اخر الاخبار
المجلس الحسيني لليوم الثامن من محرم بمدينة تورونتو الكندية (ذم الأنانية)

د. فاضل حسن شريف
مجلس عزاء حسيني مساء الثامن من محرم الجمعة في مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورونتو الكندية:
بعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم من قبل بعض الحضور لمدة ساعة بإشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة آيات من القرآن الكريم، ثم مجلس العزاء للخطيب الشيخ حسن العامري، فترديد قصائد حسينية للسيد مصطفى الحسناوي والزيارة، فصلاة المغرب، ومأدبة العشاء تبرعا من مؤسس المسجد الحاج عطا علي وجلسة شاي.
بسم الله الرحمن الرحيم “وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (الحشر 9) بعد النعي الحسيني في بداية ونهاية الخطبة ابتدأ الخطيب الشيخ العامري خطبته الارتجالية والتي كان موضوعها (ذم الانانية). تكملة لمحاضرة المجلس السابق عن (أنا) أو الأنانية التي سببها التربية منذ الطفولة، وثانيا تزكية الإنسان البالغ. ومن الأسباب القدوة السيئة حيث الأبناء والآباء يعيشون الانانية. يقول علماء الاجتماع ألف متكلم لا يعوض تعليم المعلم. يقول أمير المؤمنين عليه السلام (أمير المؤمنين معلم الناس أحق إجلالاً بأقواله).
أحدهم يقول عليكم بعدم الأنانية ولكنه بنفسه يمارسها وهي تعتبر رذيلة من الرذائل. القدوة السيئة سبب مهم للأنانية. والسبب الآخر هو الإهمال المعنوي والمادي للاولاد. يحتاج الابن قلب حنون وكلمة حنونة. وعدم ترك الابن منزعجا بل على الأبوين الاهتمام به. كل هم الأب مستقبل الاولاد بحرمان الابن فيحرم الابن بالتمتع بوقت الفراغ لتجعله عرضة للأنانية. الدلال الزائد للابن حيث يوفر له كل شيء وبالتالي يشعر بأنه مركز الكون حيث كل ما يطلب الأبن يوفر له وعدم وضع حدود له. وبذلك يتعود الابن على الخطأ لانه يعتبر نفسه أهم من الآخرين.
بالنسبة للكبار فإن عدم ضبط الدين والايمان يؤدي الى الانانية. إذا القلب مملوء بالإيمان فالناتج أن قلب الشخص يصدق قول الله تعالى ويكذب كل قول أحد ينافي قول الله جل جلاله. فالله سبحانه يقول “أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ” (الزمر 52) فالله هو المتحكم في الرزق لمصلحة الانسان “قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ” (آل عمران 26). الله تعالى هو الذي يجازي خيرا المنفق “وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ” (البقرة 272)، “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ” (سبأ 39). ولكن يأتي الشيطان ليوسوس للذي يريد الانفاق ويمنعه عن ذلك لاسباب شيطانية ” الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلً” (البقرة 268).
الانسان المؤمن يصدق الله تعالى بينما غير المؤمن يصدق شيطانه “وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا” (الفجر 20). المؤمن لا يكون أنانيا في الحياة لاعتقاده أن أفضل شيء هو خدمة أخيه الانسان، وهذه الخدمة هي التي توصله لله عز وجل. بينما غير المؤمن نفسه هي التي تسيره وتوسوس له. كل ما يدور به المؤمن هو للآخرة، بينما غير المؤمن كل شيء عنده هو الدنيا “فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا” (النجم 29)، “زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ” (آل عمران 14).
يقول الله تعالى عن المتقين ” قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ” (آل عمران 15). الإنسان المؤمن كلما يعطي فانه يفكر بالآخرة. يقول الشاعر: هِيَ النَفسُ ما حَمَّلتَها تَتَحَمَّلُ * وَلِلدَّهرِ أَيّامٌ تَجورُ وَتَعدِلُ وَعاقِبَةُ الصَبرِ الجَميلِ جَميلَةٌ * وَأَفضَلُ أَخلاقِ الرِجالِ التَفَضُّلُ وَلا عارَ أَن زالَت عَن الحُرِّ نِعمَةٌ * وَلكِنَّ عاراً أَن يَزولَ التَجَمُّلُ وَما المالُ إِلّا حَسرَةٌ إِن تَرَكتَهُ * وَغُنمٌ إِذا قَدَّمتَهُ مُتَعَجَّلُ وَلِلخَيرِ أَهلٌ يَسعَدونَ بِفِعلِهِ * وَلِلناسِ أَحوالٌ بِهِم تَتَنَقَّلُ.
قال الله عز من قائل “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ” (البقرة 110)، “وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا” (المزمل 20)، “إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ” (الحديد 18). يقول أمير المؤمنين عليه السلام (عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ الْفَقْر الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ، وَيَفُوتُهُ الْغِنَى الَّذِى إِيَّاهُ طَلَبَ، فَيَعِيشُ فِي الدُّنْيَا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ، وَيُحَاسَبُ فِي الْآخِرَةِ حِسَابَ الْأَغْنِيَاءِ). يقول الله عز وعلا عن البخلاء “يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ” (التوبة 35).
يقول الله جل وعلا “أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ” (يس 47) هنا رزقكم ليس أموالكم لان الرزق يعني ليس فقط المال وانما كذلك العلم والكلام والصحة. عن سويد بن غفلة: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بعدما بويع بالخلافة وهو جالس على حصير صغير ليس في البيت غيره، فقلت: يا أمير المؤمنين، بيدك بيت المال ولست أرى في بيتك شيئا مما يحتاج إليه البيت فقال عليه السلام: يابن غفلة، إن اللبيب لا يتأثث في دار النقلة، ولنا دار أمن قد نقلنا إليها خير متاعنا، وإنا عن قليل إليها صائرون.