101 عام على معاهدة سيفر التي اعتبرها الاتراك مجحفة تعرف علي نص و بنودها
    

 في عام 1918م استيقظَ العالم بأسرِه على نهاية الحرب العالمية الأولى التي استمرَّت أربع سنوات كاملة، أربع سنوات من المعاناة والدمار والخراب الذي شمل كلَّ أرجاء الكوكب، سُمِّيت الحرب العالمية الأولى بالحرب العُظمى، واشتعلتْ نارها في قارَّة أوروبا أولًا لتشمل مساحات واسعة من العالم فيما بعد، شارك في هذه الحرب سبعون مليون جندي من دول مختلفة معظمهم من أوروبا، وفي نهاية الحرب العالمية الأولى لقي أكثر من تسعة ملايين جندي وسبعة ملايين مدني مصرعهم، لتكون هذه الحرب إحدى أكبر الحروب في تاريخ البشرية، وهذا المقال سيتحدَّث عن معاهدة سيفر إحدى المعاهدات التي تمَّت بعد نهاية الحرب العالمية الأولى.

 

في 10 أغسطس/آب 1920 وبعد أشهر من المفاوضات بين المنتصرين في الحرب العالمية الأولى حول تقسيم أراضي الإمبراطورية العثمانية، جرى التوقيع على معاهدة “سيفر” المجحفة في متحف السيراميك في سيفر، إحدى ضواحي باريس.

 

كانت معاهدة سيفر موجهة إلى الدولة العثمانية، فمضمونها كان تقسيم أراضي الدولة العثمانية الواسعة، فأطراف هذه المعاهدة هم دول الحلفاء المنتصرون في الحرب العظمى من جهة والدولة العثمانية من جهة أخرى، وقد تمَّ توقيع هذه المعاهدة في معرض لمصنع الخزف في مدينة سيفر في فرنسا إحدى دول الحلفاء المنتصرة، وقد جاء من الطرف العثماني السلطان محمد الخامس ومعه أربعة أشخاص جاؤوا لتوقيع هذه المعاهدة، وهم: وزير التعليم العثماني هادي باشا ورضا توفيق والصدر الأعظم الداماد فريد باشا والسفير رشيد خالص، أمَّا في الطرف الآخر فقد وقع من بريطانيا العُظمى السير جورج ديكسون غراهام، ووقَّع عن فرنسا ألكسندر ميلران، أمَّا إيطاليا فوقَّع عنها ولونجاري، وقد تمَّ استبعاد الولات المتحدة الأمريكية، واستبعدتْ أيضًا روسيا التي كانت قد وقَّعت معاهدة برست ليتوفسك مع الدولة العثمانية عام 1918م، أمَّا اليونان التي كانت داعمة للحلفاء في الحرب فقد رفضتْ الحدود المرسومة في المعاهدة، ووقَّع من أرمينيا رئيس الوفد أفتيس أهارونيان.

 

 نتائج معاهدة سيفر إنَّ من الجدير بالذكر قبل الحديث عن نتائج معاهدة سيفر، إنَّه قبل توقيع هذه المعاهدة وقَّعت الإمبراطورية الألمانية معاهدة فرساي التي تمَّ بموجبها إلغاء كلِّ الامتيازات الألمانية وتنازل ألمانيا عن معظم مستعمراتها وعن مساحات واسعة من الأراضي التي كانت تقع تحت سيطرتها، كما حصلتْ دول الحلفاء بموجب معاهدة فرساي على امتيازات كثيرة جائرة على ألمانيا بشدَّة، ولكنَّ معاهدة سيفر كانت أشد وطئًا وأكثر قسوة على الدولة العثمانية، ومن أهم نتائج هذه المعاهدة: نصَّت المعاهدة على حصول منطقة الحجاز على الاستقلال من الدولة العثمانية. حصلتْ أرمينيا أيضًا بموجب هذه المعاهدة على الاستقلال من الدولة العثمانية. حصلتْ كردستان على الاستقلال من الدولة العثمانية أيضًا بعد معاهدة سيفر وانضمَّت ولاية الموصل إليها. بموجب هذه المعاهدة أيضًا سيطرتْ فرنسا على سوريا ولبنان وعنتاب وأورفة وماردين. ومن الجدير بالذكر إنَّ توقيع السلطان العثماني على هذه المعاهدة أدَّى إلى انفصال الحركة التركية الوطنية بقيادة كمال أتاتورك باشا عن الباب العالي في إسطنبول، ثمَّ قام أعضاء الحركة التركية الوطنية بتشكيل برلمان في أنقرة عام 1920م، وفي نفس العام تمَّ استبدال حكومة الداماد فريد باشا بحكومة الصدر الأعظم أحمد توفيق باشا الذي أعلن أنَّه ينوي توقيع المعاهدة بشرط الوحدة الوطنية، ولكنَّ مصطفى كمال أتاتورك رفض هذا الأمر وهاجم الحكومة عسكريًا، وفي نهاية المطاف انتصر مصطفى كمال على الحكومة التركية وأجبر الحلفاء على العودة إلى المفاوضات.

