بسم الله الرحمن الرحيم
طرق إثبات المعاد عن طريق إثبات الروح .
إن من أهم الطرق لإثبات المعاد هو إثبات أن الإنسان ليس مجرد جسد مادي يفنى بالموت، بل هو مكوَّن من جسد وروح مجردة. فإذا ثبت وجود الروح المجردة، والتي يمكن لها أن تستقل عن الجسد، فإن القول بوجود حياة بعد الموت يصبح أمرًا معقولًا ومقبولًا.
ما المقصود بالروح المجردة؟
الروح المجردة هي جوهر غير مادي، لا يخضع لقوانين المادة كالتجزئة أو التمدد، ويمكن له أن يستمر في الوجود حتى بعد فناء الجسد. وهذا ما يشير إليه القرآن الكريم في قوله تعالى:
“وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد؟” [السجدة: 10]
أي بعد أن يتحلل الجسد ويفنى، هل يمكن أن نُخلق من جديد؟
الجواب: نعم، لأن حقيقة الإنسان محفوظة في روحه، لا في جسده فقط.
⸻
كيف نثبت وجود الروح؟
هناك طريقتان لإثبات ذلك:
1. الدليل العقلي
2. الدليل النقلي (القرآن الكريم والنصوص الشرعية)
ونبدأ هنا بالبرهان العقلي، لأن العقل حاكم أولي على صحة النقل.
⸻
البرهان العقلي: نوعا الإدراك
لدى الإنسان نوعان من الإدراك:
● الإدراك الحسي (الظاهري):
وهو ما ندركه عبر الحواس الخمس؛ مثل رؤية الألوان، سماع الأصوات، الشعور بحرارة أو برودة، أو تذوق طعام.
● الإدراك الوجداني (الباطني):
وهو ما نشعر به داخلنا مباشرة، مثل الخوف، الفرح، الحب، الإرادة، الشعور بالذات، الإحساس بالذنب أو الراحة…
هذه لا ندركها عبر الحواس، بل نحس بها إحساسًا مباشرًا.
⸻
الفارق الجوهري بين الإدراكين:
• الإدراك الحسي قابل للخطأ، كما لو رأيت لون يدك مائلًا للسواد بسبب ضعف الإضاءة.
• أما الإدراك الوجداني فهو يقيني، لا يُخطئ، لأنك لا تشك في أنك خائف أو فرح، بل تحسّ ذلك بوضوح.
وهذا النوع من العلم يُسمى العلم الحضوري، لأنه حضور الشيء في النفس مباشرة، لا عن طريق صورة ذهنية.
⸻
النتيجة:
إذا كان الإنسان يدرك في نفسه مشاعر وأفكارًا لا ترتبط بالحواس ولا بالجسد المادي، فإن هذه المدركات ترتبط بجوهر آخر، هو الروح.
⸻
أدلة إضافية تؤكد وجود الروح:
1. إدراكنا للـ “أنا” أو الذات إدراك مباشر، بخلاف إدراكنا لأعضائنا الذي لا يتم إلا بالحواس.
إذًا الذات غير الجسد.
2. الروح وحدة بسيطة، لا تنقسم، بخلاف الجسد الذي يتألف من أعضاء قابلة للتجزئة.
3. المشاعر النفسية (كالخوف، الحب، الإرادة) لا تشغل حيزًا في المكان، ولا يمكن قياس حجمها أو تقسيمها.
وهذا دليل على أنها ليست من طبيعة مادية.
⸻
ومن الشواهد الملموسة على وجود الروح:
• الأحلام، حيث يرى الإنسان أشياء ويتفاعل معها رغم أن بدنه ساكن.
• ظاهرة تحضير الأرواح، وكرامات الأولياء.
• والإلهامات التي يتلقاها بعض المؤمنين .
كل ذلك يشير إلى وجود بعد آخر في الإنسان، غير مادي، هو الروح، والتي تبقى بعد فناء الجسد، فتكون وعاءً للمعاد.
2- الدليل النقلي ( شواهد قرآنية ) .
( ونفخ فيه من روحه ) السجدة ٩
( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم الي ربكم ترجعون ) السجدة ١١
(…… إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم اخرجوا انفسكم ) الانعام ٩٣
دروس حوزوية.
السيد مصطفى مرتضى .