اخر الاخبار

الجالية و خطب صلاة الجمعة لليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة بمدينة تورونتو الكندية (يوم المباهلة)‎

د. فاضل حسن شريف

صلاة الجمعة لليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة:

بسم الله الرحمن الرحيم “فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ” (آل عمران 61) تحدث خطيب جمعة مسجد الامام الحسين عليه السلام الشيخ حسن العامري بمدينة تورونتو الكندية عن موضوع (يوم المباهلة). بارك الشيخ العامري المسلمين بذكرى عيد المباهلة حيث الآية نزلت على علي عليه السلام نفس النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والحسن والحسين عليهما السلام أبناء الرسول الأعظم وفاطمة عليها السلام سيد نساء العالمين. العام الذي نزلت فيه هذه الآية المباركة يسمى عام الوفود.

بعد أن أصبحت المدينة ومكة تحت سيطرة المسلمين طلب اليهود والنصارى من الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بمزاولة طقوسهم وعبادتهم في معابدهم بعد أن أشاعوا بين الناس أن نبي الإسلام شخص ظالم ويبحث عن السلطة والملك وكل الصفات السيئة وبث الدعايات المغرضة. واستمرت هذه الحالة في دعايات معاوية ضد علي والحسن عليهما السلام بعدم معرفتهما للصلاة وعدم الجواز الصلاة بامامتهما ثم دعايات يزيد ضد الامام الحسين عليه السلام أنه خارجي. والى يومنا الحالي دعايات الأعداء ضد علماء الدين بأنهم يحرضون على الدمار وهم كما مشركي قريش “وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” (سبأ 24) هذه قاعدة اسلامية في كل زمان بأن اليهود والنصارى يستطيعون مزاولة طقوسهم وتعبدهم بدينهم طالما يدفعون الجزية التي تذهب لحمايتهم من أعدائهم. قال الله تعالى”إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” (الزلزلة 1-8) حيث سيحاسب الله تعالى العباد في ذلك اليوم.

جاء حسان بن ثابت إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يسأله عن الخمر والربا، فنهى النبي عن الخمر والربا وحرمهما. وأعلم الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم اليهود والنصارى بأن لا يتبعوا شهوات النفس من تحليلهم الخمر والربا والقمار وعليهم باتباع أوامر الله تعالى بتحريمهم هذه المحرمات في الإسلام. عروة بن مسعود كان وجيهاً ومحبوباً في قومه، وكان يظن أنهم سيستجيبون له إذا دعاهم إلى الإسلام. عندما وصل إلى المدينة، التقى بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأسلم. بعد ذلك، عاد عروة إلى الطائف ليدعو قومه إلى الإسلام، لكنهم قتلوه. بعد مقتل عروة، أدركت ثقيف أنها لا تستطيع مواجهة المسلمين، فأرسلت وفداً إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأعلنوا إسلامهم. ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم شبّه عروة بن مسعود بصاحب ياسين (مؤمن آل يس). قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن مثل عروة مثل صاحب ياسين).

تقع نجران بين الحجاز واليمن ويبلغ نفوسها في ذلك الوقت نحو 40 ألف شخص. وقد كتب رسولُ الإسلام كتاباً إلى أسقف نجران يدعو أهلها فيه إلى الإسلام يوم كتب كتباً إلى ملوك العالم ورؤسائه (بِسم إله إبراهيم وإسحاق ويَعقوب من مُحَّمد رسول اللّه إلى أسقُف نَجران وأهل نَجران إن أسلَمتُم فإنّي أحمَدُ إليكُم اللّه إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب أمّا بعد فإني أدعوكم إلى عبادة اللّه من عبادة العباد، وأدعُوكم إلى ولاية اللّه من ولاية العباد، فان أبيتم فالجزية، فان أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام). وهذا يدل على حماية المسلمين للنصارى عند دفع الجزية أي الضريبة المعمولة حاليا لمواطني البلدان كضريبة السكن وان كنت تمتلكه ولكن الضريبة للخدمات العامة والحماية والأمن.

قدمَ وفد نصارى نجران المدينة ودخلُوا المسجد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهم يلبسون أزياءهم الكنسيَّة ويرتدون الديباج والحرير، ويلبسون خواتيم الذهب. وطلب منهم الرسول صلّى اللّه عليه وآله القدوم في اليوم التالي. قالوا: المسيح هو اللّه لأنه أحيا الموتى، وأخبر عن الغيوب، وأبرأ من الأدواء كلِها، وخلَق من الطين طيراً. فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله: هو عبد اللّه وكلِمته ألقاها إلى مريم. فقال أحدُهم: المسيح ابن اللّه لأنّه لا أبَ له. فسكتَ رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله عنهم، فنزل الوحيُ بقوله تعالى: “إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ” (آل عمران 59) فقال وفد نجران: إنا لا نزدادُ منكَ في أمر صاحبنا إلا تبايُناً، وهذا الأمر الذي لا نقرّه لك، فهلمَّ فلنلاعنك أيّنا أولى بالحق فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين. فأنزلَ اللّه عزّ وجلّ آية المباهلة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: “فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ” (آل عمران 61). فدعاهُم إلى المباهلة، فقبلوا، واتفق الطرفان على أن يقوما بالمباهلة في اليوم اللاحق.

وكان النبي صلّى اللّه عليه وآله ووفد نجران قد اتفقا على أن يُجريا المباهلة، فاختار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من المسلمين ومن عشيرته وأهله أربعة أشخاص فقط وقد اشترك هؤلاء في هذه المباهلة دون غيرهم، وهؤلاء الأربعة لم يكونوا سوى علي بن أبي طالب عليه السَّلام وفاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله والحسن والحسين عليهما السلام. قال أسقف نجران: يا معشر النصارى إني لأرى وُجُوهاً لو شاء اللّه أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا.

حصلت المباهلة قبل يوم الغدير لتحضير أمير المؤمنين عليه السلام ليكون وليا في يوم الغدير. ولكن الدعاية المغرضة رفضت الولاية الى يومنا الحالي. وهكذا اعلام الحق يواجه اعلام الباطل في كل زمان ومكان.