محنتهم مستمرة برغم الوعود..حملة الشهادات العليـا وموسم الهجرة
    

كثيرون هم من كتبوا أسماءهم في سجلات النجاح، وهم يصنعون منها عناوين علمية مشرفة ، ليمتلئ جدار الإرادة والتفوق بشهادات علمية حملت أسماء جامعات عراقية وعربية وأوروبية بقيت تنتظر اللحظة تلو الأخرى بأن تؤطر جهودها بحجز مكان لها في المؤسسة العلمية عبر أخذ الفرصة الكافية لإكمال مسلسل النجاح واثبات الذات في المنظومة التدريبية إلا أن تلك الأمنيات سرعان ما ذهبت أدراج الرياح حينما أُركن هذا الملف رفوف البرلمان.

 

 
شهادات منسية
يقول علي عبد 28 سنة أنا خريج جامعة بغداد كلية التربية قسم اللغة الانكليزية وقد حصلت على شهادة الماجستير من الهنـد، وامتلك إمكانية كبيرة في اللغة الانكليزية وأجيد اللهجة البريطانية وامتلك موسوعية لغوية كبيرة، مبيناً: بعد اكمالي لدراستي وعودتي إلى العراق تفاجأت انه من المستحيل ان احصل على فرصة عمل بالجامعات العراقية لدرجة أنني اُصبت باليأس والملل. اُوجه ندائي الى رئيس الوزراء ووزير التعليم العالي ومجلس النواب ورؤساء الجامعات وكل اصحاب الشأن والقرار أن يجدوا حلا لأصحاب الشهادت العليا. 
عماد محمد 37 سنة يحمل الدكتوراه تحدث قائلا: تخرجت عام 2004 في كلية الفنون الجميلة وحصلت على شهادة الدكتوراه والى الآن لم أحظ َ بأية وظيفة او فرصة عمل ملائمة والمشكلة تكمن في عدم وجود نظام يحدد التعيينات واقتصارها على الخبرة والمعدل ولا يكون على اساس العمر وسنة التخرج.
موضحا: تخرجت منذ 9 سنوات والشيء الذي يؤلمني اكثر من فقداني لفرصة التعيين حصول البعض على فرصة تعيين لأنه ينتمي الى حزب او جهة سياسية !!
واضاف عماد : نتفاجأ أحيان ان نرى الخريج قبل سنة او سنتين او ما زال طالباً في مرحلة أخيرة قد حصل على فرصة تعيين، مطالباً من المسوؤلين أن يكون هناك قانون لتعيين الخريجين يعتمد على سنة التخرج والعمـر.
موسم الهجرة
‏ يعاني حملة الشهادات العليا المعطلين عن العمل أشد أنواع الإحباط، فمن جهة يرون أن خبراتهم التي اكتسبوها خلال دراستهم في جامعات ومعاهد العراق تعــد إحدى الوسائل الأساسية للنهوض بواقع القطاع العام الذي يتداعى أمام أعينهم، ومن جهة أخرى شعورهم بالعجز عن المشاركة فيه وفي القطاع الخاص ، بل وتحجيم دورهم وجعلهم على هامش عملية التنمية التي تحتاج لكل فرد من أفراد وطننا الحبيب ، كل في موقعه وبحسب مقدراته، لذلك انكفأ البعض على ذاته وراح يجتر آلامه ويعين اغتيال عمره ، بينما قرر البعض الآخر الانسحاب نهائياً من المجتمع بالهجرة إلى بلدان أخرى سواء بطريقة شرعية إن تمكنوا من ذلك أو بطرق غير شرعية برغم كل المخاطر، هذا الامر دفعهم الى إطلاق حملة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بايجاد حلول لمشاكلهم وخاصة التعيين والعمل.
تغريد علي 28 سنة تقول حصلت على شهادة الماجستير في العلوم منذ 3 سنوات ولم أحظ َ بفرصة تعيين توازي هذه المعاناة الطويلة من الدراسة وقد طرقت ابواب وزارة التعليم العالي مراراً وتكراراً في سبيل الحصول على فرصة عمل تليق بشهادتي وخبرتي ولكن من دون جدوى واصبحت فرصة الحصول على وظيفة حلماً صعب المنال! 
مضيفة: اُناشد كل المسوؤلين واصحاب الضمير الالتفات لنا ولو التفاتة بسيطة توازي حجم معاناتنا، لأننا لا نتستجدي منهم، بل هذا حقنا المشروع بعد سنوات دراستنا الطويلة والتعب وسهر الليالي.
