د. فاضل حسن شريف
جاء في صوت الجالية العراقية بتأريخ 19 نيسان 2025 للكاتب محمد الناصري: من منبر خطبة الجمعة في الناصرية دعوة لتأسيس مجلس وطني لتشخيص المصلحة العامة: من على منبر خطبة الجمعة في جامع الشيخ عباس الكبير وسط مدينة الناصرية، طرح سماحة الشيخ محمد مهدي الناصري، في خطبة يوم الجمعة الموافق 18 نيسان 2025، مبادرة وطنية لافتة تمثلت في الدعوة إلى تأسيس مجلس تطوعي لتشخيص مصلحة البلد، يتألف من شخصيات كفوءة من مختلف الاختصاصات، يعمل من دون رواتب أو امتيازات. وحدد الشيخ الناصري انطلاق هذه الفكرة من محافظة ذي قار كنواة أولى، بهدف أن تتوسع لاحقاً لتشمل عموم محافظات العراق. ويضطلع المجلس المقترح بمهمة تقييم القضايا المثيرة للجدل، وتقديم رؤية مهنية مستقلة للدولة، تنقل صوت الشارع وتوجهات الرأي العام إلى صناع القرار، بعيداً عن الضغط السياسي أو الحزبي.
جاء في موقع مجلة المجتمع عن دروس قرآنية في مواجهة التحديات وبناء الشخصية للكاتبة فاطمة عبده: لقد منح الله تعالى الإنسان كل مقومات الكمال والتقدم، ليكون انعكاسًا لعظمة خالقه، و ليؤدي دوره كخليفة على الأرض ومسؤول عن إعمارها، فقد وهبه القدرة على الإدراك والتفكير، ليتعرف على أنظمة الكون وقوانين الوجود، ويستكشف كنوز الطبيعة وإمكانات الحركة والفعل، وسخر له الأرض ومكنه من استغلال مواردها، وفتح أمامه آفاق السماء، وأخضع له الكون بما فيه، وزوّده بلياقة جسدية مذهلة تجمع بين قدرات الحواس والأعضاء وبين جمال الشكل وبديع التصميم. وقد عبر القرآن الكريم عن هذا التميز الإنساني في قوله تعالى: “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ” (التين 4)، فلو كانت هناك مواصفات أرقى أو مقومات أعلى لما ادخرها الله تعالى لمخلوق آخر غير الإنسان، فهو أرقى تعبير عن عظمة الخالق وقدرته. وتكمن مشكلة الإنسان في غفلته عن مقومات كماله، وإهماله لنقاط قوة وجوده، مما يفقده التمتع بميزات موقعيته العالية الرفيعة، وينحدر به إلى قاع الضعف والهوان، ليصبح مصداقًا لقوله تعالى: “ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ” (التين 5). وبين الارتقاء إلى مستوى أحسن تقويم والانحدار إلى أسفل سافلين، يقع مضمار سباق ومعترك صراع، تتفاوت فيه درجات الصعود ودركات الهبوط. إرادة التغيير مفتاح التقدم والتميّز بين البشر: وعند استعراض سجلات التاريخ ومراقبة الواقع المعاصر، نجد تفاوتًا بين البشر، أفرادًا ومجتمعات، فهناك من أحرزوا التقدم وحققوا الكمال في مجالات متعددة، معنوية ومادية، وهناك من يقبعون في التخلف، يراوحون مكانهم دون إنجاز يُذكر. ويكمن سر هذا التفاوت في أعماق النفس البشرية، في إرادة التفكير وعزيمة الفعل، فالإنسان يصنع واقعه بقراراته وإرادته، رغم تأثير الظروف الخارجية والعوامل المحيطة به، فإن هذا التأثير يبقى محدودًا، ولا يلغي مسؤولية الإنسان ولا يجرده من قدرته على التحدي والمقاومة. لذا، فإن ما يحتاجه الإنسان أكثر من أي شيء آخر هو التوجه نحو ذاته، واستكشاف مواهبه، والسعي لتفعيل طاقاته، واستخدام إرادته كسلاح في مواجهة العوائق والتحديات، فهو المسؤول عن تقدمه أو تخلفه، وهو الذي يملك مفاتيح النجاح، سواء كان فردًا أو جزءًا من المجتمع.
