اخر الاخبار

كلمات متقاربة الحروف مختلفة المعنى في القرآن الكريم (أمتا، أمتنا) (ح 3)‎

د. فاضل حسن شريف

تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى “لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا” ﴿طه 107﴾ “لا ترى فيها عوجا” انخفاضا “ولا أمْتا” ارتفاعا.

جاء في معاني القرآن الكريم: موت أنواع الموت بحسب أنواع الحياة: فالأول: ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة في الإنسان والحيوانات والنبات. نحو قوله تعالى: “يحيي الأرض بعد موتها” (الروم 19)، “وأحيينا به بلدة ميتا” (ق 11). الثاني: زوال القوة الحاسة. قال: “يا ليتني مت قبل هذا” (مريم 23)، “أئذا ما مت لسوف أخرج حيا” (مريم 66). الثالث: زوال القوة العاقلة، وهي الجهالة. نحو: “أومن من كان ميتا فأحييناه” (الانعام 122)، وإياه قصد بقوله: “إنك لا تسمع الموتى” (النمل 80). الرابع: الحزن المكدر للحياة، وإياه قصد بقوله: “ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت” (إبراهيم 17). |الخامس: المنام، فقيل: النوم موت خفيف، والموت نوم ثقيل، وعلى هذا النحو سماهما الله تعالى توفيا. فقال: “هو الذي يتوفاكم بالليل” (الانعام 60)، والموتة: شبه الجنون، كأنه من موت العلم والعقل، ومنه: رجل موتان القلب، وامرأة موتانة.

عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى عن أمتنا: “قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ” ﴿غافر 11﴾ ضمير قالوا يعود إلى أهل النار، والموتة الأولى قبل خروجهم من بطون أمهاتهم، والثانية الموت المعهود، أما حياتهم الأولى فهي حياتهم في الدنيا، والثانية البعث بعد الموت، والمعنى ان أهل جهنم يتضرعون إلى اللَّه، وهم في قعرها معذبون، يتضرعون إليه تعالى ويقولون: إلهنا أنت القادر على كل شيء. أوجدتنا في الدنيا، ثم أخرجتنا منها بالموت، ثم بعثتنا بعده، ونحن الآن بين يديك نادمين معترفين بالخطايا والذنوب، فهل من سبيل إلى منك وكرمك بالخروج من النار، ولك عهد الطاعة والامتثال؟

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن أمتنا: “قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ” ﴿غافر 11﴾ عندما يشاهد المجرمون أوضاع يوم القيامة وأهوالها، ويرون مشاهد الغضب الإلهي حيالهم، سينتبهون من غفلتهم الطويلة ويفكرون بطريق للخلاص، فيعترفون بذنوبهم ويقولون: “قالوا ربّنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل”. عندما تزول حجب الغرور والغفلة، وينظر الإنسان بالعين الحقيقية، فلا سبيل عندها سوى الإعتراف بالذنوب. إنّ هؤلاء كانوا يصرون على إنكار المعاد، ويستهزئون بوعيد الأنبياء لهم، ولكن بعد توالي الموت والحياة لا يبقى مجال للإنكار، وقد يكون سبب تكرارهم للموت والحياة، أنّهم يريدون القول: يا خالقنا الذي تملك الموت والحياة، أنت قادر على أن تعيدنا إلى الدنيا مرةٌ اُخرى كي نعوّض ما مضى. ذكر المفسرون عدّة تفاسير حول المقصود من قوله تعالى: “أمتنا اثنتين” و “أحييتنا اثنتين” ومن بين هذه التفاسير هناك ثلاثة آراء نقف عليها فيما يلي: أوّلا: أن يكون المقصود من “أمتنا اثنتين” هو الموت في نهاية العمر، والموت في نهاية البرزخ. أمّا المقصود من (أحييتنا اثنتين) فهي الإحياء في نهاية البرزخ والإحياء في القيامة. ولتوضيح لذلك، نرى أنّ للإنسان حياة اُخرى بعد الموت تسمى الحياة البرزخية، وهذه الحياة هي نفس حياة الشهداء التي يحكي عنها قوله تعالى: “بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” (آل عمران 169)، وهي نفس حياة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة من أهل البيت عليهم السلام، حيث يسمعون سلامنا ويردون عليه. وهي أيضاً نفس حياة الطغاة والأشقياء كالفراعنة الذين يعاقبون صباحاً ومساءً بمقتضى قوله تعالى: “النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا” (غافر 46). ومن جانب آخر نعرف أنّ الجميع، من الملائكة والبشر والأرواح، ستموت في نهاية هذا العالم مع أوّل نفخة من الصور: “فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ” (الزمر 68). ولا يبقى أحد سوى الذات الإلهية (بالطبع على خلاف ما أوضحناه في نهاية الآية (86) من سورة الزمر بين موت وحياة الملائكة والأرواح، وبين موت وحياة الإنسان). وعلى هذا الأساس فإنّ هناك حياة جسمانية وحياة برزخية، ففي نهاية العمر يحل الموت بحياتنا الجسمانية ; لكن في نهاية العالم يحل بحياتنا البرزخية. يترتب على ذلك أن تكون هناك حياتان بعد هذين الموتتين: حياة برزخية، وحياة في يوم القيامة. وهنا قد يطرح البعض هذا السؤال: إنّنا في الواقع نملك حياة ثالثة هي حياتنا في هذه الدنيا، وهي غير هاتين الحياتين، وقبلها أيضاً كنّا في موت قبل أن نأتي إلى هذه الدنيا، وبهذا سيكون لدينا ثلاث موتات وثلاثة إحياءات. ولكن الجواب يتوضح عند التدقيق في نفس الآية، فالموت قبل الحياة الدنيا (أي في الحالة التي كنّا فيها تراباً) يعتبر “موتاً” لا “إماتة” وأمّا الحياة في هذه الدنيا فالبرغم من أنّها مصداق للإحياء، إلاّ أنّ القرآن لم يشر إلى هذا الجانب في الآية أعلاه، لإنّ هذا الإحياء لا يشكّل عبرة كافية بالنسبة للكافرين، إذ الشيء الذي جعلهم يعون ويعترفون بذنوبهم هو الحياة البرزخية أوّلا، والحياة عند البعث ثانياً.

جاء في موقع الالوكة الشرعية عن تفسير: “لا ترى فيها عوجا ولا أمتا” (طه 107): الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: “لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا” (طه 107) انخفاضًا وارتفاعًا. تفسير البغوي (معالم التنزيل): “لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا” (طه 107) قال مجاهد: انخفاضًا وارتفاعًا. وقال الحسن: العوج: ما انخفض من الأرض، والأمت: ما نشز من الروابي، أي: لا ترى واديًا ولا رابيةً، قال قتادة: لا ترى فيها صدعًا ولا أكمةً.