همساتُ فكر كونيّة(160) هل (الوطن للأنسان) ؛ أم (الأنسان للوطن)
    

 همساتُ فكر كونيّة(160)
هل (الوطن للأنسان) ؛ أم (الأنسان للوطن) و كما أشاع و يشيع الحاكمون بين الناس منذ نشأة الدُول؟

يجب أن ينتبه أهل العراق و كلّ شعوب العالم؛ إلى هذه الجدلية القديمة ألمغرضة التي أريد لها أن تكون أداةً فاعلة لصالح الحكام و الملوك و الرؤوساء و الوزراء و النواب و السياسيين ألمُتحاصصين الذين يسعون لألهائهم و إستحمارهم و إستنزافهم و بآلتالي نهب الشعوب و الأمم باسم (الدّفاع عن الوطن) و التضحية (لأجل الوطن), و (الوطن يستاهل), و (الوطن أولاً) ليسهل عليهم سرقة جهودهم و حقوقهم (ألطبيعية) بعد جعلهم قرابين و ضحايا تحت مظلة الوطنية و العروبة و القومية و الأسلامية و العشائرية التي يُطبلون لها و الحروب المحلية و الدولية المنظمة التي يُوأججها الحكام أو تلك التي تصنعها أسيادهم في لندن و واشنطن و غيرهما!

و إعلموا بأنّ الحكام الفاسدين المسلطين على 256 دولة في العالم مع أحزابهم و مقرّبيهم؛ كلّما زادوا في العويل و الصّراخ و الأعلام في ذلك السبيل بالدّق على وتر (الوطنية) و (القومية) و (الأسلامية) و الدفاع عن الشرف و الدِّين و الأرض و غيرها من الشعارات؛ فأنّهم في الحقيقة إنّما يهدفون لتحقيق غايات أخرى لا أخلاقية و ظالمة مُبطّنة و لا علاقة لها بحقيقة تلك الشعارات .. بل للحفاظ على مواقعهم و جيوبهم و رواتبهم و شهواتهم و حساباتهم و مخصصاتهم و حماياتهم و راحة و مستقبل أبنائهم و ذويهم و أصهارهم .. من دون عامة الناس!

فآلله تعالى إنّما خلق الوطن و أنزل الرسالات و الأنبياء و الأوصياء و الأئمة.. بل  و خلق كلّ الدنيا و ما فيها لتكريم الأنسان و سعادته و راحته و ليس لهدر دمه و لشقائه و هلاكه و فقره و إستنزافه و كما يريد و يفعل الحاكمون بإمرة (المنظمة الأقتصادية العالمية)!

لهذا يجب أن يكون (الوطن) و خيراته و (الدِّين) و مبادئه و (الحكومة) و تشكيلاته في خدمة (الأنسان) و سعادته و ليس العكس, بجعل (الأنسان) في خدمة (الوطن), لأن الوطن بدون (الأنسان) لا قيمة له, و من هنا يمكنك أن تعرف (الحاكم العادل و حزبه) من (الحاكم الظالم و حزبه) الذي يحاول سوق الشعب للتضحية و الموت لمصالحه و كرسيه  و رواتبه و مخصصاته على حساب شقاء المواطن و إفلاسه و موته!

و إعلموا بأنّ الحاكمين و على طول التأريخ و لحدّ هذه اللحظة قد إستحمروا شعوبهم بآلجهل و قلة المعرفة  و تشويه الحقيقية على أحسن وجه و كأن الناس عبيد و خدم و بكل خبث و دجل و نفاق و خداعهم بتلك الشعارات ألرنّأنة؛ و إنهم إن فعلوا ذلك و يفعلون .. لتكونوا ضحايا \"للوطن\" المسلوب كي يستفيدوا و يتنعموا من دونكم بخيرات الوطن و بآلحقوق و الحمايات بآلتّحاصص لدرّ الملايين منكم بآلتوافق من غير الوفاق, و إنّ الدليل العملي على نفاقهم و خدعهم و كذبهم في دعاويهم, يتجلّى بوضوح من خلال  الفوارق الحقوقيّة و الأمتيازات الكبيرة على حساب دمائكم و تضحياتكم تحت ظلّ قوانين وضعية ظالمة تمّ تصويبها بأنفسهم بعكس القوانين العادلة التي ضحى لأجلها الأنبياء و الأوصياء؛

