تأثير أزمة غزة على الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا
    

 

 

 

ان حرب غزة قضية معقدة، ومعظم الأطراف تقوم بتقييم الوضع واتخاذ القرارات بعد تجاوز صدمة المفاجأة الأولية. ومن المواضيع التي يمكن أن تساعد في فهم جانب واحد من موقف الدول والتنبؤ بالتطورات المستقبلية، هي قضية تأثيرات هذه الحرب على الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا وال÷ي أسدل الستار عنه في قمة مجموعة العشرين في سبتمبر في الهند ووصفه كثيرون بأنه أحد عوامل تغيير قواعد اللعبة في غرب آسيا (والعالم)، وتحدثوا عن ولادة شرق أوسط جديد. تعتبر عملية حماس ورد فعل النظام الإسرائيلي عقبة رئيسية أمام الديناميكيات الجديدة في الشرق الأوسط، بما في ذلك IMAC.

ان الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا في المقام الأول خطة مناهضة للصين ستتأثر بها، بالإضافة إلى الصين، دول مثل مصر وروسيا وتركيا والعراق وباكستان وإيران وسوريا وقطر، بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن ناحية أخرى، ستتأثر بها دول أخرى. 

وتعتبر مجموعة من الدول منها أمريكا والهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية واليونان وإيطاليا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي شركاء رسميين أو غير رسميين لها. ويعد هذا الممر في المقام الأول منافسا لمبادرة الحزام والطريق الصينية، التي يمر طريقها البحري عبر قناة السويس ويمر طريقها البري عبر نفس الطريق التاريخي تقريبا مثل طريق الحرير.

المنافسة الاستراتيجية

 وتعتبر الولايات المتحدة والهند، بسبب المنافسة الاستراتيجية بينهما والخلافات الحدودية والسياسية العميقة مع الصين، من المعارضين الرئيسيين لمبادرة الحزام والطريق، ويعد الممر مبادرة مشتركة للحد من هذه الخطة الصينية.

بالإضافة إلى ذلك، حاولت أمريكا في العقدين الأخيرين تشجيع دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ومناطق أخرى على توسيع علاقاتها مع الهند بدلا من الصين، وذلك من خلال تقديم الهند كقوة آسيوية ناشئة. تشمل الطرق الأخرى التي سيتأثر بالممر، طريق الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني (الطريق من الصين إلى ميناء جوادر الباكستاني)، والقناة الجافة (الطريق الذي يربط ميناء الفاو العراقي بأوروبا عبر تركيا وربما سوريا)، والقنوات الشمالية والمتوسطة للصين وأوروبا وإلى حد ما الممر الشمالي الجنوبي و.

ان أحد المستفيدين الرئيسيين من الممر هو النظام الإسرائيلي، الذي، بالإضافة إلى دفع مشروع تطبيع العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، سيحول ميناء حيفا إلى أحد محاور العبور والبحرية المهمة بمساعدة الاستثمارات الكبيرة لشركة أداني الهندية. ستزيد اليونان والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيطاليا والأردن ودول أخرى على طول الطريق من أهميتها ووزنها الاستراتيجي بعامل مهم من خلال المشاركة في الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

الآثار السلبية لحرب غزة على الممر

لكن الآثار السلبية لحرب غزة الأخيرة على الممر كبيرة جدا ويمكن أن تلغي المشروع بأكمله. إن موقف العديد من الدول المرتبطة بالـممر فيما يتعلق بالتطورات في غزة كان وسيظل متأثرا بمقارباتهم حول مستقبل الممر.

 كانت النتيجة الأولى للتطورات الأخيرة في غزة هي تقديم ميناء حيفا كميناء غير آمن. في إعلان الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا وميناء حيفا، تم ذكر اغلاق قناة السويس لمدة ستة أيام بسبب جنوح سفينة حاويات كبيرة في عام 2021، مما ألحق أضرارا بالغة بعمليات النقل والتجارة العالمية، وفي بند واحد فقط كان التعويضات التي طلبتها الشركة المصرية، تبلغ قيمة مدير قناة السويس نحو مليار دولار، والتي وافقت أخيرا على دفع 550 مليون دولار مع السفينة. كان هذا التعويض جزءا صغيرا من إجمالي الأضرار التي تم تحقيقها، وكانت أهم قوة الممر هي أمن وموثوقية ميناء حيفا مقارنة بقناة السويس. 

إن عمليات غزة وإلغاء عدد كبير من الرحلات الجوية وعمليات النقل في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، دفعت العديد من المستثمرين إلى إعادة التفكير في هذه القضية. 

يمكن اعتبار أحد أسباب الموقف الأحادي لرئيس الوزراء الهندي بإعلان التضامن مع النظام الإسرائيلي ووصف عمليات حماس بأنها إرهابية، نتيجة غضبه من تأثير هذا الإجراء على الممر وكذلك الاستثمار الضخم لشركة أداني الهندية في موانئ حيفا واليونان. في المقابل، اتخذت الصين، التي حاولت اتخاذ موقف محايد في أحداث مماثلة، موقفا أكثر إيجابية من المعتاد لصالح حماس والشعب الفلسطيني، سواء على الساحة الرسمية أو الإعلامية، وهو ما يمكن أن يعزى إلى رضاه عن استمرار عملية حماس لكونها تعرقل انجاز الممر.

ومصر، التي تنظر إلى الممر كمنافس وبديل لقناة السويس، غير راضية عن حقيقة أن الممر لا يمر عبر مصر، لا ترفض فكرة نجاح حماس.

أهمية مصر

وتكمن أهمية مصر في أن معبر رفح هو شريان الحياة لغزة، ومن المستحيل عمليا حصار غزة دون إغلاق رفح. يمكن أن يكون سبب الهجوم الإسرائيلي وقصف رفح هو أن النظام الإسرائيلي متأكد من أن مصر لن تتعاون حقا مع حصار غزة هذه المرة بسبب الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

ان موقف الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران وباكستان والعراق وقطر والأردن وسوريا وغيرهم من اللاعبين الإقليميين وغير الإقليميين المهمين، رغم أنهم اعتمدوا على مواقفهم التقليدية، لكن يمكن قراءة مما بين السطور نسبة التغيير وخاصة فيما يتعلق بوقف فوري أو غير فوري لإطلاق النار، وفقا لمواقفهم من الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

ملخص القول وعلى الرغم من أن عمليات حماس كانت عملا مستقلا ونتجت عن تراكم القمع المتزايد والصريح للنظام الإسرائيلي، فإن أحد العوامل المؤثرة على الطريقة التي تتخذ بها الدول موقفا اعلاميا أو عمليا هو مواقفهم تجاه الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، هذا ويمكن أن تكون مسألة استمرار هذه المعركة أو تحديد مصيرها أمرا مهما وحاسما.

المصدر: موقع ديبلماسي إيراني

 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 10 - 20