أهميَّة المودَّة والرَّحمة في الحياة الزوجيَّة
    

يطلق لفظ الزّوج في اللّغة على كلّ واحد معه آخر من جنسه، ومن ذلك الزَّوْجان؛ الرَّجل والمرأة، فالمرأة زوج الرّجل، والرّجل زوج المرأة.

هذا في اللّغة. أمّا فيما يتعلّق بالحياة الزّوجيّة في الواقع، فقد جعل الله أسسها قائمة على المودّة والرّحمة والتّفاهم بين الزّوجين، فبمقدار ما يحقّقان عنوان المودّة والتّفاهم، ينطبق عليهما أنّهما زوجان، بحيث يتكاملان في أدوارهما ومسؤوليّاتهما، ويصبحان كياناً إنسانيّاً واحداً، له فعله وتأثيره الإيجابي في إنتاج أسرة صالحة سعيدة.

وقد استخدم القرآن لفظ الزّوج في أكثر من موقع، عندما كان الحديث عن علاقة زوجيّة قائمة على الرّحمة والمودّة بين الزّوجين، كما في حديثه عن آدم وحوّاء: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}، فعبّر عن حوّاء بالزّوج لآدم، كذلك في حديثه عن زوج سيّدنا النبيّ زكريا(ع): {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}.

بينما استخدم لفظ "امرأة"، وليس "زوج"، عندما كان الحديث عن زواج غير قائم على المودّة والرّحمة والانسجام، أو كان أحد الطّرفين لا يحافظ على مفهوم الزّوجيّة، كما في قوله عن زوجتي لوط ونوح: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}، وكما في حديثه عن زوجة فرعون الّتي كانت مؤمنة، بينما كان زوجها كافراً وخارجاً عن معنى الزّوجيّة الحقيقيّ، حيث قال: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ}.

فالقرآن الكريم يرى أنّ كلمة "زوج" لا تنطبق إلا على علاقة سليمة بين الزّوجين، قائمة على المودّة والرّحمة والصّلاح والإيمان، حيث يكون كلّ من الزّوجين مكمّلاً للآخر، يعطيه ما يحتاجه من عاطفة ومساندة وعون وما إلى ذلك.

بينما يعتبر أنَّ العلاقة الزّوجيّة الخالية من معناها ومغزاها الحقيقيّين، لا ينطبق عليها عنوان الزّوجيّة، حتّى لو كان الزّوجان يعيشان معاً ولديهما أولاد.   

وكثيرة هي العلاقات الزّوجيّة الّتي نسمع عنها في واقعنا، والّتي لا تشبه ما يريده الله من الزّواج في شيء، فالرّجل لا يرحم زوجته ولا يشفق عليها ويتحمَّلها ويعفو عن زلّاتها، بل إنّ الكثيرين يهجرون زوجاتهم ويضيّقون عليهنّ ويحرمونهنّ من حقوقهنّ، وفي المقابل، نرى نساءً يتمرّدن على الحياة الزّوجيّة، ويحوّلن حياة أزواجهنّ إلى كابوس يوميّ، لكثرة متطلّباتهنّ واستعلائهنّ على أزواجهنّ..

وما يمكن أن نستفيده مما تقدَّم، أن نعمل بكلّ وعي وإخلاص على إعمار علاقاتنا الزوجيّة بكلّ مودة ورحمة، وأن نستحقّ فعلاً هذه الزوجيّة، فنجعل من التكامل والانسجام فرصةً لدفع مسيرة المجتمع نحو مزيدٍ من الطمأنينة والسّلام والخير والبرّ، وألا نثقل هذا المجتمع بمزيدٍ من الفِرقة والشّقاق بين الأزواج، ونكون بالتّالي عبئاً على الحياة، نزرع فيها المشاكل والتعقيدات والآلام والمصائب، فالإسلام دعانا إلى زرع المحبّة والرّحمة فيما بيننا، وبخاصّة الأزواج، الذين يؤسّسون أسراً صالحة هي نواة المستقبل

محرر الموقع : 2016 - 11 - 07