وتستطرد الكاتبة فاطمة عبدة قائلة: الأساليب القرآنية في بناء الشخصية: ولأن بناء الشخصية أمر جوهري لتحقيق هذا النجاح، جاء النهج القرآني ليرسم للأمة طريقًا واضحًا لنهضتها وتقدمها، من خلال أساليب متعددة ومتنوعة، تسهم في بناء شخصية الإنسان وصقلها، فقد تمثل هذا النهج في أساليب مثل الخطابة، والقصص، والتمثيل العملي، وضرب الأمثال، والعظة، والموعظة، والحوار، واستخدام اللين والشدة عند الحاجة، لتوجيه الإنسان نحو الكمال وتحقيق أفضل ما لديه. وجاءت الأساليب في القرآن الكريم متعددة ومختلفة ومتنوعة، ليتسنى اختيار الوسيلة المنسجمة مع الأوضاع المختلفة، ومع الأشخاص المختلفين، فيتخذ كل فرد من أفراد الأمة الوسيلة المناسبة لطاقاته وإمكاناته، ومع المستويات المراد إصلاحها من ظرف لظرف، ومن محيط لآخر، أو ينوع الوسائل مع المراد إصلاحهم، تبعًا لاختلاف الأمزجة، واختلاف مستويات التلقي والقبول، واختلاف الأجواء، ولذلك تنوعت الأساليب وكان من أهمها ما يأتي: – التنوع في الخطاب: حفلت آيات القرآن الكريم بالخطابات والبيانات التي تخاطب العقول والمشاعر والإرادة، لتفتح أمامها عناصر الخير والصلاح، وتطارد عناصر الشر والانحراف، وتستثير النفس الإنسانية لحالة الحذر من مزالق الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، حيث تعددت أشكال الخطاب الموجهة من الله تعالى، ومقاصد الأسئلة القرآنية العامة، التي لم تكن موجهة إلا من الله لجميع خلقه، أو لجميع المؤمنين، أو لجميع الناس. ومن فوائد أسلوب الخطاب أنه يثير عواطف الإنسان، فالتأثير العاطفي بمعاني القرآن قد بلغ التأثير برسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغًا عظيمًا، وذلك عندما قرئ عليه قوله تعالى: “فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا” (النساء 41)، وقال للقارئ: (حسبك). – التشويق القصصي: حفلت آيات القرآن الكريم أيضًا بأحسن القصص منذ النشأة الأولى للبشرية، والقصة بطبيعتها تشد المستمع إليها وتجعله متعلقًا بسمعه ووجدانه بها، متتبعًا لأحداثها وتسلسلها، وتجعله دائم التأمل في مفاهيمها ومعانيها، والتأثر بأبطالها وشخصيتها، وتبقى عالقة في ذهنه ووجدانه، لسهولة حفظها ونقلها. والقصة القرآنية تمتاز بمميزات جعلت لها آثارًا نفسية وتربوية بعيدة المدى على مر الزمن، مع ما تثيره من حرارة العاطفة، ومن حيوية وحركية في النفس، تدفع الإنسان إلى تغيير سلوكه وتحديد عزيمته بحسب مقتضى القصة وتوجيهاتها وخاتمتها، والعبرة منها.