 

معاهدة لوزان 

بعد توقيع معاهدة سيفر بثلاث سنوات فقط، تمَّ توقيع معاهدة لوزان التي تُعرف باسم معاهدة لوزان الثانية في الرابع والعشرين من يوليو تموز عام 1923م، وهي معاهدة من معاهدات السلام التي تم توقيعها بعد الحرب العالمية الأولى، وقد وُقِّعت هذه المعاهدة في سويسرا وقد قامت معاهدة لوزان بإبطال ما جاء في سيفر وتسوية أوضاع القسم الأوروبي من تركيا، أي منطقة الأناضول وتراقيا الشرقية، وقد حدَّدت معاهدة لوزان حدود بلدان عدَّة، من هذه البلدانه: اليونان، بلغاريا، تركيا، المشرق العرب، وفي هذه المعاهدة تنازلت تركيا عن مطالبها السابقة بجزيرة دوديكانيسيا وتنازلت عن مصر والسودان والعراق وسوريا وعن كلِّ امتيازاتها في ليبيا، هذه الامتيازات التي أخذتها بموجب معاهدة أوشي التي وقَّعتها مع إيطاليا عام 1912م، كما أعيد رسم حدود تركيا مع سوريا، وتخلَّت عن جزيرة قبرص التي كانت مؤجرة لبريطانيا العظمى بموجب مؤتمر برلين عام 1878م.

 

 وفي الجدير بالذكر إنَّ معاهدة لوزان تألفتْ من 143 بندًا، وقد نصَّتْ بنود معاهدة لوزان على استقلال تركيا بالمرتبة الأولى، كما نصَّت على حماية الأقليات المسيحية في تركيا واليونان، وحماية الأقليات المسلمة الموجودة في اليونان، ولكنَّ معظم سكان تركيا المسيحيين وسكان اليونان المسلمين كانوا قد طُردوا بموجب معاهدة تبادل السكان الأتراك واليونانيين التي وقِّعت قبل هذه المعاهدة، وقد تمَّ استثناء سكان المدن الآتية: إسطنبول وإمبروس وتندوس، كما تمَّ استثناء السكان المسلمين في تراقيا الغربية أيضًا.

 

هدف الحلفاء :

ذكر زعماء فرنسا وبريطانيا ، والولايات المتحدة أهدافهم المتباينة فيما يتعلق بالإمبراطورية العثمانية خلال مؤتمر باريس للسلام ، عام 1919 ، وكانت صدمة للعالم عندما ذكرت المعاهدة أن قوات الحلفاء كانت علي اتفاق لإبقاء الحكومة العثمانية في القسطنطينية ، لتظل عاصمة الإمبراطورية العثمانية ، ولكن مع تحفظات شروط المعاهدة ، ولكن دعت المعاهدة لطرد الدولة العثمانية من أوروبا .

وبعد أن رفضت الولاية الأرمنية التصديق في مجلس الشيوخ قررت الولايات المتحدة عدم المشاركة في تقسيم الإمبراطورية العثمانية ، وحثت الولايات المتحدة على تطبيق السلام الدائم في أسرع وقت ممكن ، مع تعويض مالي عن النفقات العسكرية ، ومع ذلك ، بعد أن رفض مجلس الشيوخ الأمريكي ولاية ويلسون الأرمنية ، كان أملها الوحيد إدراجه في المعاهدة من جانب رئيس الوزراء اليوناني مؤثر ، الفثيريوس فينيزيلوس .

