اخر الاخبار

على أنقاض الحسينيات المدمرة الجنوب اللبناني يحيي عاشوراء الحسين (ع)

هي كربلاء، محطةٌ سنويةٌ مع سيد الشهداء، يجدد من خلالها المؤمنون بيعتهم، ويؤكّدون فيها التزامهم بهذا النهج الحسيني، وهذا ما تجلى اليوم في قرى الحافة الأمامية، فرغم كل الظروف الصعبة، من تدمير للحسينيات والمساجد ورغم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، لا يزال صدى هيهات يصدح في المجالس، في رسالة قوية ليزيد العصر، بأن أبناء هذه القرى ثابتون على نهج التضحية والمقاومة، ولن يبدلوا تبديلا.

وفي هذا السياق، وحول الإحياءات العاشورائية في قرى الحافة الأمامية، قال عضو المجلس البلدي في بلدة ميس الجبل الإعلامي محمد زهر الدين في حديث  لوكالة “شفقنا” تابعته وكالة نون إنّ “الواقع في ميس الجبل مأساوي جداً لناحية آثار الحرب والعدوان الأخير؛ حيث أن حجم الدمار كبير للغاية، فقد تدمّر أكثر من 70% من البلدة، وهذا التدمير طال المدارس، والمؤسسات الرسمية، والبنى التحتية، والمنازل، والمؤسسات التجارية، والأحياء السكنية التي دُمّرت بالكامل”، مشيرًا إلى أن الدمار لحق أيضًا “بالمساجد والحسينيات ودور العبادة جميعها، من دون أي استثناء، على سبيل المثال، مجمع الإمام الرضا في ميس الجبل، المكوّن من ثلاث طبقات دُمّر بالكامل،ومجمع العلامة الشيخ محمد علي قبلان، الذي يضم أيضاً مسجد الشيخ موسى قبلان، وهو مبنى مكوّن من ست طبقات، وفي داخله حوزة علمية، وحسينيات للرجال والنساء، دُمّر أيضاً بشكل كامل، وكذلك، حسينية السيدة الزهراء التي كانت قد دُمّرت في عدوان عام 2006، ثم أعيد إعمارها، عادت وتعرّضت للتدمير الكامل مجدداً في هذا العدوان، إضافة إلى جامع الإمام علي “ع” في الحي الغربي، أيضاً الذي كان قد دُمّر في العام 2006، وأُعيد بناؤه، لكنه دُمّر مرة أخرى الآن” و “كذلك تم تدمير حسينية الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري بالكامل.

ولفت زهر الدين إلى أنّه “فيما يتعلق بموضوع عاشوراء، فإننا في العام الماضي، وبسبب حرب الإسناد وتهجير الأهالي، وبسبب ظروف الحرب التي كانت قائمة في القرى الحدودية، وتحديداً في ميس الجبل والمناطق المحيطة بها، لم تكن هناك إمكانية لإقامة مراسم عاشوراء، غير أن إحياء يوم العاشر من محرم تمّ العام الماضي في ميس الجبل، رغم كل الظروف، وبحضور حشد من الأهالي الذين خرجوا من منازلهم رغم الخطر وشاركوا في المراسم”، مشيرًا إلى أنّه “في هذا العام، فالوضع مختلف، إذ يقيم حالياً في ميس الجبل نحو أربعمائة عائلة بشكل دائم، بالإضافة إلى بعض العائلات التي تتنقّل بين البلدة وخارجها. بينما في الأيام العادية، كانت ميس الجبل تضمّ حوالي ألفي عائلة مقيمة بشكل دائم وكانت الأعداد ترتفع إلى نحو أربعة آلاف خلال فصل الصيف والمناسبات”.

 

وأردف: رغم كل الدمار، ورغم ما حلّ بالبلدة، ورغم العدد الكبير من الشهداء الذين تجاوز عددهم 125 شهيداً، بل قرابة 130 شهيداً خلال هذه الحرب، من المقاومين ومن المدنيين، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة في القطاعات التجارية والصناعية والزراعية، والدمار الهائل الذي لحق بالبلدة، فإن أهالي ميس الجبل، كما هو حال معظم قرى جبل عامل، لا يزالون متمسكين بخط ولاية الإمام علي عليه السلام، وبنهج الإمام الحسين عليه السلام”، مؤكّدًا أن الأهالي “مصرّون على إحياء المجالس الحسينية ومراسم عاشوراء، بالزخم نفسه، بل وبحرارة وإصرار وعزيمة أكبر. وإنهم يصرّون على إحياء هذه المجالس رغم الاعتداءات اليومية. فميس الجبل تتعرض بشكل يومي للاعتداءات وفي اول أيام العزاء كان هناك تشييع شهيد جديد من أبناء البلدة، وهناك اعتداءات مستمرة على الأهالي، من تفجير للمنازل وغارات من الطائرات المسيّرة، وكذلك إطلاق النار من أسلحة رشاشة تطال البيوت والسكان، في ظل تحليق دائم للطائرات المسيّرة، ورغم كل هذه الاعتداءات، فإن أهالي ميس الجبل يصرّون على إحياء هذه المناسبة التي تعني لهم الكثير، وقد ورثوها أباً عن جد، ويزداد الإحياء يوماً بعد يوم”.

وقال زهر الدين: “يوميًا لدينا إحياء، حيث تم استحداث خيمة حديد بإسم الإمام الإمام الرضا “ع”، وبمحيط مجمع الإمام الرضا “ع” الذي دمر ونسف بالكامل، وهي عبارة عن حوال 800 متر لإحياء عاشوراء بفضل أصحاب الايادي البيضاء وأهالي البلدة الخيرين، ويتسع للمئات”، لافتًا إلى أنّه في أول أيام الإحياء كان الحضور ممتاز جدًا إذ حضر أكثر من 600 شخص، ومنهم من يحضر وبعد انتهاء المجلس يعود إلى المكان الذي نزح إليه ويستقر فيه في الوقت الحالي “.

وأضاف:” كما يوجد إحياء على نصب الشهداء في البلدة حيث تقام مجالس حسينية يوميًا، مؤكّدًا ان الدمار لم يمنع أيضًا انتشار المضائف على جوانب الطرقات لتوزيع ما تيسر على حب الإمام الحسين “ع””.

لم تنجح إسرائيل بكسر إرادة الجنوبيين، ولم تنزع من قلوبهم كربلاء ولا التمسك بالأرض، بل زادتهم التضحيات والغارات والاعتداءات المستمرة قوةً، وصلابةً وعزيمةً على التمسك أكثر بنهج الإمام الحسين “ع”، الذي أبى أن يرضخ للظلم ورفض الانكسار ، وبذل من أجل ذلك روحه وعياله.