تكملة للحلقة السابقة جاء في موقع الدراسات التخصصية للشهيد الصدر عن مقابلة مع الشيخ الناصري: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله الميامين بمناسبة أسبوع المرجع الشهيد الصدر رضوان الله عليه، يجري قسم الإعلام في المجلس الشيعي الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، محاورة مع مجموعة من تلامذة ومعارف الشهيد الصدر ليبينوا للجماهير المسلمة، الدور الجهادي والعلمي والسياسي الذي تصدى له السيد الشهيد لإنضاج الحركة الإسلامية في العراق والعالم وتهيئتها لمجابهة المخططات المعادية للإسلام والمسلمين، والآن نلتقي فضيلة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد باقر الناصري ليجيب على الأسئلة الآتية: س3: ما هو دور الشهيد الصدر قدس سره في إنضاج الحركة الإسلامية في العراق؟ نعم، لعلّي أشرت في السؤال السابق إلى أن الأمّة كانت تعيش صحوة إسلامية إلا أنها كانت تفتقد أموراً منها التنظيم والتنسيق في الأعمال، فإن الأمّة خسرت منذ حرب الشعيبة وفي ثورة العشرين وفي الثورات والانتفاضات الأخرى خسرت كثيراً من المواقع بسبب عدم وجود حركة إسلامية واعية تستقطب العمل وتأخذ زمام المبادرة، وبهذا كانت الأمّة في أواخر الأربعينات تتجه إلى ضرورة وجود حركة إسلامية واعية، وكان شهيدنا الصدر مظهراً من المظاهر لتلك الصحوة وذلك الاتجاه السليم، وقد تبنّى فكرة الحركة الإسلامية وأكد ضرورتها وسعى لبنائها، واستجاب لتوجيهاتها جملة من علماء المناطق في العراق وفي لبنان وفي إيران وفي بلدان الخليج من أبناء الأمّة من المرتبطين بمرجعية النجف وبعلماء النجف، كما أن هذه الطليعة الواعية من أبناء الأمّة في العراق من المفكرين والأساتذة والطلاب والطبقات الأخرى من أبناء الأمّة الإسلامية كانت تشعر بضرورة وجود الحركة الإسلامية وبضرورة التنظيم لمجابهة الاستعمار وحيله، وكما يقال لا ينتشر الهدى إلا من حيث انتشر الضلال، ولما كان أعداء الإسلام يتخذون من الصيغ الجماعية ومن الأعمال الحركية وسيلة لتثبيت أفكارهم وفلسفاتهم كان الحري بالإسلاميين وبالعلماء أن يستعينوا بالوسائل التي لا تخالف الشرع، وقد سعى سيدنا في تثبيت هذا المفهوم وزرْعه في أوساط الأمّة، فانبعثت حركة إسلامية واعية مفكّرة كان نتاجها بمختلف الأوساط، واستجاب جملة من العلماء ومن وكلاء السيد الصدر أعلى الله مقامه، وقد أحصي على ما بلغني أن مائة عالم في العراق من وكلاء المناطق والعلماء الهامين هم كانوا من أعضاء الحركة الإسلامية ومن المرتبطين بمرجعية الإمام الشهيد الصدر أعلى الله مقامه، هؤلاء كلهم كانوا يؤمنون بأفكار الشهيد الصدر التي كانت تتبنى الحركة الإسلامية، وبرزت ثمار هذه الحركة طيلة العشرين عاماً التي تلت ذلك التحرك، يعني من أواخر 59 إلى 79 عاشت الأمّة وعرفت الشباب الواعي والمثقف والجامعي والطبقات الواعية من الكسبة ومن الفلاحين ومن العمال وانصهروا في الحركة الإسلامية مما أقلق الاستعمار وأعوانه، وأكثر من وجود الانقلابات كله لأجل الوقوف في وجه الحركة الإسلامية الواعية في العراق، لهذا فأنا أشهد وكل أبناء الأمّة المخلصين يشهدون أن الإمام الشهيد الراحل السيد الصدر أعلى الله مقامه عاش هاجس ضرورة الحركة الإسلامية وتدرك هذا وتعي فضل وأبوّة وتأسيس الشهيد الصدر لحركتها المباركة.