 

أحكام المعاهدة :

عززت المعاهدة تقسيم الإمبراطورية العثمانية ، في اتفاق مع اتفاقات سرية بين دول الحلفاء .

 

مملكة الحجاز :

منحت مملكة الحجاز استقلالها بالاعتراف الدولي ، بمساحة تقدر ب 260،000 km 2 ، وكان عدد سكانها حوالي 750،000. نسمه ، وكانت أكبر مدن الأماكن المقدسة ، هي مكة المكرمة ، التي يبلغ عدد سكانها 80000،نسمه ، والمدينة المنورة ، التي يبلغ عدد سكانها 40000.نسمه ، والتي شكلت سابقا ولايه الحجاز ، ولكن خلال الحرب أصبحت مملكة مستقلة تحت النفوذ البريطاني .

 

أرمينيا :

وقد تم الأعتراف بأرمينيا كدولة أنشأتها الأطراف الموقعة علي ” القسم السادس “أرمينيا”المواد من 88-93 ” .

 

الإمبراطورية العثمانية :

في أواخر عام 1918 ، أظهرت خريطة أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى ، حدودها مع الدول الجديدة التي تشكلت بعد حرب الكبيرة باللون الأحمر ، وهي تشمل الحدود التي وضعتها معاهدة سيفر .

 

القيود المالية :

قام الحلفاء بالسيطرة على الموارد المالية للإمبراطورية ، وشددت الرقابة المالية للموافقة أو الإشراف على الميزانية الوطنية والقوانين واللوائح المالية ، والسيطرة الكاملة على البنك العثماني ، وأعيد تصميم إدارة الدين العام العثمانية ” التي وضعت في عام 1881″ لتشمل الوحدة البريطانية ، وحاملي السندات الفرنسية والإيطالية .

 

ومشكلة الديون العثمانية تعود إلى زمن حرب القرم خلال عام ” 1854-1856″ ، وخلالها الإمبراطورية العثمانية قد اقترضت المال من الخارج ، وخاصة من فرنسا ، خلال مؤتمر لوزان ، وقرر المجلس أن جمهورية تركيا كانت مسؤولة عن 67٪ من القسط السنوي للديون ما قبل الحرب . ومسألة كيف كان يتم الدفع ، ومع ذلك ، لم تحل المشكله حتى جاء عام 1928. بعد التنازلات من الإمبراطورية العثمانية ، حيث ألغيت المعاهده قبل عام 1914، والاستسلام في السنة الأولى من الحرب عن طريق طلعت باشا ، ومدت السيطرة أيضا على رسوم الاستيراد والتصدير ، وإعادة تنظيم النظام الانتخابي والتمثيل النسبي لل”الأعراق” داخل الإمبراطورية ، وكان مطلوبا من الإمبراطورية منح حرية العبور للأشخاص والبضائع والسفن ، الخ ، التي تمر عبر أراضيها ، وكانت البضائع العابرة يجب أن تكون خالية من جميع الرسوم الجمركية . بينما لم يتم ترتيب التطورات المستقبلية للنظام الضريبي ، والنظام الجمركي ، والقروض الداخلية أو الخارجية ، أو تقديم تنازلات دون الحصول على موافقة من اللجنة المالية لقوات الحلفاء ، لإحباط التجدد الاقتصادي من ألمانيا ، والنمسا ، والمجر وبلغاريا ، و طالبت المعاهدة أن الإمبراطورية تقوم بتصفية ممتلكات المواطنين من تلك البلدان في أراضيها ، وسيتم تسليم هذه التصفية العامة الى لجنة التعويضات ، وتخلصت حقوق الملكية للسكك الحديدية ببغداد من السيطرة الألمانية .

 

القيود العسكرية :

كان يقتصر عدد جنود الجيش العثماني على 50700 جندي ، وهم من البحرية العثمانية ، اللذين يحتفظون فقط بسبعة سلوبات وستة زوارق طوربيد ، حيث كانت الدولة العثمانية تحظر من الحصول على سلاح الجو .

