يشاطر ممثل المرجعية العليا في اوربا السيد مرتضى الكشميري العالم الاسلامي احزانه بشهادة تاسع أئمة المسلمين الامام محمد بن علي الجواد (ع)، قائلا ،ان النبوة والامامة منصب الهي يختاره الله لمن شاء من عباده ممن تجتمع فيهم صفة الكمال حتى وان لم يبلغ الحلم كنبي الله يحيى وعيسى (ع) والائمة الثلاثة الامام الجواد والامام الهادي والامام المهدي (ع)
يوافق يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام يوم ذكرى شهادة الامام الجواد (ع)، وقد اتشحت المؤسسات والمراكز الإسلامية والمآتم في العالم بالسواد حدادا على تاسع أئمة الهدى (ع)، وبهذه المناسبة الأليمة عقد مركز الامام الجواد (ع) في بيرمنغهام مجلس العزاء جريا على المعتاد في كل سنة، وقد شارك فيه المؤمنون من مختلف الجاليات ليشنفوا اسماعهم بما لهذا الامام من مزايا ربانية قد أبهرت علماء عصره ولم يتجاوز العقد الأول من عمره الشريف ، ومثل ذلك ما كان لولده الامام الهادي (ع) وحفيده الامام المهدي (عج) كما جرى من قبل للنبيين الكريمين يحيى وعيسى (ع) اللذين ذكرهما الذكر الحكيم بقوله عز من قائل: ((يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا)) وقوله على لسان عيسى (ع): ((إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا)).
وقد تسلم الإمام الجواد (ع) منصب الامامة وهو ابن تسع سنين وبهذا كان وجوده الشريف من اعظم البركات على مدرسة اهل البيت (ع) واتباعها، وكان من اثار هذه البركة المجلس الذي عقد في المدينة وحضره اقطاب الشيعة من مختلف الأمصار لمعرفة ما اذا كان وهو بهذا السن (9 سنوات) قادرا على تسنم هذا المنصب الإلهي الرفيع إماما بعد ابيه الامام الرضا (ع)، فتوجهوا اليه بالمسائل المختلفة وهو يجيبهم عليها بدون تردد بقدرة علمية فائقة حتى اذعنوا له بالإمامة وعلموا بانه هو الشخص المؤهل لذلك بعد ابيه (ع)، وانه من اهل بيت لا فرق بين صغيرهم وكبيرهم في هذا المقام.
ولهذا نرى المأمون العباسي قد شغف به وزوجه من ابنته ام الفضل فاعترض عليه العباسيون بقولهم: (دعه يكبر ويتعلم واعزم على ما تريد) فكان جوابه:
اني اعرف منكم بهذا الفتى فانه من اهل بيت زقوا العلم زقا، لا فرق بين صغيرهم وكبيرهم، اما علمتم ان رسول الله قبل بيعة الحسن والحسين وهما صبيان ولم يقبل بيعة غيرهما.
الا تعلمون ان اباهم عليا امن برسول الله وهو ابن تسع سنين فقبل (ص) ايمانه ولم يقبله من طفل غيره
أو لا تعلمون انه من ذرية طاهرة طيبة ((ذرية بعضها من بعض)) يجري لاخرهم ما جرى لاولهم.
وقد ذكر الشيخ المفيد (ره) في ارشاده ما قاله المأمون لبني العباس (إني اخترت أبا جعفر عليه السلام لتبرزه على كافة أهل الفضل في العلم والفضل مع صغر سنه والأعجوبة فيه بذلك، ثم قال: ويحكم، إنني أعرف بهذا الفتى منكم، وإن أهل البيت علمهم من الله تعالى ، وهذا لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال) وقال مخاطبا إياه: (انت ابن الرضا حقا ومن بيت المصطفى صدقا واخذه معه واحسن اليه وقربه وبالغ في اكرامه واجلاله واعظامه).
هذا ومن جملة ما تقدم يمكننا أن نخلص إلى هذه الحقيقة وهي أن مقام الامامة غير مقيد بسن معين وانما هو منصب الهي يهبه الله لمن يشاء ممن اجتمعت فيه صفات الكمال.
وثمة حقيقة يجب علينا معرفتها،وهي ان من خصائص الائمة (ع) الذين فضلهم الله سبحانه وتعالى وميزهم بها عن الناس انهم لم يأخذوا علمهم من أي احد ولم ينتهلوا من عند احد سوى جدهم (ص) الذي معلمه ومؤدبه ومربيه هو عالم الغيب والشهادة ولذا يقول الامام الجواد (ع): (نحن من علم الله علمنا، وعن الله نخبر) ، وكما قال الامام الصادق (ع): (حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، و حديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله قول الله عز وجل) .
ان الائمة (ع) لم يتتلمذوا عند احد ولم يطلبوا العلم عند احد، بل يرجع علمهم كما ذكرنا الى من علّمه ((شديد القوى))، وما داموا هم الائمة فما هدوا بغيرهم بل هم الذين هدوا من اهتدى الى الحق ((افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع أمّن لا يهدّي الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون)).
لقد كانت احاديثهم (ع) من الله وعلومهم من الله ومعارفهم من الله، وعليه فان كان للنبي (ص) وصي فهم الاوصياء المرضيون.
هذا ولمزيد الإحاطة بحياة الامام الجواد (ع) يرجع الى المصادر التاريخية الخاصة والعامة وفي مقدمتها موسوعة اهل البيت (ع) للمرحوم الشيخ القرشي.
اللهم صل على محمد وأهل بيته، وصل على محمد بن علي الزكي التقي، والبر الوفي، والمهذب النقي، هادي الأمة، ووارث الأئمة، وخازن الرحمة، وينبوع الحكمة، وقائد البركة، وعديل القرآن في الطاعة، وواحد الأوصياء في الاخلاص والعبادة، وحجتك العليا، ومثلك الأعلى، وكلمتك الحسنى.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته