ممثل المرجعية العليا في أوروبا :على الجاليات الإسلامية في الغرب أن تجعل من أيام العيد مناسبة لإظهار صورة الإسلام الحقيقية
    

 

 

 

 

هنأ ممثل المرجعية العليا في أوروبا السيد مرتضى الكشميري المسلمين بعيد الفطر المبارك ،قائلاَ على الجاليات الإسلامية في الغرب أن تجعل من أيام العيد مناسبة لإظهار صورة الإسلام الحقيقية التي تحث على ترسيخ قيم التسامح والسلم ونبذ التعصب والكراهية لأن الإسلام هو دين  السلم والسلام والمودة والمحبة،مؤكدا على المداومة والاستمرار على ما تعلمناه في شهر رمضان من العبادات والطاعات

 

وإليكم نص حديثه: إن يوم العيد هو يوم من أيام الله المباركة الذي جعله مظهرا من مظاهر قوة المسلمين ووحدتهم وتآلفهم فيجتمعون من مختلف الأماكن في مكان واحد مؤتمين بإمام واحد متآخين متآلفين متحابين يؤدون مراسم هذا اليوم المبارك لا يتميز أحدهم عن الآخر فالغني والفقير والأبيض والأسود كلهم في صف واحد يتبعون نهج الإسلام الذي بينه القرآن الكريم ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)).
وفي خارج المراسم الدينية ليوم العيد كذلك يحسن بنا التعارف مع الآخرين من الناس وإظهار المحبة والود لهم، يقول الله عز وجل ((لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)) ليعرفوا بأن نظرة الإسلام نظرة شمولية بالرحمة والمودة لبني الإنسان فإنهم -كما قال مولانا أمير المؤمنين (ع)- صنفان: إما أخ في الدين أو نظير في الخلق. كما يجدر بنا تبادل بعض الهدايا الرمزية مع الآخرين فقد ورد عن النبي (ص) (تهادوا تحابوا، تهادوا فإنها تذهب بالضغائن).
أحبتي إن من أهم ما يجب علينا في يوم العيد هو تصفية النفوس باطنا وظاهرا مع القريب والبعيد والتسامح والتصالح والإقبال على الآخرين بود للوصول إلى مجتمع متحاب متماسك مترابط فقادتنا الأئمة (ع) أرادوا أن نكون كذلك.. فقد روي أن أبا عبد الله (ع) قال لرجل (كم بينك وبين البصرة ؟ قلت : في الماء خمس إذا طابت الريح وعلى الظهر ثمان ونحو ذلك ، فقال : ما أقرب هذا تزاوروا ويتعاهد بعضكم بعضا فإنه لا بد يوم القيامة من أن يأتي كل إنسان بشاهد يشهد له على دينه . وقال: إن المسلم إذا رأى أخاه كان حياة لدينه إذا ذكر الله عز وجل). وعن الصادقَين (ع) (أيما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفا بحقه كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة وإذ طرق الباب فتحت له أبواب السماء فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه ، ثم باهى بهما الملائكة ، فيقول : انظروا إلى عبدي تزاورا وتحابا في ، حق علي ألا أعذبهما بالنار بعد هذا الموقف ، فإذا انصرف شيعه الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه ، يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق الآخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل فإن مات فيما بينهما أعفي من الحساب وإن كان المزور يعرف من حق الزائر ما عرفه الزائر من حق المزور كان له مثل أجره). وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) أنه قَالَ (مَن زار أخاه فِي اللَّه ، قَالَ اللَّه عَز وَجَل : إِيَّاي زُرت ، وَثوَابك عَلَي، وَلَسْت أَرْضى لَك ثَوَاباً دُون الْجَنَّة) وإلى جانب هذا فإننا قد تعلمنا وتعودنا على فعاليات كثيرة في شهر رمضان من صلاة وصوم ودعاء وصدقة واستغفار وغير ذلك فعلينا أن نستمر عليها وأن نجعل من شهر رمضان دورة تدريبية علمتنا هذه الفعاليات لكي نداوم عليها ولئلا نكون من المعنيين بقوله تعالى ((ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا)).
وعلى الشباب أن يحافظوا على ما قاموا به في هذا الشهر من تخصيص وقت للعبادة والمناجاة والاستغفار والدعاء والارتباط الوثيق بالقرآن الكريم وارتياد المساجد، مضافاً إلى الانضباط السلوكي والاجتماعي وحسن المعاملة مع الآخرين والبر بالوالدين والإحسان إليهما وصلة الأرحام وزيارة الجيران ومساعدة الفقراء وذوي الحاجة، فإن هذه كلها من الخيرات التي ينبغي للمؤمنين أن يتسابقوا إليها في هذا الشهر الفضيل وأن يحافظوا عليها بعده، قال الله تعالى ((وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات الأرض أعدت للمتقين))، وقال الإمام الحسن (ع) (إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه فسبق فيه قوم ففازوا ، وتخلف آخرون فخابوا فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب فيه المقصرون ، وايم الله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسيء بإساءته).
هذا، وعليهم الحذر من الافتتان بما يبث في وسائل الإعلام المغرضة والقنوات الخبيثة لإفساد أخلاقنا وهدم أسرنا ومحاربة الفضيلة وإشاعة الفاحشة. وينبغي لنا ألا ننسى من فارقنا من أهالينا ومعارفنا بزيارة قبورهم والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة وهذا ما كنا نردده في شهر رمضان عقيب كل صلاة (اللهم أدخل على أهل القبور السرور، اللهم أغن كل فقير…)، وقد جاء في الخبر (كان الموتى يأتون في كل جمعة من شهر رمضان فيقفون وينادي كل واحد منهم بصوت حزين باكيا : يا أهلاه ويا ولداه ويا قرابتاه اعطفوا علينا بشئ يرحمكم الله ، واذكرونا ولا تنسونا بالدعاء ، وارحموا علينا وعلى غربتنا فانا قد بقينا في سجن ضيق ، وغم طويل وغم وشدة فارحمونا ولا تبخلوا بالدعاء والصدقة لنا ، لعل الله يرحمنا قبل أن تكونوا مثلنا…)؛ فيحسن بنا أن نهدي لهم ثواب قراءة سورة من القرآن أو نتصدق عنهم بشيء على مدار السنة ولا يختص الأمر بشهر رمضان المبارك. كما يجدر بنا ألا نغفل أمر اليتامى والأرامل الذين فقدوا أحبابهم ومن يتولى أمورهم في خضم ما يجري عليهم هذه الأيام من اعتداء غاشم فعلينا أن نمد لهم يد العون بمقدار ما يتيسر لنا وهي وصية النبي (ص) (وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم).
وأهم ما يجب علينا القيام به هو الدعاء لتعجيل ظهور قائم آل محمد (عج) ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا ويخلص الأمة من المحن والمصائب التي يواجهونها في هذا العصر.
نسأل الله عز وجل أن يتقبل أعمالنا بقبول حسن ويوفقنا لكل خير وألا يحرمنا من بركات هذا الشهر كل عام إنه ولي التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

محرر الموقع : 2024 - 04 - 09