فهل سمعت أو رأيت يا أخي الأنسان؛ شهيداً من أبنائهم أو إخوانهم أو نسائهم أو ذويهم .. أو حتى مقرّبيهم لأجل \"الوطن\" المزعوم!؟
أو إنهم وقفوا مع طوابير الناس في المستشفى, أو تسوّقوا مع الناس في الأسواق, أو دخلوا المطارات مع الناس, أو لبسوا مثل الناس, أو ركبوا السيارات مثل الناس؟

بآلأضافة لذلك؛ هل رأيت أو شهدت إهتمام المسؤوليين بآلشهداء و بتضحياتهم بعد ما قدّموا أغلى ما يملكون لمنافعهم؟ فبمجرد ما إن يستشهد و يقرأ عليه سورة (الفاتحة) يتمّ نسيانهُ للأبد و لا يذكر حتى في الأعلام, و كأن (المواطن) وجد ليستهلك و يموت لأجل خدمة الحاكم باسم الوطن!
لذلك .. لا خير في (وطن) محكوم بآلظلم و الفوارق الطبقية بشعار(الوطن أولاً) أو الدولة (العراق أولاً) أو (الأردن أولاً) أو (أمريكا أولاً), و كما صرّح اليوم ترامب الشرير في مؤتمر عام لذلك بآلنص بجعل (أمريكا) أوّلاً, و هم يُقدّمون آلسّذج و أبناء الفقراء قرابين لخدمة مشاريعهم التي تختصر و تنتهي في نهاية الأمر لمصلحة جيوب و شهوات الحاكمين الفاسدين في (المنظمة الأقتصادية) و المتسلطين بشعارات(الوطنية) و (الدّين) و (القومية) و غيرها من آلمصطلحات الخدّاعة التي قلبوا معانيها لمنافعهم!

و الدّليل الثالث بكون خيرات و أرض (الوطن) و حتّى الوجود و الكواكب لخدمة الأنسان(جميع أبناء المجتمع الواحد و بآلتساوي) و ليس  لفئة أو حزب أو طبقة دون عامّة الناس خصوصاً ألفقراء, هو, قوله تعالى:
[و كرّمنا بني آدم], و قوله: [و سخّرنا لكم ما في البر و البحر ..]ٍ و يشمل جميع البشر دون إستثناء جماعة أو حزب .. مهما إدّعت أو كانت تتصف بصفات .. حتى الأنبياء و المعصومين سواسي مع باقي الناس في الحقوق, و ليس لأحدٍ فضل على الآخر, بحسب قول خاتم الأنبياء (ص) بكون:
[الناس سواسي كأسنان المشط], هذا هو الدليل النقلي الشرعي!
أما الدليل العقلي و العلمي على وجوب العدالة بين الناس أجمع: هو ما أشار له كلّ فلاسفة العالم المنصفين و العقلاء, بكون الأنسان هو الرأسمال الحقيقي في الوجود و يجب تأمين حقوقه الطبيعية بشكل متساو مع الحاكمين, خصوصاً بعد علمنا بحجم المعاناة التي يُعانيها هذا المخلوق و الذي يزداد كلّما إمتد الزمن بسبب حبائل الشياطين و جشع الحكام و رئيسهم إبليس اللعين الذي يُوسوس لإرتكاب الجرائم و الظلم.
لذلك فآلوطن و كلّ ما فيه لا قيمة له بدون صيانة كرامة الأنسان في الحقوق و الخيرات و الرّواتب ألتي يجب أن تكون مُسخّراً لجميع المواطنين بآلتساوي و ليس للرئيس و النائب و الحاكم و القاضي و المحافظ و القائد الذي يستولى على حصة الأسد منها و يأخذ أضعاف أضعاف ما يأخذه المواطن و كأن العالم يعيش في غابة من الوحوش (القوي فيها يأكل الضعيف) و كلّ ذلك يتمّ تحت شعار لأجل (الوطن) و تراب (الوطن) و (الوطن أولاً) و غيرها من الشعارات الزائفة ..
خلاصة القضية: هي أن المواطن حين يشعر بآلظلم و الحيف و التفرقة الحزبية و الحقوقية و الفوارق الطبقية؛ فأنهُ ليس فقط يكفر بآلوطن و المواطنة و القوانيين ألحكومية؛ بل يتحول إلى منتقم و مُخرّب و مستهلك لثروات
 البلد, بدل محبة الوطن و البناء و التضحية, و يحاول أيضا نشر الأرهاب (الناعم) و حتى (العنيف) بدل  تطبيق النظام و حفظ الأمن..
و لا حول و لا قوة إلا بآلله العليّ العظيم.
عزيز الخزرجي
مفكر كونيّ

محرر الموقع : 2017 - 11 - 20