وتوضح تغريد: قرر البعض من الخريجين الانسحاب نهائياً من المجتمع بالهجرة إلى بلدان أخرى سواء بطريقة شرعية إن تمكنوا من ذلك أو بطرق غير شرعية ، فقد تسلسل اليأس والإحباط الى نفوسهم بسبب حالهم الذي لا يُسر احداً، مثما جزعوا وملـُّوا من كثرة الوعود التي سمعوها من المسؤولين في وزارة التعليم او من لجنتي التعليم والتربية والمالية في البرلمان!
وزارة التخطيط
الدكتور نعمان الخزرجي استاذ جامعي بوضح أن هذا الموضوع تتحمله وزارة التخطيط التي كانت تعمل وتخطط بالتنسيق مع وزارتي التعليم العالي والتربية وبقية الوزرات ايضا تتحمل جزءاً من الموضوع. مضيفا: وعلى سبيل المثال في حال تخرج 500 طالب دراسات عليا في إحدى الجامعات فإنه من غير الممكن ان يتم تعيينهم فقط على وزارتي التعليم العالي والتربية ، بل المفروض ان يتم توزيعهم على دوائر ووزارات الدولة للاستفادة من قدراتهم العلمية والأكاديمية. مبيناً ان هنالك شهادات اصبحت مركونة وليس هنالك استفادة منها ونحن نحتاج الى النوع وليس الكــم في التعيينات وان تخصيص نسبة 5 بالمئة من التعيينات لحملة الشهادات العليا لا يتناسب مع الكـم الهائل من حملة الشهادات في العراق.
وطالب الخزرجي بإيجاد فرص عمل بديلة غير التعيين على الجامعات، فالطالب الخريج والحاصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه ليس شرطاً ان يتم تعيينه في الجامعة كأستاذ او تدريسي وعلى اللجنة المالية ايجاد فرص عمل لهم في وزارات الدولة قاطبة بمختلف التخصصات ، وكذلك ان تكون هناك اعادة تخطيط وبرمجة لمدخلات ومخرجات التعليم العالي في العراق كي لا يُظلم أحــد.
المالية البرلمانية
رئيس اللجنة المالية في البرلمان هيثم الجبوري أكــد تخصيص نسبة 5 بالمئة من نسبة التعيينات لحملة الشهادات العليا مبيناً انه وبمجرد طرح المشكلة من قبل الخريجين تم تبنيها من قبل اللجنة المالية وقمنا بتثبيتها ومن ثم عرضناها على مجلس النواب ونالت التصويت، مضيفا: ان الخريجين الآن يطالبون بالإشراف على توزيع الدرجات خشية عدم تنفيذها لهم وفعلا قمنا بطرح هذا الموضوع على اللجنة المالية وخرجنا بنتيجة ان يقوم كل عضو من اللجنة المالية بالاشراف على محافظته لضمان حصول حملة الشهادات العليا على حصتهم المثبتة في داخل الموازنة وهي الـ 5 بالمئة.
وأوضح الجبوري ان كل وزارة تضع آليات مختلفة للتعيينات ولكي نقضي على المحسوبية والمنسوبية يجب اولا ان توزع هذه الدرجات على اساس نسب المحافظة والمسألة الأخرى هي يجب ان تعلن على الموقع الرسمي للوزارة او المؤسسة ويجب ان تُعطى فرصة كافية لأن يقدم الجميع.. اما قضية اختيار سنة التخرج او قضية احتساب النقاط للمتزوج وغيرها هذه قضية تابعة للوزارات المعنية وليس لنا دخل بها.
الولاء والطاعة
‏يتخرج طلبة الدراسات العليا وكلهم أمل في أن يطبقوا ما درسوه واختصوا فيه على أرض الواقع، لاسيّما أنهم يعون تمام الوعي حاجة البلد لاختصاصاتهم و تخصصاتهم التقنية والعلمية والهندسية والطبية ، لكنهم يصطدمون بصخرة الواقع المرير ليجدوا أن الجهات المعنية قد تنكرت لهم وحتى أن بعضها ينقلب ويقول أنهم لم يطلبوا هذا الاختصاص أو ذاك وهم ليسوا بحاجة لأحد والبلاد يمكنها أن تسير من دون حاجة إليهم !! والمحظوظون من الذين تمكنوا من الفوز بدرجة وظيفية يجدون أنفسهم مضطرين لتقديم فروض الولاء والطاعة لرؤساء يدّعون الخبرة، مع العلم أن هذه الخبرة هي عبارة عن تقليد أعمى لا حراك فيه أرساه النظام السابق بكل تفاصيله التي تُطبق بحذافيرها الآن وأصبح يتوارث عندنا من دون أية زيادة أو نقصان و من دون الأخذ بعيـن الحسبان تطور وسائل الإنتاج التي تحتاج إلى التفكير العلمي لاستيعابها والتعامل معها. ‏'
محرر الموقع : 2015 - 03 - 28