اخر الاخبار

الجالية و خطب صلاة الجمعة لليوم التاسع عشر من شوال (الرزق والعمل والتربية)‎

د. فاضل حسن شريف

صلاة الجمعة لليوم التاسع عشر من شوال:

بسم الله الرحمن الرحيم “وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ” (هود 6) تحدث خطيب جمعة مسجد الامام الحسين عليه السلام بمدينة تورونتو الكندية الشيخ حسن العامري باللغة الانكليزية لوجود جالية غير عربية تزور مقبرة المسجد يوم الجمعة عن موضوع (الرزق والعمل والتربية) قائلا الله سبحانه وتعالى خلق الدنيا وكل ما فيها من مخلوقات من البشر والحيوان وكائنات أخرى يعلم مستودعها ورزقها. لو نظرنا للطفل في بطن أمه يأتيه الرزق وهو لا يعلم من وكيف يأتيه الرزق. لذلك وجب علينا أن لا نعتقد أن الله سبحانه يترك الاشياء تعمل كيفما تشاء وبدون أن يكون لها رزق محدد. كيف لا والله كريم على عباده لا يترك النفس حتى تستوفي رزقها. فهل تتصور أن تأكل الرز وتشرب الماء بدون معرفة من يوفرها لك؟ انه الله تبارك وتعالى. يقول أمير المؤمنين عليه السلام (علمت أن رزقي لا يأكله غيري فوثقت به). قيل لعلي عليه السلام لو سد على رجل باب بيته وترك فيه من أين كان يأتيه رزقه فقال من حيث يأتيه اجله.

وهذا لا يعني أن نجلس بدون عمل لان الله تعالى سيرزقنا لان لكل سبب مسبب فعندما تعمل يأتيك رزقك وعندما لا تعمل لا يأتي الرزق فسبب دفع البلاء هو الصدقة كما جاء الصدقة تدفع البلاء. وهكذا الرزق يأتي من حلال “وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا” (المائدة 88). يُروى عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أنه أوقف فرسه مرة ً عند باب مسجد وقبل أن يدخل لُيصلي استأمن أحد الواقفين عند الباب على فرسه وعلى السرج الذي عليه فطمع الرجل المُستأمن على الفرس وسرق سرج الفرس وهرب إلى السوق وباعه هناك. ولمّا خرج الإمام علي عليه السلام من المسجد لم يجد الرجل ولا السرج فذهب إلى السوق ليشتري سرجاً آخر حتى يستطيع ركوب الفرس، وقد أدهشه أن وجد سرج فرسه نفسه معروض للبيع في السوق فسأل صاحب الدكان بكم يبيعه؟ فاشترى الإمام عليه السلام السرج وقال: سبحان الله، لقد كنت أنوي أن أدفع للرجل السارق خمسة دراهم عند خروجي من المسجد لقاء أمانته لكنه أستعجل رزقه وسرق السرج وباعه ولو لم يستعجل رزقه بالحرام لأخذه بالحلال.

عليك بالعمل للحصول على بركته ولا تأتي البركة الا بالاعمال يضاف لها صلاتك وصيامك وقراءة القرآن والدعاء والقدوم الى المسجد وصرف وقت مع العائلة. جاء في الحديث الشريف (يا علي، ساعة في خدمة العيال في البيت، خيرٌ له من عبادة ألف سنة وألف حجَّة وألف عُمرة). لذلك عمل 24 ساعة في الأسبوع بدون ذكر الله وتربية أفراد العائلة لا بركة تحصل من ذلك العمل.

يعتقد الشخص ان كل شيء في الحياة هو المال وصرف الوقت كله في سبيل الحصول على المال بدون وقت تمضيه مع العائلة وتربيتهم فتكون نتيجته وبال. وعندما تحاول الحصول على عمل ولم تحصل عليه فان الله يوفر لك الرزق كما حصل لمريم عليها السلام “وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا” (مريم 25). يقول الشاعر: توكل على الرحمن الامر كله * توكل ذي عقل نحا منهج الادب فلا تقعدن حلس البطالة غافلا * ولا ترغبن في العجز يوما عن الطلب ألم تر أن الله قال لمريم * كما القلم القدسي في لوحه كتب مذ انفردت لله في ظل نخلة * وهزي اليك الجذع يساقط الرطب ولو شاء أن تجنيه من غير هزها * ومن غير أعمال الوسائل والتعب لمال إليها الجذع حتى بحجرها * جنته ولكن كل شيء له سبب.

ورد ان العمل واطعام أطفالك خير من عبادة طول الوقت بدون عمل لان الاطفال سيضعون في الشوارع لكي يطعموا انفسهم “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ” (التحريم 6). الله يدعوك لحماية نفسك وعائلتك بأن تعلمهم الدين وقراءة القرآن وتعبد الله حق عبادته من صلاة ونوافل ليتعلموا منك. كان أئمة أهل البيت عليهم السلام يؤكدون على تربية الأب والأم للأطفال. عندما لا تعلم طفلك على الصلاة لا تتوقعه يصلي في الكبر. اذا علمت طفلك العمل الخير أفضل من صرف مال له وتركه يتربى لوحده. عندما تكون صادقا ولا يسمع الابن منك الكذب فانه سيكون صادقا لا محال “وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” (الفرقان 74). وعندما يكبر طفلك ويكبر ويحصل لك أحفاد طيبين كل ذلك يرجع لتربيتك الحسنة.