اخر الاخبار

دراسات عن الانتخابات في القرآن الكريم والسنة (ح 2)‎

د. فاضل حسن شريف

جاء في موقع نصوص معاصرة عن الانتخابات في منهج وسيرة الإمام علي عليه السلام للدكتور عصري الباني: النبيّ صلى الله عليه وآله الانتخابات، البيعة قبل الهجرة والمشورة قبل المعركة: عند الرجوع إلى سيرة النبي الأعظمصلى الله عليه وآله وسلم نجد أنه بقي في مكة 13 سنة يدعو الناس بالوسائل السلمية، وكان يواجه بأقسى اساليب القمع والإرهاب فكان يحتمي بعشيرته وعلى رأسهم سيدنا أبو طالبعليه السلام، وهو ما أشار إليه ابن أبي الحديد بقوله: “ولم أستجز أن أقعد عن تعظيم أبي طالب، فإني أعلم أنه لولاه لما قامت للإسلام دعامة. واعلم أن حقه واجب على كلّ مسلم في الدنيا إلى أن تقوم الساعة، فكتبت على ظاهر المجلد: ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخصاً فقاما   فذاك بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب جس الحماما”.  وعند وفاة أبي طالب عليه السلام اضطر للبحث عن مكان آخر آمن يبلغ فيه رسالته من دون مضايقات، فعن جابر بن عبد الله قال: “كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف بل كان يعرض نفسه على القبائل فيقول: (هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربّي عزَّ وجلَّ”. ثم ذهب للطائف ليدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة فواجهوه بالاستهزاء ورجموه بالحجارة قال الطبري: “ولما هلك أبو طالب خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الطائف يلتمس من ثقيف النصر والمنعة من قومه فجلس إليهم فدعاهم إلى الله وكلمهم بما جاء لهم من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبّونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجؤوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة”. ولم يشكل عصابة ويهجم بها على قرية أو قبيلة ويستولي عليها باعتبار أنه نبي ومن حقه الحكم من دون انتخاب. وبقي صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر الفرصة إلى أن جاء أهل يثرب وهنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشترط عليهم أن تكون هناك انتخابات (بيعة) تبين أن أغلب أهل يثرب راضين مقتنعين فبعث اليهم مصعب بن عمير رضي الله عنه ليعلمهم القران ويوضح لهم مبادئ الإسلام فإن حصل القبول منهم (الانتخاب) فإنه سيهاجر لهم وإن لم يحصل ذلك فإنه سيبقى في مكة، ولم يبادر إلى الهجرة بمجرد الدعوة باعتبار أنه نبي ومن حقه الحكم. قال ابن سعد: “وكتبت الأوس والخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابعث إلينا مقرئاً يقرئنا القرآن فبعث إليهم مصعب بن عمير العبدري فنزل على أسعد بن زرارة فكان يقرئهم القرآن فروى بعضهم أن مصعباً كان يجمع بهم ثم خرج مع السبعين حتى وافوا الموسم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و لما حضر الحج مشى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين أسلموا بعضهم إلى بعض يتواعدون المسير إلى الحج وموافاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإسلام يومئذٍ فاشٍ بالمدينة فخرجوا وهم سبعون يزيدون رجلاً أو رجلين في خمر الأوس والخزرج وهم خمسمائة حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة”. انظر إلى عبارة “والإسلام يومئذٍ فاش بالمدينة” يعني الأغلبية في زماننا الحاضر. وبعد أن تأكد وأخذ منهم البيعة هاجر إلى يثرب. وهكذا كانت حاله في القرارات المصيرية فإذا لم تتحقق الأغلبية لا يقدم على أي من الخطوات سواء كانت حرب أو صلح وغيرها من القرارات، امتثالاً لقوله تعالى: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (آل عمران 159)، فنراه يجمع المسلمين ليستشيرهم في الخروج لبدر فلما تحققت الأغلبية خرج، وكان رأيه أن يبقى في المدينة ولا يخرج لقتال المشركين في أُحُد وكانت الأغلبية مع الخروج فخرج متبعاً للأغلبية بعد أن حذرهم من مغبة هذا الأمر، وهكذا.

