اخر الاخبار
رعاية تتجاوز التعليم: مبرات التضامن في ذي قار تنسج حياة الأمل للأيتام عبر برامج متكاملة وشاملة

في محافظة ذي قار، حيث تختلط الجراح بالعطاء، تتقدم مدارس مبرات التضامن للأيتام كمشروع إنساني فريد يجمع بين الرعاية الشاملة والتعليم النوعي، حاملاً رسالة الرحمة والنهضة، عبر مكتب مبرات التضامن لرعاية وتأهيل الأيتام، الذي يشرف على إدارة عشر مدارس ابتدائية ومتوسطتين للبنات في أقضية ونواحي المحافظة.
لقد تجاوزت هذه المدارس المفهوم التقليدي للتعليم، لتصبح بيئة متكاملة تهدف إلى تنمية اليتيم من جميع الجوانب، عبر برامج متخصصة ودقيقة التخطيط، تستجيب لحاجاته النفسية والصحية والمعيشية، وتغرس فيه الثقة والانتماء والأمل.
البرنامج التعليمي والتربوي: المدرسة بيت ثانٍ للأيتام
منذ تأسيسها، شكّلت مدارس التضامن نقطة ارتكاز في حياة المئات من الأيتام، حيث وفّرت لهم تعليماً مجانياً بمناهج معزّزة بالمتابعة النفسية والتربوية.
ويحرص مكتب المبرات على إسناد الكوادر التعليمية بكفاءات تمتلك روح الرعاية، لا مجرّد نقل المعرفة، فيكون المعلم موجهاً وأباً وأخاً كبيراً. كما يتم تقديم دعم خاص للتلاميذ المتعثرين دراسياً، ودمجهم في برامج تقوية فردية، لضمان عدم تخلفهم عن أقرانهم.
البرنامج الصحي: العافية حق لليتيم وأسرته
في بيئة يعاني فيها اليتيم من هشاشة صحية ومعيشية، جاء البرنامج الصحي كأحد أبرز البرامج الأساسية في عمل المبرات، حيث أُطلق منذ العام 2012 لتوفير:
الفحوصات المجانية (الروتينية والخاصة).
التحاليل المختبرية والعلاجات.
المستلزمات الطبية للحالات المزمنة.
ضمان صحي مستمر بالتعاون مع مركز التضامن الصحي ومديرية الصحة.
كما تُخصص فرق متابعة لزيارة بعض الحالات منزلياً عند الحاجة، ما يُعزز ثقة الأسر الفقيرة بالمؤسسة، ويمنح اليتيم شعوراً بالأمان الصحي.
برنامج التغذية: وجبة تحفظ كرامة الطفل
إن الطفل اليتيم قد يذهب أحياناً إلى المدرسة على معدة خاوية، وهو ما انتبه له مكتب المبرات، فكانت وجبة الإفطار الصباحية اليومية مشروعاً إنسانياً يُنفذ بدقة، ويتنوع حسب توفر المواد، ليمنح الأطفال الطاقة اللازمة للدراسة ويشعرهم بالرعاية.
كما يُربط البرنامج الغذائي بمتابعة التغذية الصحية، وتوفير الماء النقي، وتقويم عادات الطعام لدى التلاميذ.
برنامج الكسوة والملبس: ملابس تزرع الفرحة
لا تقتصر الكسوة على منح الملابس فحسب، بل ترافقها طقوس فرح وتوزيع تحفظ كرامة اليتيم وتملأ قلبه بالأمل، حيث يوزع:
الزي المدرسي في بداية العام.
ملابس شتوية وصيفية مرتين سنويًا.
ملابس خاصة في الأعياد والمناسبات.
وتهدف هذه الكسوة إلى تعزيز شعور الاندماج لدى الأطفال، ومنع أي إحساس بالنقص أمام أقرانهم.
برنامج النقل: الوصول إلى المدرسة حق للجميع
في قرى بعيدة أو أحياء محرومة، يجد بعض الأيتام صعوبة في الوصول إلى مدارسهم. ولهذا أنشأ مكتب المبرات برنامج النقل لتأمين:
سيارات نقل آمنة ومكيفة.
سائقين موثوقين ومدربين.
متابعة يومية للانضباط في الحضور والانصراف.
هذا البرنامج أسهم في رفع نسبة دوام الأطفال بشكل كبير، ومنع التسرب الدراسي الناتج عن بُعد المسافة أو قلة الإمكانات.
البرنامج الترفيهي والثقافي: بناء الشخصية بالترويح والهوية
في عالم الطفولة، تُشكل المتعة والترويح ركناً أساسياً للنمو النفسي السليم. ولهذا وضعت المبرات برنامجاً ترفيهياً يضم:
رحلات دورية إلى مدن الألعاب.
زيارات للمواقع الأثرية والمزارات.
نشاطات فنية وأناشيد مدرسية.
مشاركات في احتفالات وطنية ودينية.
ويسهم هذا البرنامج في تعزيز ثقة اليتيم بنفسه، وتوسيع مداركه، وتكوين ذاكرة جمعية من الفرح والانتماء الوطني والديني.
رسالة إنسانية متكاملة: مكتب مبرات التضامن في قلب العمل الخيري والتنموي
إن ما يميز مكتب مبرات التضامن لرعاية وتأهيل الأيتام في ذي قار، هو شمولية الرؤية وعمق الأداء، حيث لا يُنظر إلى اليتيم كمجرد متلقٍ للمساعدة، بل كـ”إنسان له طموح وقدرة”، يجب أن يُمنح بيئة داعمة ليحقق ذاته.
ولهذا لا تتوقف البرامج عند حدود التعليم أو الغذاء، بل تمتد إلى التنشئة المتكاملة التي تضمن له فرصة عادلة في الحياة، عبر بناء بيئة مدرسية حاضنة ومحفّزة.
في هذه المبرات، نقرأ قصة “وطن مصغّر” يحتضن أبناءه بكرامة، ويمنحهم الحق في الحلم والتعلّم والفرح… قصة تُكتب كل يوم بماء الصدقة، وجهد الخيرين، وقلب العراق.