اخر الاخبار

عزى ممثل المرجعية العليا في اوربا السيد مرتضى الكشميري العالم الإسلامي بمناسبة شهادة سبط الرسول وريحانته الحسين بن علي (ع) ، مؤكدا ان الحسين (ع) مشروع إلهي لرفض الظلم والانحراف وإحياء دين جده المصطفى (ص) .
تمر على شهادةالامام الحسين (ع) واهل بيته واصحابه الكرام 1386سنة ما يقارب من 14 قرن، وصدى صرخته لا يزال يتردد في اذان المسلمين والمؤمنين واحرار العالم (الا من ناصر ينصرني)، ولم تكن هذه الصرخة صرخة استغاذة من رجل مهزوم او حزين، بل كانت نداءا للضمير الإنساني والإسلامي في كل زمان ومكان، ودعوة مفتوحة للتفكر ماذا يريد منا الحسين (ع) اليوم؟
الجواب
أولا:
يريد منا الامام الحسين (ع) ان نكون امة حرة واعية ترفض الذلة والاستعباد لقوله (ع) في يوم عاشوراء :
“ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة.”
فأول ما أراده الامام الحسين (ع) من الأمة الحرية: حرية الضمير، وحرية الكلمة، وحرية القرار.
يريد من المسلمين اليوم أن لا يخضعوا للطغاة والمستبدين، وأن لا يقبلوا الذلّ ولو باسم الأمن أو المصالح أو الوحدة الزائفة، وان نكون رافضين لانواع الظلم والجور والطغيان ومسمياته وانواعه ، وبهذا كان صوته هارا (من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله) من اجل هذا نهض (ع).
ثانيًا: يريد منا الامام الحسين (ع) اليوم ان نكون أمةً موحدة على أساس الحق لا التزييف
لقد كان الامام الحسين عليه السلام ابن بيت الوحدة والرحمة، بيته بيت علي وفاطمة، بيت القرآن والعدل، لكنه ثار حين رأى الإسلام وقد تحوّل إلى مظاهر وشعارات بلا روح، والخلافة إلى ملك عضوض يُشترى ويُباع.
ومن المؤسف ان نرى الامة الإسلامية هذا اليوم:
• تمزّقها النزاعات الطائفية والمذهبية.
• يقتل بعضها بعضًا باسم الدين.
• يُسكت صوت الحق باسم الحفاظ على الوحدة.
يريد الامام الحسين (ع) منا أن تتوحّد الأمة على مبدأ لا على نفاق، أن يكون الإسلام وسيلة للتآخي لا للتفريق، وأن يُعاد القرآن إلى ميدانه الحقيقي كدستور حياة، لا كمجرد نص يُزيّن الجدران.
يريد أن تُبنى الوحدة على أساس الصدق، والعدالة، ونبذ الفساد، ومحبة أهل البيت لا بإقصائهم أو التعتيم عليهم.
ثالثًا: يريد منا الامام الحسين (ع) إسلامًا يعيش في السلوك لا في الشعارات
لم يكن الحسين عليه السلام خارجًا لأجل سلطة أو مكسب دنيوي، بل قالها صريحةً:
“إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.”
يريد الحسين من الأمة الإسلامية اليوم أن:
• تترجم صلاتها إلى عدالة.
• تصنع من حجها تقوى.
• تجعل من صيامها صبراً على المعاصي لا على المظالم.
• تقرن حبّ الحسين بسلوك الحسين، ودمعة الحسين بخط الحسين.
يريد من المسلمين أن لا يختزلوا الدين في المظاهر، بل أن يعيدوا الدين إلى دوره في بناء المجتمعات، ومحاسبة الظالمين، ونصرة الضعفاء، والتكافل بين المسلمين.
رابعًا: يريد منا الامام الحسين (ع) نهضة فكرية وإصلاحية تتحدى الجهل والجمود
الحسين عليه السلام لم يخرج في فراغ، بل في بيئة امتلأت بالجهل، وتحوّلت فيها السلطة إلى أداة لتضليل العقول وتكريس الباطل.
والى هذا أشار (ع) بقوله (ألا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا).
وفي هذا الزمن، لا يقلّ الجهل خطرًا، بل يتجدد بأشكال معاصرة:
• جهل باسم الدين يروّج للتكفير والعنف.
• جهل ثقافي يجعل الناس عبيدًا لوسائل التواصل والإعلام الزائف.
• جهل سياسي يُسكت الأمة عن جرائم الطغاة.
الحسين عليه السلام يريد من الأمة أن تنهض فكريًا، أن تبني مدارسها وجامعاتها على الفكر الإسلامي الأصيل، أن تُربّي أبناءها على الوعي لا على الخضوع، وعلى التساؤل لا على التلقين.
إنه يريد أن تعود الأمة إلى منهج الامام علي (ع) ، وفقه الامام الباقر (ع) ، وعقل الامام الصادق (ع) ، وثقافة الامام السجاد (ع) ، فهؤلاء الأئمة هم الامتداد العملي لكربلاء، وهم أئمة الفكر إلى جانب الإيمان.
خامسًا: يريد الامام الحسين (ع) أن تبقى قضيته حيّة في الوجدان والواقع
قال الإمام الصادق عليه السلام:
“أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا.”
يريد الإمام الحسين من الأمة الإسلامية أن لا تكتفي بذكره مرة في السنة، بل أن تُبقي ذكراه حيّة:
• في الفكر والثقافة.
• في الإعلام والتربية.
• في السلوك اليومي والسياسة العامة.
• في كل قضية حق ومظلومية.
يريد من الشعائر الحسينية أن لا تكون مجرد طقوس حزينة، بل ممارسات وعيٍ، ومناخات تربية، ومواقف ناهضة.
وأن يتحوّل حب الحسين إلى حافز لمقاطعة الظالمين، ونصرة المظلومين، وإحياء خط الأنبياء.
لم تكن كربلاء حدثًا منقطعًا، بل هي رسالة مفتوحة إلى العالم الإسلامي، وإلى كل إنسان يحمل في قلبه بذرة ضمير.
والإمام الحسين عليه السلام لم يستشهد ليدفن، بل ليستنهض، وليجعل من دمه منارًا لكل من أراد الحياة بكرامة.
وإذا كان الحسين يوجّه اليوم سؤاله إلى الأمة:
“هل من ناصر ينصرني؟”
فإنه لا يريد دمًا يُراق، بل وعيًا يُستثار، وموقفًا يُتخذ، وطريقًا يُسلك.
يريد من الأمة الإسلامية اليوم أن تعود إلى ذاتها، وأن تستنشق عبير الكرامة من رائحة تربته، وأن تُقيم العدل في الأرض مستنيرةً بنهجه، لتستحق أن تكون بحق:
((خير أمة أُخرجت للناس)).
نسال من المولى سبحانه ان يجعلنا من السائرين على خطه والمنتهجين منهاجه انه سميع مجيب.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولادِ الحسين وعلى اصحاب الحسين.