جاء في موقع صيد الفوائد عن معايير الانتخاب في الشريعة الإسلامية للدكتور إسماعيل عبد الرحمن: معايير الانتخاب في السنة المطهرة: لقد حوت السنة المطهرة العديد من المعايير والقواعد والأصول في هذا المقام نذكر منها ما يلي: المعيار الأول: تولية من كان أهلا للولاية والحكم. حيث منع النبي صلى الله عليه وسلم تولية أبي ذر رضي الله عنه حينما طلب الإمارة وقال: ” قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي. ثم قال (يا أبا ذر إنك ضعيف. وإنها أمانة. وإنها يوم القيامة، خزي وندامة. إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) (أخرجه مسلم وغيره ). المعيار الثاني: مراعاة التخصص في الولاية. لقد تميز بعض الصحابة رضي الله عنهم بصفات ليست عند غيرهم ولا يعني ذلك أفضلية لهم عن غيرهم وإنما هي تزكية لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الجانب الذي ميزوا به إشارة إلى أنه يجب أن تكون لهم الريادة في ذلك والرجوع إليهم في تخصصاتهم. وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان بن عفان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ” (أخرجه الترمذي). المعيار الثالث: تولية الأصلح والأكفأ. ثبت في السنة المطهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار بعضا من الصحابة رضي الله عنهم مع وجود الأفضل منهم لأنهم الأصلح والأكفأ لأداء المهمة التي اختيروا إليها ونذكر من هذه الاختيارات ما يلي: الموضع الأول: اختيار مصعب بن عمير رضي الله عنه كأول داع إلى الله عز وجل في المدينة المنورة. وفي ذلك يقول ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا انْصَرَفَ عَنْهُ الْقَوْمُ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَعَهُمْ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيّ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقْرِئَهُمْ الْقُرْآنَ وَيُعَلّمَهُمْ الْإِسْلَامَ وَيُفَقّهَهُمْ فِي الدّينِ فَكَانَ يُسَمّى الْمُقْرِئَ بِالْمَدِينَةِ (سيرة ابن هشام 1/434). الموضع الثاني: اختيار علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقيادة الجيش يوم فتح خيبر. وفي ذلك أخرج البخاري رحمه الله عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب ؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فأرسل إليه فأتى، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. ( السيرة النبوية لابن كثير 3/351 ) وفعلا تم الفتح على يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

جاء في موقع المسلم عن الانتخاب في الفقه الإسلامي للكاتب أديب فايز الضمور: الانتخاب في الاصطلاح. لقد وقف الباحث على تعريفين مما ذكره المعاصرون في الانتخابات هما: تعريف الدكتور فهد العجلان عرف الانتخابات بأنها: “طريقة يختار فيها المواطنون أو بعضهم من يرضون ويتوصل من خلالها لتحديد المستحق للولاية أو المهمة المنتخب فيها”. ويلحظ على هذا التعريف بأنه عرف الانتخابات بمعناها السياسي المعاصر فقط، وفيه تطويل بعض الشيء. وقال الدكتور مصطفى السباعي: “فالانتخاب هو اختيار الأمة لوكلاء ينوبون عنها وكان يقصد به انتخاب ممثلين عن الأمة في مجالس الشورى أو النيابة، وهذا أيضاً تحديد لمعنى الانتخابات السياسية المعاصرة. ومما سبق يمكن تعريف الانتخاب بأنه: اختيار يظهر إرادة أهل الاختيار. ويقصد بـ(الاختيار): النتيجة أو الطريقة والوسيلة المستخدمة في الانتخاب، فهو نتيجة يتم التوصل إليها من استعمال طريقة أو وسيلة ما، كما نقول إن عثمان بن عفان رضي الله عنه هو اختيار الأمة، وقد يكون طريقة ووسيلة يلجأ إليها الناخبون في الانتخابات. والقول بـ(يظهر إرادة): حتى يؤول الفعل (الطريقة أو الوسيلة) إلى النتيجة المعبرة عن إرادة ورضى الناخب أو المختار.  و(أهل الاختيار): وهم المستحقون دون غيرهم للمشاركة في عملية الانتخاب والاختيار، كي لا يفسد اختيارهم (أي غير المعنيين بالاختيار) اختيار أهل الاختيار.  وقد يوظف الانتخاب بعد ذلك سياسياً في انتخاب الإمام أو النائب في البرلمان أو مهنياً كما في انتخاب نقيب المهندسين أو الأطباء.  ويلحظ أن الانتخاب أكثر ما يستخدم في باب السياسة الشرعية، والتي هي باب من أبواب فقه المعاملات في الفقه الإسلامي العام.