وتضمنت المعاهدة لجنة مشتركة بين الحلفاء لضبط وتنظيم الإشراف على تنفيذ بنود العسكرية.

 

المحاكمات الدولية :

حددت المعاهدة المطلوب من المسؤولين عن اللذين يستخدمون ” أساليب همجية وغير شرعية في الحرب … (بما في ذلك) الجرائم ضد القوانين وأعراف الحرب ومبادئ الإنسانية”.

والمادة 230 من معاهدة سيفر تطالب الإمبراطورية العثمانية ” تسليم قوات الحلفاء الأشخاص المسؤولة عن المجازر التي ارتكبت خلال استمرار حالة الحرب على الأراضي التي تشكل جزءا من استسلام الإمبراطورية العثمانية في 1 أغسطس عام 1914 ” ومع ذلك ، فإن محاولة محكمة انتر المتحالفة قد طلبت ذلك بموجب معاهدة سيفر التي علقت في نهاية المطاف .

 

فرنسا “منطقة نفوذ “

سيطرة فرنسا علي سوريا والأجزاء المجاورة من جنوب شرق الأناضول ، بما في ذلك أنتيب ، وأورفة وماردين ، وقد أعلن بيت كيليكيا بما في ذلك أضنة وديار بكر وأجزاء كبيرة من أواسط شرق الأناضول على طول الطريق حتى الشمال إلى سيواس وتوكات أنهم منطقة النفوذ الفرنسي .

 

اليونان ” منطقة سيرنا “

لاحتلال منطقة سميرنا أنشأت الإدارة اليونانية يوم 21 مايو 1919، وأعقب ذلك إعلان أنها محمية في 30 يوليو 1922، نقلا عن المعاهدة “لممارسة حقوقها السياديه للبرلمان المحلي” ولكن تركت المنطقة تحت سيادة الإمبراطورية العثمانية ، ووفقا لأحكام المعاهدة ، وكانت سميرنا تدار من قبل البرلمان المحلي كما أنها أعطت أهل سميرنا فرصة الأستفتاء بعد خمس سنوات على ما إذا كانوا يرغبون في الانضمام إلى اليونان في مقابل الأجزاء المتبقية من الإمبراطورية العثمانية وسيشرف علي هذا الاستفتاء عصبة الأمم ، وقبلت الإدارة اليونانية المعاهدة ، إلا أن المنطقة ظلت تحت السيادة التركية .

 

إيطاليا “منطقة نفوذ “

وأكدت إيطاليا أن جزر دوديكانيز في حوزتها ” وبالفعل هي تحت الاحتلال الإيطالي منذ الحرب الإيطالية التركية خلال عام 1911-1912، على الرغم من أن معاهدة Ouchy كانت تنص على أن إيطاليا اضطرت لإعادة الجزر إلى الإمبراطورية العثمانية ” ، وأعلنت أن أجزاء كبيرة من جنوب وغرب الأناضول الوسطى التي ” على ساحل البحر المتوسط في تركيا ، وإينلندس” بما في ذلك ميناء أنطاقيا وعاصمة السلاجقة التاريخي ، كونيا منطقة ذات النفوذ الإيطالي ، وعدت مقاطعة أنطاقيا من قبل الحلف الثلاثي إلى إيطاليا في معاهدة لندن ، والسلطات الاستعمارية الإيطالية تسعي للمنطقة لتصبح مستعمرة إيطالية تحت اسم يكية .

 

كردستان :

وكان من المقرر أن يكون هناك استفتاء لتقرير مصيرها ، وفقا للباب الثالث للمواد 62-64 ، والتي تشمل محافظة الموصل وإقليم كردستان .

ولم يكن هناك اتفاق عام بين الأكراد على ما ينبغي أن تكون حدودها بسبب التفاوت بين مناطق التسوية الكردية والحدود السياسية والإدارية في المنطقة ، واقترحت الخطوط العريضة لكردستان ككيان في عام 1919 من قبل شريف باشا ، الذي يمثل جمعية الصعود لكردستان في مؤتمر باريس للسلام ، وتم الاتفاق على الحدود العراقية التركية الحالية في يوليو 1926.

ليلا حسن

المنابع:صحف ومواقع

محرر الموقع : 2022 - 08 - 11