح نفسه وتزكيتها ناسيا ملكاته السيئة فيصيبه الغرور كون الشيطان يغويه بأنه أصبح من الصالحين وينسيه سيئاته. ويبرز سؤال هل اننا نحسن الظن بأنفسنا ونسيء الظن بالآخرين، أو نحسن الظن بأنفسنا والآخرين، أم نسيء الظن بأنفسنا والآخرين؟ والجواب أن المؤمن من يسيء الظن بنفسه ويحسن الظن بالآخرين “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ” (الحجرات 12).

قال أمير المؤمنين عليه السلام (أسوأ الناس حالا من لم يثق بأحد لسوء ظنه). فعلينا أن نظن بالآخر خيرا ولا نجعل الشيطان أن يجعلنا نظن سوءا بالآخرين. وعلينا ألا نظن بأنفسهم خيرا لنصل الى حالة العجب بالنفس وهي الحالة التي لا يحبها الله. وورد أن بعض حواري عيسى عليه السلام أخذهم العجب بأنفسهم حيث حذرهم عليها كثيرا في تعاليمه لهم. قال علي عليه السلام (يا أيها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس)، و (إنّ المؤمِن لا يمسي ولا يصبح إلا ونفسه ظنون عنده). جاء في الحديث (سيئة تسوءك خير من حسنة تعجبك). جاء في مكارم الأخلاق للإمام زين العابدين عليه السلام: اللهم لا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها.

جاء في حديث قدسي: يا موسى إني أنا الله فوق العباد والعباد دوني وكل لي داخرون، فاتهم نفسك على نفسك، ولا تأتمن ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين. يقول الإمام زين العابدين عليه السلام (لسنا نتكل في النجاة من عقابك على أعمالنا، بل بفضلك علينا). وعن عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر: يا مالك وإياك والاعجاب بنفسك، والثقة بما يعجبك منها، وحب الإطراء فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه، ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين.

إذا كنت تصلي الليل وتخشع في الصلاة لا يعني أنك عالي الايمان لان ذلك يؤدي الى الاعجاب بالنفس. وكان معاوية بن سفيان في خطبه للناس كلمات تسقط بالامام علي عليه السلام، وفي أحد الأيام قال له أحد الاشخاص انك في خطأ كونك معجب بنفسك وهذا مناف للإيمان. فلا قيمة لصلاة الليل وقراءة القرآن بدون الشعور بالتقصير أمام الله تعالى، في حين أن الانبياء والاوصياء الذين هم الأكثر ايمانا من الآخرين يكررون (اهدنا الصراط المستقيم). من الامثلة على الإعجاب بالنفس الخليفة الاموي سليمان بن عبد الملك المعجب بشبابه ولا يعلم بنهايته السيئة.

وحتى لو كانت عبادتك لله تعالى أربعين سنة بدون ذنب فلا تعجب بمقامك العبادي. وكانت نصيحة الخضر لموسى عليهما السلام بعدم الاعجاب بالنفس حتى ولو كنت كليم الله تعالى. قال الله تعالى “وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)” فالصالحات تختلف عن صالحات أي تشمل كل الصالحات منها حب آل محمد.