عن موقع حركة مجتمع السلم: بمناسبة استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية القادمة 07 سبتمبر 2024م، فإنَّ الواجب المعرفي يفرض علينا تناول مسألة الانتخابات من زاويةِ نظرٍ تأصيلية مبدئيةٍ مجرَّدة، بعيدةٍ عن حرية الموقف السياسي الاجتهادي والتقديري منها.  فالإسلام يتوفَّر على نظامٍ سياسيٍّ متكامل، ومنه وجوب وجود السُّلطة السِّياسية في الأمة، وهو ما يعني أنَّ الشريعة الإسلامية لا تؤمن بوجود الفراغ السياسي والمؤسساتي فيها، فقد نصَّ القرآن الكريم على وجود السُّلطة (أولي الأمر) ابتداءً قبل ترتيب الأحكام الشرعية اتجاهها، في قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم” (النساء 59)، ولولا وجودها ابتداءً لكلَّفنا الله بما هو غير موجود، وهو على الله مُحال، وقد نصَّ “ابن خلدون” (ت: 1406م) في “المقدمة” بأنها: “ضرورةٌ عقلية وفريضةٌ شرعية”، وأنَّ هناك قيمةً شرعيةً ومصلحةً دنيوية لهذه الضَّرورة البشرية، كما قال شيخ الإسلام “ابن تيمية” (ت: 1324م) في كتابه “السِّياسة الشَّرعية في إصلاح الرَّاعي والرَّعية” بقوله: (يجب أنْ يُعرف أنَّ ولاية أمر النَّاس من أعظم قربات الدِّين، بل لا قيام للدِّين ولا للدنيا إلا بها).  إلاَّ أنَّ ظاهرة السُّلطة ومعادلة الحكم وواجب الممارسة السِّياسة والانتخابية لا تتوقَّف على المعالجة الفقهية لمسائلها، إذْ أنَّ قضاياها تتجاوز ما هو منصوصٌ عليه شرْعًا، وهو ما يقتضي الاجتهاد في إعمال القواعد الكلية والمقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية، بالاعتماد على مصادر غير نقليةٍ للتشريع في المجال السِّياسي، وهو ما يتطلب الانتقال من “الفقه السِّياسي” إلى “الفكر السِّياسي” في الممارسة السِّياسية، ومن ذلك وضع رؤيةٍ تأصيلية لمسألة الانتخابات المعاصرة، كإحدى الآليات الاجتهادية في تطبيق مبدأ “البيعة” و”الشورى” في الإسلام، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف عن ضرورة إعطاء واجب الولاء إلى السلطة في الأمة في قوله عن البيعة السياسية لوليِّ الأمر: “مَن مات وليس في عُنُقه بيعةٌ مات ميتةً جاهلية”، فنحن بحاجةٍ إلى الجمع بين “السِّياسة الشَّرعية” و”الشَّرعية السِّياسية” لصالح الأمة.