إن لم تكن سياسيا فكن وطنيا
    

       علي التميمي 
نظرة متأملة فيما ورد من آراء الفلاسفة والمصلحين في مجال تربية الافراد والمجتمعات، نجد الاختلاف فيما بينها جليا، وقد يبدوا المنظور الاسلامي لتنشئة الفرد وبناء المجتمع مختلفا عما سواه، فالاسلام الحنيف يحث أتباعه على إنتهاج السبل او إتباع الوسائل التي تكفل لهم التربية الاسلامية الحقة، ومن ثم العيش الرغيد، فإذا أخذوا بمفاهيمه الراقية وأسسه القويمة، وطبقوها أحسن تطبيق سيسيرون في الاتجاه الذي يوصلهم الى بر الامان .
تراث أهل البيت عليهم السلام، الذي اختزنته مناقبهم ومآثرهم وسيرهم الوضاءة، يعبر تعبيرا قويا عن مدرستهم القائمة على التقوى والبر والاحسان، والتي تربي الفرد والمجتمع على القيم والمثل السامية في كل زمان ومكان، لهذا لم تزل ثورة الامام الحسين عليه وعلى آله السلام تتوسع وتهز عروش الطغاة والظالمين، لأنها قامت على نصرة دين الله وإعلاء رايته، فشق دمه الشريف طريق الفداء، وكان وسيبقى الملهم للثوار والمجاهدين في كل حين .
فكرة تأسيس وطن يحتوي الجميع دون فوارق لا تأتي من خارج الحدود، كثيرا ما نسمع أو نقرأ أو نشاهد في وسائل الاعلام حديث عن الإصلاح، قبالة ذلك لم يتسنى لنا رؤية ولو القليل مما يقال واقعا ملموسا، وقد إعتدنا على سماع كلمة سوف، وأغلب من يتحدث عن ذلك لتغطية ما يتم التخطيط له،  بعيدا عن المصلحة العامة قريبا من الشخصية، مما صنع فجوة كبيرة إنهارت معها كل خطوط الوصل بين المكان الذي يخرج منه القرار، وبين من يتحمل أعباء ووزر الفشل الذي ينتج عن إدارة فاشلة  .
الآن وبعد كل ما وقع على المواطن من حيف لازال يرجوا ويأمل بقادم أفضل، لكن في ظل ما موجود على أرض الواقع، أصبح من الصعب جدا الحديث عن خطوة ايجابية، تضيء قليلا من ظلام دام لسنوات طويلة أثرت وبشكل مباشر على الجميع دون تمييز، حيث ألقت بظلال سلبية على فكر المواطن، والحديث الآن عن تغيير قد يتم على أساسه ردم تلك الفجوة الكبيرة بين إدارة الدولة والواقع المرير .
سارت الامور على غير ما كان متوقعا، وقف أغلب السياسيين معارضا لفكرة التغيير، بحجج واهية أما الحقيقة التي لم يتجرأ احد البوح بها، وهي السبب الرئيس لمعاناة طويلة، هو الخوف من التغيير نفسه الذي نشأ وتغلغل الى الواقع عن طريق التجارب الفاشلة لأدارة الدولة، مما جعل من أي خطوة بأتجاه تصحيح المسار تجابه بالرفض تارة وبالتسقيط الممنهج تارة أخرى، الفرصة لا زالت قائمة وهي بأنتظار الوطنيين لا السياسيين، لأن القرار والمقبولية في هذه المرحلة أصبحت بيد المواطن .

 
 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2018 - 10 - 20